قصي رزوق
تعبق رائحة الغار في أزقة وحارات حلب القديمة التي توطنت فيها صناعة صابون الغار عبر التاريخ وانفردت عن غيرها من المدن بهذه الحرفة اليدوية التي برع الحلبيون بها ونقشوا اختامهم على قطع الصابون المتراصفة تحت قباب مصابنها العريقة لتحمل هوية وتميز صناعها الذين توارثوا هذه المهنة عبر الأجداد حتى تكنوا بها وصبغت عائلاتهم باسمائها.
وفي باب النصر وعبر شارع عتيق مقبي بأقواس حجرية تسمع جلبة وأصوات العمال في دار قديمة أعدت لتكون منشأة لصناعة الصابون هي مصبنة الزنابيلي حيث تتم عمليات تحضير وسكب مادة صابون الغار وتقطيعها وتنشيفها لتكون بعد أشهر جاهزة للتوزيع وجواز سفر للتعريف بهذه الصناعة العريقة.
صفوان زنابيلي صاحب المنشأة ورث المهنة عن أبيه وأجداده وأتقنها واستمر في الإنتاج لسنين طويلة ليتوقف قسراً خلال فترة الحرب حيث تضررت منشأته جراء الإرهاب ليعود بعد تحرير المنطقة على أيدي أبطال الجيش العربي السوري لمصبنته بعد ترميمها لتبدأ فيها حركة الإنتاج من جديد.
وترتكز صناعة صابون الغار وفق ما أوضح زنابيلي لمراسل سانا على مجموعة مواد أولية هي ماءات الصوديوم وزيت المطراف الناتج عن زيت الزيتون ومادة زيت الغار الطبيعي حيث يتم تذويب ماءات الصوديوم في قدر كبير وتمديدها بالماء لتفقد خاصيتها الحارقة وإضافة زيت المطراف إليها على مراحل وتشغيل الحراقات تحت القدر لرفع درجة الحرارة حتى الغليان مع التحريك المتواصل عبر محرك هيدروليكي داخل القدر لتتم عملية المزج الكيميائي والوصول إلى التصبن.
وتابع.. بعدها تتم إضافة زيت الغار الطبيعي ثم ضخ الصابون السائل اللزج وفرشه على مسطحات مستوية تحت أسقف القباب الحجرية وعزله عن الأرض باستخدام النايلون لحفظه من الشوائب ويترك لنحو عشر ساعات حتى يجف تليها عملية التقطيع اليدوي باستخدام الجوزة وهي ألة خشبية لها مسننات يتم التحكم بها وفق أحجام الصابون المنتج الطويل أو المربع.
ولفت زنابيلي إلى أنه بعد عملية التقطيع يترك الصابون نحو 48 ساعة لتتم عملية توزيع المنتج على شكل هرمي وترك فتحات تهوية ويبقى الصابون حتى فصل الصيف وبعد أن يجف تتم عملية التعبئة والبيع بالأسواق مشيراً إلى أن جو حلب الجاف وتوفر المواد الأولية الداخلة في التصنيع أسهما بشكل كبير في تميز صناعة الصابون فيها ووصول منتجاتها لكثير من الدول.
كاميرا سانا رصدت عملية صناعة الصابون اليدوية بالمنشأة حيث تحدث العامل عمر علوش الذي واظب على عمليات تحريك خلطة الصابون أثناء تحضيرها في القدر الكبير عن مقادير كل خلطة والبالغة 600 كغ من مادة القطرونة و4250 كغ من الزيت مبيناً أنه يحركها حتى درجة الغليان ويتركها لفترات ويغليها مرة أخرى حتى تنضج وفي اليوم الثاني يضيف زيت الغار على مراحل بعد ترقيد الماء عنها.
العامل أحمد صابوني تحدث عن خبرته في العمل الذي أمضى فيه أكثر من 42 عاماً حتى طغت صفة صنعة الصابون على اسم عائلته مشيراً إلى أن عمليات تقطيع الصابون اليدوي تتم بعد وضع المادة منذ الصباح الباكر على أرض مستوية ثم تختيمها يدوياً بواسطة الختم المعدني حيث تترك لمدة يومين تتم بعدها عمليات جمع الصابون ويبقى حتى الصيف كي يجف.
سيرياهوم نيوز 6 – سانا