عبير محمد:
لماذا تغيب الموسيقا بشكل عام، عن مختلف مراحل الدراسة، وتجيير دروسها، لصالح بعض المواد “كالرياضيات، واللغة الانكليزية، والعربية ” هل لاعتقاد الإدارات المدرسية، انها أكثر أهمية، وبالتالي هل يدرك القائمون على وضع المناهج، وتقسيم الحصص الدراسية، خطورة غياب مادة الموسيقا.؟
في مجلة (نيتشر ريفيوز) المتخصصة بنشر الأبحاث العلمية، عبَّر باحثون عن قلقهم الشديد، إزاء غياب الموسيقا وتنمية مهارات الاستماع إليها، مؤكدين أن التضحية بالأغاني والموسيقا من أجل تدريس مواد أخرى، قد يؤثر في المدى الطويل، على الأداء الأكاديمي للطلاب، فتطور الدماغ السمعية تقل، و بالتالي تنعدم لدى الأطفال الذائقة الموسيقية.
إن الاستماع للموسيقا والغناء وتعلم التأليف الموسيقي، يدعم المهارات الأساسية للطفل ويحفز لديه الذكاء العاطفي، مثل بقية العلوم الأخرى، لذلك لا يمكننا الهروب من إعطاء جميع الأطفال فرصاً متساوية لتنمية مهاراتهم الموسيقية في سن مبكرة ، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه سوى في المدرسة.
ربما لو ذكرنا البحث الذي أجرته جامعة كاليفورنيا على مجموعتين من الأطفال، لعرفنا أثر الموسيقا أيضا، حيث قام الباحثون بإجراء اختبار على مجموعتين من الأطفال، ليتبينوا أن المجموعة التي استمعت إلى موتزارت حققت نتائح أفضل في اختبارات الذكاء من المجموعة التي لم تستمع.
هذا البحث أدى إلى توسيع الموضوع بشكل كبير، في الإعلام والصحافة، لتنشأ فيما بعد الأسطورة القائلة بأن الاستماع إلى موتزارت وشوبان، يحفز دماغ الأطفال ويساعدهم على التطور، كما أنهم يستمرون في الأداء بشكل أفضل لعدة دقائق بعد استماعهم لموسيقا موتزارت، ويبقى ذاك التأثير ممتد لوقت طويل.
ومن خلال الاهتمام بأمثال هذه الأبحاث درج الاستماع إلى موسيقا شوبان وبيتهوفن في المستشفيات لقدرة الموسيقا على لعب دور علاجي ونفسي، من هنا، لابد لنا أن نركز على تنمية مهارات الموسيقا لدى الأطفال، لما لها من قدرة على تعزيز وتنمية الحس العاطفي.
فهناك أبعاد أخرى لا تقل أهمية عن كل ما سبق، باعتبار الموسيقا تشيع جوا من الفرح بين الأطفال، لما لها من تأثير على المراكز الحسية والحركية لديهم، كما تحفز على خلق الألفة والمودة بين المجموعة الواحدة، فالطفل الذي يستمع للموسيقا بشكل مستمر يبدي سلوكاً هادئاً مع الأطفال الآخرين، ومع مدرسيه.
بالإضافة إلى أنها تساعد على إفراز هرمونات مهدئة للمراكز العصبية الحية التي تؤثر بدورها على الانضباط السلوكي لدى الطفل، كما أن مهارات الاستماع إلى الموسيقا تحفز أطفالنا على التعايش الودي مع بعضهم البعض، وتخلق لديهم عالماً هادئاً ومريحاً، يبعدهم عن ضجيج الحياة وضوضائها، الأمر الذي ينمي لديهم ما يسمى بالذكاء العاطفي الذي يعزز حالة السلم الروحي والاجتماعي بين المجموعات المختلفة للبشر.
إذاً لابد من تهيئة الأجواء المناسبة للاهتمام بالموسيقا، دون تلك الاتهامات التي تقول: إن الظرف والوقت غير مناسبين، على العكس، الاهتمام بالتعليم الموسيقي يملأ الفراغ الذهني لدى الأطفال، ويوجهه نحو السلوك الخلاق، وينمي الإحساس العاطفي الإنساني لديه، ويبعده عن السلوك العدواني.
أخيراً يمكن القول إن الموسيقا تعزز الذكاء الاجتماعي والعاطفي، الذي يضبط ردود أفعال الطفل في الحياة تجاه كل المشاكل التي تواجهه في حياته اليومية
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة