وائل العدس
بعد رحلة طويلة من العطاء والبحث العلمي والأكاديمي، نعى اتحاد الكتّاب العرب وجامعة دمشق والوسطان العلمي والأكاديمي الباحث والمؤرخ السوري عبد الكريم رافق الذي رحل في الولايات المتحدة الأميركية إثر حادث أليم، بعد مسيرة أكاديمية طويلة بين سورية والأردن ولبنان وأميركا، جعلت منه مرجعاً لعدة أجيال أسهمت في إعادة اكتشاف سورية بجوانبها التاريخية والعلمية المتعددة.
وذكرت جامعة دمشق أن أستاذ التاريخ في جامعة دمشق وشيخ المؤرخين السوريين الذي كرّس حياته للبحث العلمي ولتدريس تاريخ سورية زمن الاحتلال العثماني وتاريخ العرب الحديث رحل وسيبقى كتابه الفريد عن تاريخ الجامعة السورية (جامعة دمشق) وستبقى جميع مؤلفاته شاهداً ومرجعاً للدارسين والباحثين في تاريخ سورية والعرب.
ويعد الراحل أحد أهم الباحثين والمؤرخين السوريين والعرب، ممن تركوا الأثر وخلّفوا وراءهم تركة مليئة بالإنتاج العلمي والأبحاث العالية المستوى التي أغنت المكتبة السورية العربية، وجعلته مرجعاً تاريخياً أسهم في كشف الكثير من الزيف في جوانب تاريخ سورية.
للمؤرخ الراحل الكثير من الدراسات التاريخية خلال ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته، والتي أصبحت دراسات مرجعية للباحثين العرب والغربيين بعد صدورها بالإنكليزية.
شارك مع زملائه المؤرخين السوريين، أمثال نبيه العاقل ومحمد خير فارس وغيرهما في دعم قسم التاريخ الجديد في الجامعة الأردنية، ودرّس في بعض الجامعات اللبنانية وفي عدة جامعات أميركية.
مسيرة غنية
ولد الراحل في مدينة إدلب عام 1931، ثم التحق بقسم التاريخ بكلية الآداب في الجامعة السورية في دمشق، وحصل على إجازة في التاريخ عام 1955، وحصل على الدبلوم عام 1956 في المعهد العالي للمعلمين، وعين مدرّساً في قسم التاريخ في جامعته، ودرّس فيها لمدة عامين، ليحصل بعدها على منحة للدراسات العليا في بريطانيا، ويلتحق بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، ثم نال درجة الدكتوراه عام 1963 م من جامعة ساوس في لندن، وكانت أطروحته بعنوان «ولاية دمشق من 1723 إلى 1783.
ثم درّس في الجامعة الأردنية أستاذاً محاضراً (1971-1996)، وفي الجامعة اللبنانية (1972-1974)، وفي جامعة دمشق أستاذاً للتاريخ الحديث والمعاصر (1974-2000) حتى تقاعده، ودرّس في كلية ويليام وماري وأستاذاً زائراً في جامعات بنسلفانيا وشيكاغو وكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية.
إضافة إلى مشاركته بكتابة تاريخ العرب في المجلة الاكاديمية العربية الرائدة «دراسات تاريخية» الصادرة عن قسم التاريخ بجامعة دمشق، وعضو هيئة التحرير في مجلة «كرونوس» التي تصدرها جامعة البلمند في طرابلس، وأحد إعلام الثقافة الذين كرمتهم الحركة الثقافية في انطلياس -لبنان عام 2002، وعضو شرف في الجمعية السورية للدراسات في أميركا، وعضو شرف في مركز البحوث الشرقية في اليابان، وعضو هيئة التحرير في حوليات الجمعية اليابانية لدراسات الشرق الأوسط.
وامتازت أبحاثه ودراساته باستخدام سجلات المحكمة الإسلامية كمصادر للتاريخ الاجتماعي وخاصة التاريخ الحضري.
ويلاحظ المتابع في كتابه «معجم مؤرخي التاريخ العربي الحديث والمعاصر» تأثيره وإسهامه في تكوين علم التاريخ على المستويين العربي والعالمي، وكان مقدرّاً لهذه الجهود والخط المنهجي النهضوي الذي سار عليه رافق أن تكون حصيلته داخل المحيط الثقافي العربي أشمل وأعمق مما جرى على أرض الواقع المحلي.
مؤلفات كثيرة
وترك المؤرخ الراحل عدداً كبيراً من الكتب والدراسات من أبرزها «العرب والعثمانيون 1516-1916» و«بحوث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لبلاد الشام» و«بلاد الشام ومصر من الفتح العثماني إلى حملة نابليون بونابرت» و«بحوث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لبلاد الشام» و«جوانب من التاريخ العمراني والاجتماعي والاقتصادي في غزة» و«تاريخ الجامعة السورية -البداية والنمو 2004».
إحياء ذكرى عمله
خلال عام 2004، عُقد مؤتمر كامل في دمشق وبيروت لإحياء ذكرى عمله الذي حمل عنوان «تحية إلى عبد الكريم رافق -بحث حديث عن بلاد الشام في ظل الحكم العثماني (1517-1918). « وأيضاً، تقديراً لمساهماته كباحث ومدرّس وملهم للباحثين الآخرين، وفي عام 2002، اعترفت جمعية الدراسات السورية برافق كأول عضو فخري لها.
سيرياهوم نيوز1-الوطن