آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » رائدات بين العرب وجوههنَّ أنارت القرن العشرين

رائدات بين العرب وجوههنَّ أنارت القرن العشرين

 

فتحية عجلان

 

في زوايا الزمن، حيث تُحفر الأسماء على صفحات الإبداع والمسؤولية الفعليّة، كانت المرأةُ العربيّة دائمًا ريشةً ترسم بهدوء ملامح التغيير، وصوتاً يهمس في أذنِ المستقبل أن الحلم لا يعرف حدوداً. منذ عقود، كانت النساء العربيات في قلب النهضة، يخُضن معارك النور في وجه ظلمات التهميش، ويُثبتن أن إرادة العقل والروح أقوى من قيود العُرف والتقاليد.

 

في شوارع مصر، حيث كانت العقول تُغلف بالقيود، أطلقت هدى شعراوي شرارة النضال النسويّ وخرجت ثائرةً، تُحطم جدران الصمت، وتنادي بحرية المرأة كحقٍ أصيل لا يُمنح، بل يُنتزع انتزاعًا. كانت أوّل من أطلقت فكرة تحرير المرأة وأسست “الاتحاد النسائي المصري”، واضعةً اللبنة الأولى لمسيرةٍ طويلة من النضال. لم تكن مجرد ناشطة، بل حلماً يتمشى على أرض الواقع، يوقظ العقول ويُشعل القلوب.

 

 

 

 

 

هدى شعراوي

 

 

 

وفي زوايا الأدب العربي، كانت مي زيادة زهرةً استثنائية، تنثر عبير أفكارها في كل محفل. هذه الكاتبة والمفكرة اللبنانية لم تكن مجرّد صوت أدبيّ، بل ثورة ثقافية أنثوية. في صالونها الأدبيّ، احتشد أعلام الفكر والأدب، يستمعون إلى امرأة لم تكن تكتب فحسب، بل كانت ترسم خارطة جديدة لنهضة المرأة العربية. ببلاغتها، صنعت لنفسها مكاناً وازناً بين الكبار، وأثبتت أن الفكر لا يعترف بجنسٍ أو هوية، بل بالعقل المتقد والشغف العميق.

 

في الإمارات كانت أيضاً عوشة السويدي، التي عرفها الناس باسم “فتاة العرب”. لم تكن السويدي مجرّد شاعرة، بل صوتاً نابضاً يحاكي الروح الخليجية بصدق وإحساس، نسجت من الكلمات قناديل تُضيء درب الشعر النبطيّ، لتصبح ملهمة للأجيال ومحافظة على إرث ثقافي خالد.

 

مع نورا الرهيط، فُتحت الأبواب المغلقة أمام الفتيات السعوديّات. حاملت راية المعرفة، أدركت الرهيط أن نهضة المجتمعات تبدأ من دفاتر المدارس، فكانت حجر الأساس في بناء جيل متعلّم وواعٍ.

 

أما روز اليوسف، فقد قلبت موازين الصحافة العربية، فكانت الرائدة من مصر التي أسّست واحدة من أهم المجلات السياسية والثقافية، فجعلت من القلم سيفاً للحقّ ومن الفكر منبراً لا يخاف مواجهة الجهل والتسلّط الأعمى.

 

 

 

 

 

روز اليوسف

 

 

 

ومن اوراق الصحف الى الشاشة حيث الكلمة سلاحٌ والتعبير مسؤولية، وقفت فتحية عجلان أمام الكاميرا، صوتًا ووجهًا للمرأة البحرينية، من أوائل من خطون بثبات في هذا المجال، فساهمت في كسر الحواجز، ومنحت الإعلام النسائي أفقًا جديدًا.

 

في كل حكاية من هذه الحكايات، خيط مشترك: الإيمان بأن المرأة العربية، وإن أرادت، فهي روح المجتمع وقوّته، وذاكرته الحيّة. عبر الأدب، والعلم، والإعلام، والسياسة، أثبتت أنها هي من تصنع فرصتها وهي بالطبيعة لا تنافس الرجل ولا هو معركتها بل هي في منافسة مع الاعراف البالية والمستحيل.

 

المرأة ليست كيانًا يحتاج إلى من يمنحه القوّة ولا الى معايير تمثيلية تقذّم دورها وإمكاناتها، بل هي قوّة تحتاج فقط إلى فضاءٍ تتحرّك فيه وهي من يمكنه ان يرسم هذا الفضاء. كم من امرأة عظيمة لم تُكتب حكايتها بعد؟ وكم من حلمٍ ينتظر امرأةً جريئةً تلتقطه من هامش التاريخ، وتجعله عنواناً جديداً لمستقبلٍ أكثر إشراقاً؟

 

اخبار سوريا الوطن١- الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“متحف فابر” يحتفي بمئويته الثانية مكرِّماً بيار سولاج

“متحف فابر” يكرّم بيار سولاج بـ120 عملاً في ذكرى تأسيسه. يحتفل “متحف فابر” في مونبلييه (جنوب فرنسا) بالمئوية الثانية لتأسيسه بمعرض استعادي لأعمال الرسام بيار ...