العقد التي سبق لرئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب أن وضعها في طريق تأليف حكومته بقطع التفاوض مع القوى السياسية، ما زالت قائمة. الخرق الوحيد تمثل في استئناف الفرنسيين نشاطهم لرفد مبادرتهم بعد زيارة المدير العام للأمن العام لباريس. لكن يبدو أن أديب والفرنسيين يستمران في التصرف كما لو أن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة باتت بحكم الملغاة!
كل ما سبق يرجّح أن مشهد الجمود الذي يراوح مكانه منذ أسبوع، مستمر… إلا إذا استعاد الفرنسيون نشاطهم لإعطاء مبادرتهم دفعاً جديداً. وثمة إشارات توحي بأن ذلك ما حصل. فزيارة المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم لباريس ولقائه رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسية الخارجية برنار إيميه، حققت خرقاً في طريق التأليف الوعرة. وعليه استأنفت الإليزيه جولة مشاوراتها مع القوى السياسية اللبنانية. ومن المتوقع أن يصل وفد فرنسي الى بيروت على رأس مهامه السير بمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى خواتيمها السعيدة وخلال مهلة قصيرة. في غضون ذلك، هناك من يتحدث عن نية أميركية دفينة بوضع العصي أمام التقدم الفرنسي، ولو أنها تسعى لإظهار العكس ببعض التصريحات بشأن الأهداف الواحدة بينها وبين باريس في لبنان. أول تجليات هذه العرقلة كان بزيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر الى لبنان سريعاً بعد ماكرون وتحريضه بعض هيئات المجتمع المدني على إعادة إشعال الحرب مع الأحزاب السياسية، ولا سيما التيار الوطني الحر وحزب الله. ولما فشل هؤلاء في مهمتهم، انتقلت الولايات المتحدة الى الخطة ب، فاستعجلت إصدار عقوبات بحق المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، علي حسن خليل، ووزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس، وهو إحدى حلقات الوصل الموثوقة بين الحريري وحزب الله.
قاسم: حزب الله يرفض أن تكون الحكومة المقبلة من المستقلين
حصل ذلك في اللحظة التي وُضع فيها موضوع مداورة الحقائب على طاولة البحث، قابله تمسك بري بالمالية لأنها تضمن «التوقيع الشيعي الثالث». فهل العقوبات معطوفة على العراقيل السياسية بمثابة صفعة للمبادرة الفرنسية؟ كلام نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يشي بذلك. فقد أكد الأخير في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» أن «السياسية الأميركية تهدف الى إبقاء لبنان تحت الضغط»، مشيراً الى أنه «عندما وافق الاميركيون على المبادرة الفرنسية كان بهدف منع الانهيار. من غير المتوقع أن تتم الموافقة الاميركية على هذه المبادرة إذا تحولت الى مسار سياسي».
وبحسب قاسم، «قد نجد في لحظة ما أن المبادرة الفرنسية قد تعرقلت بسبب ضغط الولايات المتحدة»، معلناً رفض «حزب الله أن تكون الحكومة المقبلة من المستقلين». فقد سبق أن «تمت تجربة حكومة التكنوقراط، وتبيّن أنها بحاجة الى دعم سياسي لتقويتها. نحن مع حكومة تجمع أكبر قدر ممكن من القوى السياسية في لبنان، وأن تكون مطعّمة بالسياسة والتكنوقراط أو الاختصاص، لكن الشكل التفصيلي رهن بالحوارات القائمة مع رئيس الحكومة». من جهة أخرى، علّق قاسم على العقوبات الأميركية واضعاً إياها في إطار «الاعتداء الموصوف ومحاولة فاشلة لتركيع لبنان وتغيير المعادلة السياسية فيه. فعندما عجزت أميركا عن الاستفادة من العملاء لجأت الى سياسة العقوبات». وتوجه الى الأميركيين قائلاً إن «عليهم أن يعرفوا أن العقوبات على أي شخصية أو كيان في لبنان لن تغيّر من سياسة الشعب اللبناني بتحرير أرضه».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)