كتب:د.المختار
تحتَ عنوان:
(الأسدُ الغائبُ عن حربِ غزّ.ةَ ) كتبَ من سمّى نفسَه د. هيثم الزبيدي، وعرّفَ عن نفسِه بأنّه كاتبٌ من العراقِ مقيمٌ في لندن.
في 19 شباط 2024 ( العرب ) كتبَ مقالاً طويلاً يهاجمُ به سوريةَ الأسد نقتطفُ منه الآتي:
“توفّرُ خرائطُ غوغل أداةً لقياسِ المسافةِ بين مكانين. بنقرتين، يمكنُ تحديدُ نقطتين على الخارطةِ، ويحدّدُ غوغل المسافةَ على الخطِّ المرسومِ بين النقطتين. قمتُ بالتجربةِ، وقستُ المسافةَ بين دمشقَ ومدينةِ غزّ.ةَ وكانت 280 كم. جربتُ نقطتين أُخرييْن، بين الحافةِ الجنوبيةِ لمزارعِ شبعا التي يسيطرُ عليها السوريون، وأقصى نقطةٍ ناحيةِ الشمالِ في القطاعِ، فوجدتها 180 كم، ….لكن غزّ.ةَ، كما يبدو، تقعُ في قارةٍ أخرى بالنسبةِ إلى النظامِ السوري. الحربُ في غزّ.ةَ ليست شأناً سوريّاً….
انتهى الاقتباس.
……………………….
د. هيثم الزبيدي أتعبتَ نفسكَ كثيراً وأنتَ تقيسُ المسافةَ بين سوريةَ وغزّ.ةَ لتكتشفَ أنَّ سوريةَ تخلّت عن غزّ.ةَ، ولم تعد في محورِ الم.قا.ومةِ، وللحقيقةِ أنا أرى أنَّك معزورٌ لأنّك تقيمُ في لندنَ مدينةِ الضبابِ مما جعلَ رؤيتُك ضبابيةً بعضَ الشيءِ وغيرَ واضحةٍ، فأنت على ما يبدو مثلُ المعارضةِ السوريةِ التي تقيمُ في الفنادقِ وتتقاضى ثمنَ مواقفِها، وأنت تتقاضى أجورَ مواقفِك وتصريحاتِك ب$.
د. هيثم الزبيدي وأنت تقيسُ المسافاتِ على غوغل ألم تظهر المسافةُ بين بغدادَ ودمشقَ عندما استقبلت سوريةُ بقرارٍ من السيدِ الرئيسِ بشار الأسد 3.5 مليونَ لاجئٍ عراقي بعد سقوطِ بغدادَ 2003م.
ألم يظهروا عندكَ على غوغل حينما فتحَت لهم سورية بأمرِ الرئيسِ بشار الأسد المدارسَ السوريةَ مجاناً وأصبحتِ الصفوفُ السوريةُ تستقبلُ ضعفَ العددِ على حسابِ الطالبِ السوري، وجودةِ التدريسِ، وفتحَت الجامعاتُ السوريةُ مجاناً أمامَ الطلابِ العراقيين ليدرسوا فيها، وأمامَ أساتذةِ الجامعةِ العراقيين، وفتحَت المشافي السورية وقدّمَت الدواءَ السوري مجاناً.
وفتحت المنازلَ السوريةَ، ولم تبنِ لهم المخيماتِ على الحدودِ، وكان العراقيون يتقاسمون رغيفَ الخبزِ مع المواطنِ السوري بالسعرِ المدعومِ نفسِه، وركّزْ على كلمةِ مدعومٍ أي أقلُّ من سعرِه الحقيقي بعشرةِ أضعافٍ آنذاك، وتقاسمت معهم وسائلَ النقلِ المدعومةِ، ومئاتِ السلعِ المدعومةِ، ولا يخفى عليك أنَّ هذا يحتاجُ ميزانياتِ دولٍ.
ولم تمنّن سوريةُ أحداً، ولم تشحد عليهم من المنظماتِ الدوليةِ، أليس غريباً أنّك لم ترَ ذلك على غوغل، أم أنّك لم تبحثْ لأنّه ليس من اهتماماتِك وليس مطلوباً منك…؟
– سوريةُ بقيادتِها أكبرُ بكثيرٍ من أن يتطاولَ عليها أحدٌ، وأنت وأمثالُك أصغرُ بكثيرٍ من أن تزاودوا على سوريةَ ومواقفِها الوطنيةِ والقوميةِ المشرفةِ.
سوريةُ منذ خمسينياتِ القرنِ الماضي لم تتركْ موقفاً قومياً عروبياً إلا وكانت فيه سباقةً للتضامنِ العربي، ورأسَ الحربةِ للدفاعِ عن الحقوقِ العربيةِ والمصالحِ العربية.
– سوريةُ منذ تأسيسِ جامعةِ الدولِ العربيةِ نبَّهَت العربُ إلى أنَّ بنودَ ميثاقِ الجامعةِ تخلو من اتفاقٍ عسكري ودعَت إلى تلافي هذا النقصِ في الميثاقِ وإكمالِه والمبادرةِ لتوقيعِ معاهدةِ الد.فاعِ العربي المشتركِ، وتشكيلِ قو.ةٍ عسكر.يةٍ عربيةٍ موحدةٍ تدافعُ عن الحقوقِ العربيةِ، وفعلاً تمَّ توقيعُ معاهدةِ الد.فاعِ العربي المشتركِ في 18 حزيران/ يونيو 1950م.
– سوريةُ من وقفتْ مع مصرَ والسعوديةِ بوجهِ حلفِ بغدادَ 24 شباط/ فبراير 1955م الذي تكَّونَ من بريطانيا وتركيا و”عراقِ نوري السعيد” وإيران الشاه، والباكستان، وقفتْ بوجههِ لتحصينِ الأمنِ القومي العربي.
– سوريةُ الدولةُ العربيةُ الوحيدةُ التي قا.تلتْ إلى جانبِ مصرَ ضدّ العدوانَ الثلاثي: بريطانيا وفرنسا وإ.سر.ائيلَ عام 1956م، والبطلُ جول جمال خيرُ شاهد.
– سوريةُ وقفتْ ضدَّ تحويلِ إسر.ائيلَ لروافدِ نهرِ الأردنِ عام 1964، وجرِّ مياهِها إلى النقبِ، وهذا الموقفُ تضامناً مع الأردنِ.
– سوريةُ قا.تلتْ إلى جانبِ مصرَ عام 1967م، وخسرتْ ما خسرت نتيجةَ وقوفِها مع مصرَ.
– سوريةُ خطّطت وخاضَت حر.بَ تشرينَ وانتصرَت، وتابعتْ حر.بَ الاستنزافِ لوحدِها بعدما أوقفَ الساداتُ الحر.بَ على الجبهةِ المصريةِ 1973م.
– سوريةُ رفضتْ عرضَ وزيرِ خارجيةِ أمريكا هنري كيسنجر عام 1974م عندما عرضَ على القائدِ الخالدِ حافظ الأسد أن يستعيدَ الجو.لانَ كاملاً، ويخرجُ من معادلةِ الصر.اعِ مع إ.سر.ائيلَ، فكانَ جوابُه، سوريةُ آخرُ من يوقّع السلامَ مع إ.سر.ائيلَ، وبعد أن يوقّعَ العربُ كافةً، وتعودَ الحقوقُ الفلسطينيةُ والحقوقُ العربيةُ كاملةً، وسوريةُ لازالت على هذا الموقفِ حتى اليوم.
– سوريةُ من دعمَت بقوةٍ منظمةِ التحر.يرِ الفل.سطينيةِ عندما حاولَ الملكُ حسين ملكُ الأردن عام 1974م أن يأخذَ حقَّ تمثيلِ الشعبِ الفل.سطيني، فرفضَ الرئيسُ حافظ ذلك، وطالبَ الأسدُ القمةَ العربيةَ المنعقدةَ في الرباطِ 26- 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1974م بتبني قرارٍ يعتبرُ منظمةَ التحر.يرِ الفل.سطينيةِ “الممثلَ الشرعي والوحيدَ للشعبِ الفل.سطيني”، وقد تبنّت القمةُ هذا القرارَ بالإجماعِ، وذهبَ شعاراً للمنظمةِ حتى اليوم.
– سوريةُ من قاتلَت في لبنانَ وقدّمَت 15 ألفَ شهيدٍ من خيرةِ شبابِها، من عام 1975م حتى العام 1990م، ومنعَت تقيسمَه إلى أربعِ دويلاتٍ طائفيةٍ، وأسقطتْ اتفاقَ 17 أيار الإذعاني ومهّدَت الطريقَ لتوقيعِ وثيقةِ الوفاقِ الوطني اللبناني والتي عُرفَت باتفاقِ الطائفِ الذي أُقرَّ 22 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1989م. وبموجبِه أُوقفَت الحربُ الأهليةُ اللبنانيةُ، ولازالَ لبنانُ ينعمُ بالاستقرارِ بفضلِه ويحتَكمُ لنصوصِه حتى اليوم.
– سوريةُ من طالبَت الدولَ العربيةَ بتشكيلِ وفدٍ عربي مفاوضٍ موحّدٍ إلى مؤتمرِ مدريد للسلامِ 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1991م ممثلاً للدولِ العربيةِ: سورية ولبنان والأردن ومنظمة التحريرِ الفل.سطينية، وقالت لهم لايخدعَنَّكم أحدٌ نحن آخرُ من يوقّع، والتزمَت بذلك، لتتفاجأَ بخروجِ الرئيسِ ياسر عرفات عن التنسيقِ مع الوفودِ العربيةِ والانفرادِ بالتفاوضِ بشكلٍ سري والتوقيعِ على اتفاقِ أوسلو.
وخرجَ الأردنُ أيضاً عن التنسيقِ مع الوفودِ العربيةِ بالتفاوضِ، ووقّعَ الملكُ حسين اتفاقيةَ وادي عربة، وبقيَت سوريةُ ولبنانُ لم يوقّعا حتى اليوم، فمن يستطيعُ المزاودةَ على سورية…؟
– الرئيسُ حافظ الأسد هو من شرَّعَ للم.قا.ومةِ اللبنانيةِ حقَّها في مقا.ومةِ الاحتلالِ ومهاجمةِ القواتِ المحتلةِ الإ.سر.ائيليةِ على الأرضِ اللبنانيةِ بأن فرضَ بنداً في تفاهمِ نيسانَ يبيحُ ضرب جنود الاحتلال ذلك في 26 نيسان/أبريل 1996، وهذا ما مهّدَ لتحر.يرِ الجنو.بِ اللبناني عام 2000م، تحتَ ضر.باتِ الم.قا.ومةِ التي تصاعدَت، والهروبُ المذلُّ للصها.ينةِ وعميلِهم سعد حداد.
– سوريةُ من دعمَت الم.قا.ومةَ اللبنانيةَ ضدَّ العد.وانِ الإ.سر.ائيلي عام 1993م، وفي عام 1996 ضدَّ عمليةِ عنا.قيدِ الغضبِ، وفي عام 2006 وأسهمَت بانتصارِها بعد ثلاثةٍ وثلاثين يوماً، ومقبرةِ المير.كا.فا الشهيرة.
الرئيسُ بشار الأسد هو الوحيد الذي تميَّز بموقفِه عن جميعِ القادة العرب في مؤتمر القمة العربي بشرم الشيخ 27.2.2002، عندما قال: “نقفُ ضدَّ أي طرحٍ يؤدي إلى تدمير العراق”، عندما لم يجرؤ أحد أن يقف ضد الغزو الأمريكي للعراق، والجميع كان يخفي رأسه.
– سوريةُ الأسد هي من وقفَت ضدَّ العد.وانِ الإسر.ائيلي على غزّ.ةَ بعمليةِ الرصاصِ المصبوبِ (2008 – 2009)م.
– سوريةُ بقيادة الرئيس بشار الأسد هي من وقفَت إلى جانبِ غزّ.ةَ في 8 حزيران/ يوليو 2014 بعمليةِ “الجر.فِ الصامدِ” وأمدَّتها بالسلا.حِ وصو.اريخِ الكو.رنيت قاهرِ دبا.باتِ المير.كا.فا رغمَ وقوفِ بعضِ عناصرِ حما.سَ ضدَّ الج.يشِ العربي السوري آنذاك، وكان هذا قمّةَ النبلِ والرجولةِ من الرئيسِ بشار الأسد، وقد ذكرَ ذلك السيدُ ح.سن ن.صر الله علناً على شاشاتِ التلفزةِ.
– سوريةُ هي من وقفَت إلى جانبِ غزّ.ةَ في 7 أيار/ مايو 2021 م، بعدما اقتحمَ آلافُ عناصرِ الشرطةِ الإ.سر.ائيليةِ باحاتِ المسجدِ الأق.صى واعتدوا على المصلين.
أما في معركةِ غزّ.ةَ اليومَ فكل ماتقا.تل به الم.قا.ومة، وكل أسباب صمودها هي سورية، ولقصيري النظرِ ومدّعيّ الفكرِ والفهمِ والتحليلِ أقولُ لولا سوريةُ لا يوجدُ مقا.و.مةٌ في غزّ.ةَ، ولا في غيرِها، وسوريةُ لها فضلٌ على الجميعِ شاءَ من شاءَ وأبى من أبى.
هذا غيضٌ من فيضٍ من المواقفِ السوريةِ المشرفةِ، قدّمناها في عجالةٍ، لأنَّ المجالَ لا يتسعُ للشرحِ أكثر، ولأنَّ ذلك يحتاجُ إلى مجلداتٍ حتى نوفيَ الموقفَ السوريَّ والرئيسَ بشار الأسد حقَّه، والذي سيبقى نبراساً للأجيالِ القادمةِ.
(سيرياهوم نيوز ١-صفحة الكاتب)