آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » ذاك اليوم المظلم

ذاك اليوم المظلم

ثناء أبو دقن :

الزمان : 12 تموز 2012
المكان : داريا
رن هاتفي صباح ذاك اليوم وعلى الطرف الآخر زميلنا وليد الرقشة يسألني وبتكليف من المدير العام آنذاك عن زميلنا المصور الصحفي إحسان البني إن كنت أعرف أي شيء عنه كوني جارته وأسكن ذات المبنى ، بصوت ملدوع “خير شو صاير لإحسان ”
تم اغتياله في داريا ، تجمدت أصابعي الممسكة بالهاتف ،
جاءني الخبر صادماً كدوي انفجار جعل من الدنيا صمتاً قاتلاً .
– جثمانه الآن في المشفى الوطني وعليكي مساعدتنا لإخراجه من هناك .. فداريا شبه مغلقة وعلينا واجب دفنه بشكل لائق .
كان علي أن أتصرف بسرعة ودقة وحذر ، وأطرافي متخشبة ، فيما نفسي حائرة بكل شيء ..
لم أصدق أي شيء رغم كل التأكيدات ..
لم أستوعب أن ذاك الزميل والأخ والصديق والجار الخلوق ، لم يعد حياً .
كل الأسئلة انسكبت دفعة واحدة في رأسي
كيف اغتيل ؟ .. لماذا ؟ .. من اغتاله ؟ .. لأي هدف ؟
كل ما أذكره أنه قبل الحادث بيوم واحد وفي وقت متأخر من الليل سألتني زوجته أن إحسان تأخر بالعودة إلى البيت وهذا ليس من عادته وجواله مغلق ، حاولت طمأنتها ، إلا أنني ضمنياً كنت قلقة عليه فليس من عادته ألا يتصل بزوجته للاطمئنان على سلامة الطريق ، عند العودة من الجريدة مساءً .
غادرت بيتي على عجل ، كانت الشوارع خالية إلا من البعض ، تلك حالها في الآونة الأخيرة بعدما كانت شوارعها تضج بالناس والحركة والحياة ، وباتت خاوية مشحونة بالخوف والقلق والريبة .
كانت خطواتي تكاد تقفز باتجاه المشفى الذي تفصلني عنه دقائق قليلة ، إلا أنني كنت أشعر أن الزمن ثقيل مقيت ، فلا يمكنني ان أستعين بأي سيارة ، لأن المسلحين الدخلاء داخل المدينة فرضوا منع التجول بالسيارات إلا تلك المستخدمة من قبلهم .
فيما الإطارات الملتهبة مبعثرة في كل مكان ، و حاويات القمامة مقلوبة و محتوياتها منتشرة وسط الطرقات والمداخل ، فهذه عادتهم عند كل عصيان أو تمرد أو مظاهرة حتى باتت أصدق تسمية لثورتهم هي ثورة القمامة .
ولم يعد خافياً على أحد أن منع التجول ما هو الا لتمرير السلاح والمسلحين ونهب المحلات والبيوت والمستودعات .
وتصفية وقتل أشخاص تهمتهم الوحيدة أنهم موظفون أو عاملون بالجيش والدولة ، أو كل من تجرأ وعارضهم أو انتقدهم سراً أو علناً .
وفي أحيان كثيرة لتصفية حسابات شخصية عائلية بحتة كالميراث أو إنهاء خطوبة ليستعين بعض أطراف هذا النزاع بالمسلحين لقتل أو تعذيب الطرف الآخر .
كنت أسمع وأرى قصص التصفيات التي لا يتخيلها عقل ، وماكانت لتحدث لولا الفلتان الأمني الذي زرعه هؤلاء لنشر إجرامهم وانحطاط أخلاقهم وعقائدهم .
وصلت للمشفى أخيراً ورأيت جثمان الزميل العزيز ولم يصدق بصري وبصيرتي . ولا يمكن أن أنسى منظر عينيه الجاحظتين بشدة وتكاد تنفر من وجهه لقرب الرصاص الذي أتاه من خلف رأسه .
حملت الجثمان مع أخيه وأحد المساعدين ووضعناه في سيارة مكشوفة ( سوزوكي) دون تصديق لأي صورة ومشهد .
ولم يقطع ذهولي سوى عويل وصراخ المرأة المنكوبة بطفلتها ، دارين ابنة العشرة أعوام ، التي تصادف وجودها مع والدتها بالسرفيس الذي أقّل المرحوم إحسان حيث اعترض المسلحون السرفيس وقاموا بإنزال إحسان وقتله أمام الجميع ، وأطلقوا نيرانهم على وقع صراخ الركاب ، فاغتيلت تلك الطفلة أيضاً .
قتلوا إحسان البني لأنه كان مصوراً صحفياً يعمل في جريدة الثورة ويقوم بواجبه الوطني على أكمل وجه ضمن أسرته الإعلامية .
منذ البداية كانت المعركة في سورية معركة إعلامية قبل أي شيء آخر .
لذلك ارتقى العديد من الإعلاميين والصحافيين شهداء في هذا البلد وهم يحاولون إيصال الصورة الحقيقة عما يجري في بلدهم ، وفضح كل الكذب والتضليل الإعلامي ..

فمنذ البداية كان همُ أعداء سورية قتل كلمة الحق ومصادرة المنارة التي تضيء للعرب شطآنهم ..
منذ البداية كان الافتراء والكذب وتشويه الحقائق وسيلتهم القذرة .. لهذا قتلوا إحسان وبقية الإعلاميين السوريين والعرب ،
أولئك الذين حملوا أقلامهم وكاميراتهم ورفعوا الصوت عالياً بكلمات الحق جنباً إلى جنب مع بواسل جيشنا وقواتنا المسلحة ضد العصابات الإرهابية التكفيرية المرتزقة ، كشفوا المؤامرة وأسقطوا أقنعة داعمي الإرهاب ومموليه ما أغضب الملوك والأمراء وأسياد الظلام ، فكان استهداف الإعلام ورجاله الشرفاء بالاغتيال والخطف والتفجير وقذائف الموت

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...