أكدت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية أن الولايات المتحدة خسرت جميع رهاناتها ضد روسيا، وباءت محاولاتها استغلال أزمة أوكرانيا المفتعلة لإخضاع موسكو بالفشل، في حين أكدت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية أن الانقسامات الحزبية المتزايدة في الداخل الأميركي أدت إلى مزيد من تآكل مكانة الولايات المتحدة والثقة بها على الصعيد العالمي وفي أوساط حلفائها أيضاً.
وقالت صحيفة «غلوبال تايمز»: إن «الأداتين الرئيسيتين للولايات المتحدة وحلفائها لسحق البلدان التي تجرؤ على تحدي هيمنتها هما القوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية»، موضحة أن استغلال واشنطن أزمة أوكرانيا المفتعلة وتوجيهها ضد روسيا لم ينجح سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية.
وبينت الصحيفة أن القوات الروسية تمتلك قدرات كبيرة وإمكاناتها الصناعية هائلة، لكن تداعيات الأزمة الأوكرانية وإصرار واشنطن على الاستمرار بتأجيجها عبر مواصلة تسليح النظام في كييف تؤثر بشكل رئيسي في أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المقامرة الغربية بتزويد أوكرانيا بالأسلحة ورغم أنها عادت بأرباح هائلة على صناعة الحرب الأميركية إلا أنها بدأت تؤثر في القدرات الصناعية لدول حلف شمال الأطلسي «ناتو»، وحسب دراسة أجراها مركز الدراسات الدولية الإستراتيجية مؤخراً فإن مخزون الصواريخ الأميركية بدأ ينفد بالفعل، بينما تؤكد محاولات المستشار الألماني أولاف شولتس الأخيرة لإقناع دول أميركا اللاتينية بإرسال ذخيرة إلى أوكرانيا التي قوبلت برفض جماعي من رؤساء هذه الدول، الصعوبات المتزايدة التي يواجهها الحلف بسبب انصياعه لأوامر واشنطن والاستمرار بتسليح كييف.
ولفتت «غلوبال تايمز» إلى أنه من الناحية الاقتصادية وعلى الرغم من العدد غير المسبوق للعقوبات المفروضة عليها إلا أن روسيا وحتى مع احتياطاتها الدولية المجمدة لم تعان بقدر ما توقعه الغرب، وفي عام 2022 تقلص ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 2 بالمئة فقط، بينما إجمالي الناتج المحلي للبلدان التي تطبق حالياً عقوبات على روسيا لا يمثل سوى 25 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مشيرة إلى أن الصين زادت تجارتها مع روسيا بنسبة 34.3 بالمئة عام 2022 إلى 190 مليار دولار، وأصبحت الهند أكبر مشتر للنفط الروسي.
وأضافت الصحيفة: إن روسيا أمضت سنوات طويلة في الاستعداد لمزيد من الهجمات الاقتصادية عليها، وبدأت منذ عام 2008 بإعداد إستراتيجيات مضادة في حال توجيه عقوبات جديدة ضدها، مؤكدة أن الولايات المتحدة غير قادرة على التأثير بسهولة على دولة مثل روسيا لديها كمية هائلة من الموارد الطبيعية الإستراتيجية، وتنتج الكثير من الأغذية والأسمدة ولديها مثل هذه الصناعة القوية.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من الحملات الدعائية الضخمة والمتواصلة من واشنطن وحلفائها لشيطنة روسيا وقلب الحقائق فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا إلا أن أعداداً متزايدة من المواطنين الأوروبيين والأميركيين يريدون إنهاء النزاع.
ولفتت «غلوبال تايمز» إلى سعي روسيا المتواصل لحل الأزمة وإنهاء النزاع في الوقت الذي تتحدث فيه الدول الغربية باستمرار عن الحاجة لمواصلة الأعمال العدائية وزيادة إمدادات الأسلحة وتدريب مقاتلي القوات الأوكرانية على أراضيها.
في غضون ذلك، أكدت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية أن الانقسامات الحزبية السامة والمتزايدة في الداخل الأميركي أدت إلى مزيد من تآكل مكانة الولايات المتحدة والثقة بها على الصعيد العالمي، وفي أوساط حلفائها أنفسهم.
واعتبرت المجلة أن النظام القائم على القواعد العالمية والأسواق الحرة والمزاعم الأميركية بالتمسك بكليهما آخذ بالتآكل فعلياً على المستوى العالمي، مشيرة إلى أن إخفاق الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان البلدين اللذين شنت واشنطن عليهما حرباً استمرت عقودا طويلة بزعم القضاء على الإرهاب، إضافة إلى أن الأزمة المالية في الفترة ما بين 2007 و2009 وتداعياتها على الأسواق زعزع موقع أميركا عالمياً، ودفع بلداناً كثيرة بما فيها شركاء واشنطن أنفسهم إلى عدم الانصياع بشكل كامل لسياساتها، ولاسيما ما يتعلق بالعقوبات والإجراءات الأحادية التي تفرضها على دول عدة.
ولفتت المجلة إلى أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن استمر منذ وصوله إلى البيت الأبيض عام 2021 في إستراتيجية الإبقاء على الهيمنة الأميركية، واندرج تحت هذه الإستراتيجية الدعم الأميركي المتواصل لأوكرانيا، معتبرة أن النزعة الاقتصادية الأميركية التي لا يمكن التنبؤ بها وعدم استعداد واشنطن لإتاحة الوصول إلى أسواقها يقوض نفوذها، حيث تخشى أوروبا أن يؤدي تصعيد التوترات مع الصين إلى إلحاق أضرار جسيمة بالأوروبيين أنفسهم.
وبينت المجلة أن رؤية بايدن الاقتصادية المعزولة قد تؤدي في النهاية إلى تآكل مستويات الحياة داخل الولايات المتحدة، وتلاشي النفوذ الأميركي.
سيرياهوم نيوز1-الوطن