حسين روماني:
توفي اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد صراع مع المرض، رياض نعسان آغا وزير الثقافة السوري السابق، ليطوي برحيله صفحة معقّدة من سيرة مثقف عاش داخل السلطة ثم خرج منها شاهداً عليها.
وُلد رياض نعسان آغا عام 1947 في مدينة إدلب لأب مقرئ هو الشيخ حكمت نعسان آغا، المدينة التي ستظل حاضرة في حساسيته تجاه السلطة والعنف والذاكرة، وبدأ حياته المهنية في الصحافة الثقافية مبكراً، واشتغل في الترجمة والكتابة، متنقلاً بين المقالة الأدبية والتحليل الفكري.
عمل نعسان آغا كاتباً وصحفياً ومترجماً قبل أن يدخل وزارة الثقافة بصفته وزيراً، واسماً مألوفاً في الوسط الثقافي، ترجم أعمالاً أدبية وفكرية عن الإنجليزية، وكتب في الصحف والمجلات، وكان في كتاباته منحازاً لفكرة الثقافة بوصفها فعلاً إنسانياً لا أداة دعائية.
تولّى رياض نعسان آغا وزارة الثقافة بين عامي 2006 و2010، في مرحلة كانت فيها الحياة الثقافية محكومة بسقف سياسي صارم، غير أن التجربة، كما اعترف لاحقاً، كانت محكومة ببنية أعمق من أي وزير، فالثقافة في تلك المرحلة لم تكن مستقلة عن السياسة، وكانت تُستدعى غالباً للتزيين لا للمساءلة.
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، اختار رياض نعسان آغا الانحياز إلى مطالب السوريين في الحرية والكرامة، وغادر موقعه السابق نهائياً في العام 2012، وفي مداخلاته وكتاباته اللاحقة، لم يسعَ إلى تبرئة الذات، بل إلى المراجعة، وظهر في مقابلات تلفزيونية وإذاعية عربية، وتحدث بصراحة لافتة عن آليات عمل النظام المخلوع من الداخل، كاشفاً طبيعة صناعة القرار، وحدود دور الوزراء، وكيف كانت الثقافة تُستخدم أحياناً واجهة تجميلية لسلطة أمنية مغلقة.
اليوم في رحيله يُستعاد رياض نعسان آغا بوصفه سيرة مثقف عاش التناقض السوري بكامل حدّته من داخل المؤسسة إلى خارجها، ومن اللغة المقيّدة إلى الفضاء الحر، ولم يكن ثورياً بالمعنى الكلاسيكي، لكنه كان شاهداً، والشهادة في الحالة السورية ليست موقعاً سهلاً.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة
syriahomenews أخبار سورية الوطن
