سلمان عيسى
بعد ان كنا نقارن الاسعار في اسواقنا، مع الاسعار في الاسواق المجاورة ، صارت بعض الاطراف الحكومية تقارن الاسعار في السوق بأسعار السوق السوداء .. وكأن تلك المواد ( السوداء ) ليس مصدرها السوق المحلية ..؟
فبعد ان رفعت اللجنة الاقتصادية اسعار سماد اليوريا للمرة الثالثة هذا العام – و اصبح سعر الطن الواحد ٨ ملايين ليرة اي بزيادة وصلت الى ٢٦٦ % خلال عام واحد فقط .. والغريب ان كمية ال ٥٠ الف طن يوريا التي تعاقد المصرف الزراعي لاستيرادها هي مخصصة للقمح فقط ..وهي تكفي لنصف الموسم وتم الاتفاق على توريدها مقايضة بالفوسفات .. علما ان موسم القمح يحتاج هذا العام الى ١٠٠ الف طن من اليوريا ..
مدير المصارف الزراعية يصرح لاحدى الوسائل الاعلامية المحلية ان الاسعار التي اعتمدتها اللجنة الاقتصادية هي اقل من اسعار السوق السوداء، دون ان يوضح مصدر السماد الموجود بكثافة في السوق السوداء .. ودون ان يحدد تلك الاسعار متناسيا ان اسعار السوق السوداء تزداد طردا مع رفع الحكومة لاسعار اي مادة .. اي انه تغاضى عن القول، ان للحكومة دورا في رفع اسعار السوق السوداء لكل المواد وليس لمادة واحدة فقط ..
في تصريح سابق لوزارة المالية حول اسعار السماد تؤكد فيه لوزارة الزراعة والمصارف الزراعية انها ستقوم بدفع الخسائر التي ستترتب على بيع السماد حتى وفق هذه الاسعار المرتفعة، ما يعني انه لا دعم حتى الآن للسماد ولا صورة واضحة لسعر الكلفة .. بل في الغالب انه تجارة رابحة والعلم عند اللجنة الاقتصادية – خاصة ان هذه الصفقة ( ٥٠ الف طن يوريا ) هي مقايضة .. اما بقية ( سوبريات ) السماد المستورد فقد تم رفع سعرها بمعدل ثلاثة اضعاف خلال عام .. اي من مليونين ليرة للطن الى ستة ملايين
لا اعتقد ان عاقلا يعتبر هذه الاسعار تشكل دعما للزراعة .. او ان هذه الاسعار ستساهم في تقليص كميات القمح المستورد .. بل على العكس تماما فان هذه الاسعار قد تدفع الفلاحين الى ما يشبه الانتحار، كأن يزرعون القمح دون تسميده .. وهذه العملية نتائجها محسوبة من لحظة الزراعة .. الى وقت الحصاد، وقد شهدنا بعض الحالات المشابهة في اعوام سابقة وفي حقول متعددة ..
ركزنا حديثنا هنا عن اليوريا واسعارها لنصل الى حقيقة تعرفها العامة والحكومة واللجنة الاقتصادية ووزارة الزراعة والمصارف الزراعية والبحوث العلمية الزراعية واكثار البذار .. مفادها يختصر انتاج موسم كامل من الشقاء والتعب .. لا انتاج زراعيا يغطي الحاجة دون سماد .. ولا امكانية للفلاحين لشراء السماد بمضاعفة سعره ٢٦٦ مرة خلال عام ..؟!
الحكومة
اللجنة الاقتصادية
وزارة الزراعة وهيئاتها واداراتها ومراكز بحوثها ومصارفها .. ذنبكم على جنبكم .. ( فأي منقلب ) .. ينتظركم ..؟!
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ١)