زياد غصن
في خضم الحديث الدائر حالياً عن التوجه لمحاسبة بعض المسؤولين، فإن ما ينتظره الشارع في هذا الملف يتجاوز بكثير حدود المقاربة الحكومية والمجتمعية المعتادة منذ عدة سنوات.
بداية لابد من التوضيح أن هناك شرطين أساسيين لنجاح أي خطوة في مشروع مكافحة الفساد
الشرط الأول ألا تكون الخطوة انتقائية أو محدودة.. بمعنى ألا تتم محاسبة مسؤول واحد بعينه فقط، وغض الطرف عن عشرات المسؤولين الآخرين المتهمين بارتكاب مخالفات وتجاوزات قد تكون أفظع.
وهذا ربما ما شجع بعض المسؤولين على الانخراط في شبكات الفساد، فما دامت نسبة الخضوع للمحاسبة تبدو عملياً ضئيلة جداً، فإنه من الطبيعي أن تكون نسبة الجنوح لدى الإنسان أكبر.
لكن مع تعمق ظاهرة الفساد وتحولها إلى ثقافة عمل خلال فترة الحرب، فإن هناك تساؤلات شعبية تصل إلى حد الإحباط عن مدى قدرة المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد على محاسبة جميع الفاسدين على اختلاف وظائفهم ومناصبهم، بعيداً عن أي استثناءات أو اعتبارات معينة.
والمقولة الشعبية التي تتردد على ألسنة الكثيرين عند شيوع خبر ملاحقة فاسد ما تقول: “مين ولو مين بدهم يحاسبوا”.
قد يساعد الشرط الثاني، المتعلق باستمرارية الخطوة وديمومتها على تنفيذ الشرط الأول، إذ إن مكافحة الفساد لا يمكن أن تكون طفرة أو مرتبطة بزمن محدد، فاستمرارية العملية تكفل تحقيق عدة أهداف من بينها: إرساء ثقافة المحاسبة، وشمول المحاسبة الجميع، سواء ممن لايزالون على رأس عملهم أو ممن تركوا مناصبهم ووظائفهم.
عندما يتحقق هذان الشرطان، فإن عملية المحاسبة ستكون مدعومة شعبياً، مؤثرة مؤسساتياً، ذات أثر مالي وإداري كبير، ورادعة بطريقة أو بأخرى.
وغير ذلك، فإن أي خطوة محاسبة ستكون بلا جدوى رسمياً وشعبياً، وهناك تجارب كثيرة سواء على المستوى الحكومي أو المؤسساتي…
فمثلاً…. إعفاء مدير عام لمؤسسة وتحويله إلى القضاء بتهم فساد لا يغير شيئاً من الصورة الذهنية المرتسمة عن بعض المؤسسات، والتي ستبقى بنظر المواطنين مجرد مؤسسات فاسدة لعاملين اثنين: استمرار مظاهر الفساد فيها، وبقاء معظم الفاسدين في مناصبهم ووظائفهم وإن جرى تغير الإدارات.
إذاً ثقة الناس بجدية المحاسبة تأتي من… عدم استثنائيتها بالهدف والوقت.
(سيرياهوم نيوز 1-شام إف إم)