خالد زنكلو
نفذ مجلس مدينة حلب في الأيام الأخيرة أضخم حملة لإزالة إشغالات وتعديات البسطات على الأملاك العامة في مركز المدينة والمحاور المتشعبة عنه والرئيسية في مناطق شيوع البسطات، ما أثار ردود فعل متباينة لدى الشارع الحلبي بين مؤيد ومعارض للخطوة التي لم تشهدها المدينة من قبل.
مجلس المدينة اضطر إلى اتخاذ هذا الإجراء، جراء استفحال الظاهرة بشكل كبير شوه المشهد الحضاري للمدينة وأعاق حركة المرور في بعض شوارعها، على الرغم من غض نظر مسؤولية عن نشوء ونمو الظاهرة وتشعبها وامتدادها لمناطق جديدة.
ومرد ذلك، إلى اعتبار البسطات أهم مصدر رزق للكثير من طالبي فرص العمل من سكان المدينة، ممن يضيّق عليهم رأس المال في تأسيس فرص عمل مناسبة لمدخراتهم ودخولهم التي يحصلون عليها لمواجهة الضائقة الاقتصادية التي تعصف بعاصمة الاقتصاد السوري جراء التضخم وارتفاع الأسعار.
أصحاب بسطات، ممن التقتهم «الوطن»، ذكروا أن مجلس المدينة عادة ما يشن حملات لإزالة البسطات الشاغلة للأرصفة وأجزاء من الشوارع في مثل هذا الوقت من العام، مع مطلع فصل الصيف حيث تتكاثر البسطات على اختلاف أنواعها، ولاسيما المتخصصة منها بعرض الخضار والفواكه الصيفية، لكنهم لم يتوقعوا بأن تتضخم الحملة لتلاحقهم في أهم مناطق عملهم، الواقعة خارج نطاق مركز المدينة كأهم مركز ثقل لمزاولة أعمالهم.
وبينوا أن الحملة انطلقت من باب جنين بمركز المدينة، والذي يعد أهم سوق تجاري لبسطات الخضار والفواكه، التي تتوافر بأسعار تنافسية تقل بمقدار 20 إلى 50 بالمئة عن نظيرتها في الأسواق الأخرى التي تتصف بأنها راقية، ولاسيما الواقعة في الشطر الغربي من المدينة، ولذلك دعا أصحاب دخل محدود إلى تنظيم عمل سوق البسطات للإفادة منها في تخفيض نفقاتهم بدل تحكم أصحاب المحال التجارية بالأسعار الجشعة التي ترضي جيوبهم ونهمهم إلى الربح.
وامتدت الحملة إثر ذلك لتشمل محور باب الفرج المجاور لباب جنين، مروراً من جهة الشمال بشارع التلل، المتخصص ببيع الألبسة، وخصوصاً النسائية منها، قبل أن تصل إلى شارع النيال المتصل معه وحتى سوق ميسلون في الضفة الشمالية الشرقية من مركز المدينة، وهو سوق يعتمد على بيع الخضار والفواكه التي تشغل عشوائياً مساحات لا بأس بها منه، كالأرصفة والساحات العامة التي يصعب للسيارات العبور منها من دون وجود عناصر الشرطة.
الحملة، وبحسب شهادات الأهالي لـ«الوطن»، تشعبت بالتوازي في الجهة المقابلة للسابقة، لتشمل الجميلية والفيض غرب وجنوب غرب مركز المدينة، وهما أهم حيين يضمان البسطات المتنوعة باختصاصاتها المختلفة ويقصدهما سكان المدينة لتوفير بسطاتهما المستلزمات والحاجيات بأسعار مقبولة مقارنة بغيرهما من الأسواق، وبخاصة للفواكه بجميع أصنافها، بما فيها المستوردة.
وتوقع متسوقون لـ«الوطن» انطلاق حملة مكافحة إشغالات البسطات قريباً إلى شوارع أحياء بستان القصر والكلاسة والفردوس جنوب مركز المدينة ثم إلى السكري والمشهد وصلاح الدين والأعظمية جنوب المدينة، قبل وصولها إلى حي الشعار شرقاً وإلى شوارع الأحياء الراقية في الفرقان غرباً والتي تتخصص بسطاتها ببيع الألبسة ثم إلى شوارع حيي حلب الجديدة شمالي وجنوبي وأحياء الحمدانية أقصى غرب حلب.
وتوقع مراقبون لـ«الوطن» أن يجري إزالة لا يقل عن 30 ألف بسطة من أحياء المدينة المختلفة، في حال استمرار جهود مجلس المدينة، الأمر الذي سيحرم عدد أسر مماثل من مصادر رزقها التي تؤمنها البسطات راهناً، لكن سيريح عمال النظافة في المجلس من أعباء إزالة أطنان القمامة التي تخلفها يومياً بسطات الخضار والفواكه وغسل الشوارع من الأتربة والأطيان المتراكمة.
وطالب أصحاب بسطات عبر «الوطن» مجلس المدينة بتوفير أسواق بديلة لممارسة عملهم، وخصوصاً من خلال البراكيات المتخصصة التي اعتمدت سابقاً في ساحات أحياء معينة عوضاً عن الأكشاك التي كانت تشغل شوارع المدينة قبل سنوات، وذلك لضمان مصدر أرزاق عائلاتهم ووقايتهم من شر العوز والفاقة.
واشتكى هؤلاء من قلة فرص العمل بعد حدوث الزلزال المدمر، الذي ضرب المدينة في 6 شباط الماضي، بعد إغلاق الكثير من الورش في أحياء شرق المدينة التي كانت تشغل أعداداً كبيرة من العاطلين من العمل.
وتوقع بعضهم بأن تخمد حملة إزالة البسطات بالتدريج وأن يعاودوا عملهم المعتاد، كما جرت العادة في السنوات السابقة!.
سيرياهوم نيوز1-الوطن