آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » رحل سليم الحص.. رحل الضمير العربي الحي سليم الحص.. هكذا عرفته وهاكذا تعاونت معه طوال هذه الفترة بين تعيينه رئيسا للوزراء ووفاته

رحل سليم الحص.. رحل الضمير العربي الحي سليم الحص.. هكذا عرفته وهاكذا تعاونت معه طوال هذه الفترة بين تعيينه رئيسا للوزراء ووفاته

بسام ابو شريف

التاسع من ديسمبر عام 1976 كان يوم خميس. وكان هذا اليوم هو اول ايام تنصيب الدكتور سليم الحص رئيسا لوزراء لبنان.

جائني الصديق والرفيق سميح البابا وكان من اوائل الرعيل الاول لحركة القوميين العرب في الساحة اللبنانية وكان اهتمامه منصبا باستمرار على النواحي الثقافية العربية والاخلاق العربية الحميدة وكان نشطا في النادي الثقافي العربي وفي تاسيس اول معرض للكتاب العربي وهما مشروعان من مشاريع حركة القوميين العرب التي كان قد اسسها الدكتور جورج حبش ومجموعة من المناضلين العرب منهم الدكتور وديع حداد والدكتور احمد الخطيب من الكويت وآخرون من العراق والمناضل هاني الهندي من سوريا وآخرون من العراق واليمن وبلدان عربية اخرى وسألني الاخ والصديق سميح البابا رحمه الله ان كنت تعرفت على الدكتور سليم الحص فأجبته انني لم اتعرف عليه من قبل وحدثني عنه طويلا وعن استقامته وعن الاناء الذي يتحرك فيه وهو اناء القومية العربية واخلاقها الحميدة وحدثني عن استقامته وتصديه لكل ما هو اعوج ومحاولة اصلاح ما فسد في المجتمع وحدثني ايضا عن قيمته العلمية ونبوغه في التخطيط الاقتصادي الذي لا يخدم سوى مصلحة الشعب العربي بدلا من مصالح شركات المستعمرين الاجنبية واقترح علي ان اتوجه معه في صبيحة اليوم التالي وهو يوم جمعة لزيارته في منزله والتعرف عليه.

رحبت بالفكرة وعندها ابتسم وقال كل يوم جمعة قبل ان يكون رئيس للوزراء والآن بعد ان اصبح رئيسا للوزراء احمل المناقيش التي يحبها هو وزوجته واتوجه الى بيته لتناول الفطور سويا …ابتسمت وقلت هذه المرة ساتناول الفطور ايضا معكم.

توجهنا في اليوم التالي الى منزله وتناولنا المناقيش سويا مع الشاي هنأناه بمنصبه الجديد وتحدثت انا بملاحظاتي الاولية التي لفتت انتباهي بشكل كبير وهي ان منزله لم يكن امام بابه حارس واحد ولم يكن لديه سيارة ولم يكن لديه مرافقين كما يجب ان يكون لرئيس وزراء لبنان وعندما طرحت هذا الموضوع نظر الي بكل تواضع وقال انا لا اعرف هذه الاجراءات الروتينية او الاهتمامات الامنية المتعلقة برئيس وزراء لبنان لحمايته ومرافقته كما يجب كان ربما هذا الامر جزء لا يتجزأ من نفوذ التيار الذي كان يعارض تنصيب سليم الحص رئيسا للوزراء وكان له نفوذ في اجهزة الامن والدرك والى آخره وكل جهاز له صلة بحماية رئيس الوزراء او بمرافقته او بموكبه او بحماية بيته.

لم يثر سليم الحص هذا الامر لانه كان رجلا متواضعا لا يهتم بالشكل وخضنا سويا نقاشا حول الشكل والمضمون  فقلت له دكتور هذا الموضوع ليس شكليا هذا موضوع هام جدا لسلامتك فانت منذ اليوم وربما من قبل هذا اليوم مستهدف كرجل ذو قيم يحارب الفساد ويدعو للوحدة القومية وللعلاقات القومية العربية ولاتخاذ مواقف مناهضة لكل مشاريع الاستعمار والغرب الذي يحاول ان ينهب ثروة الامة العربية وان يترك الامة بفتات لا تكفي لغذاء ودواء وتعليم.

كان الدكتور سليم الحص رجلا واعيا ومسئولا ومتواضعا وكونت في تلك الجلسة تصوري الخاص لكيفية ممارسة مسئولياتنا نحن تجاه رئيس وزراء لبنان القومي التوجه والمستقيم في التعامل الاجتماعي والسياسي والصادق باتخاذ المواقف التي تخدم مصالح الشعب وليس مصالح فئة تنهب الشعب وتكون ثرواتها الخاصة على حساب الشعب .

هكذا بدأت علاقتي بهذا الرجل المستقيم المباشر والمتواضع والمفكر والمخطط والذي لا هم له سوى خدمة الشعب ومحاربة الفساد والفاسدين في مجتمعنا لانهم هم الذين يخلقون الفقر والفقراء وهم الذين ينهبون ثمر عمل الشعب عمل الشعب المنهك والمتعب من اجل ثرائهم هم هؤلاء الفاسدين …

ونمت علاقتي معه من طرف واحد ثم من طرفين ولقد لازمناه نحن كشباب قومي عربي وكشباب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لازمناه طوال سنوات خلال حكمه كرئيس للوزراء والى ان خرجنا من لبنان بعد غزو اسرائيل للبنان عام 82 .

ما استطيع ان اقوله عن هذا الرجل العظيم انه حافظ على استقامته وموقفه من كل الضغوط التي وصلت في ايامه الاولى الى عدم تزويده بحرسه كرئيس وزراء او سيارات المرافقة التي قانونيا يجب ان تكون مع رئيس الوزراء باستمرار ولقد قمنا نحن بهذا الدور دون اعلام ودون صوت وبشكل مستور ومحترم حفاظا على هذا الرجل الذي لا يقدر بثمن .

رحم الله الدكتور سليم الحص رحم الله هذا الرجل المستقيم

رحم الله هذا الرجل القومي الذي لم يكن مستعدا لمبادلة موقفه باي موقف باي ثمن رحمه الله .

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كل عام وأنتم بخير سيدي الرئيس!

    د. حسن أحمد حسن   كل عام وأنتم بخير يا عنوان شموخ الوطن ونبراس الأمة… كل عام وأنتم بخير يا رمز الشمم والعزة ...