زهير أندراوس:
نشر الإعلام الحربيّ التابع لـ”حزب الله” اللبنانيّ، قبل عدّة أيّامٍ مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعيّ يكشف من خلاله الأهداف الجديدة التي باتت في مرمى صواريخه. وأظهر المقطع المنشور على “تويتر” صواريخ الحزب الجاهزة وكلمات من خطاب الأمين العام للحزب حسن نصر الله يقول خلالها إنّ الترسانة الصاروخية قادرة على ضرب أهداف محددة للغاية في أي مكان في إسرائيل من الآن وصاعدًا. وهدد الحزب بهذا المقطع مدن إسرائيلية رئيسية، مشيرًا إلى حصوله على إحداثيات أهداف متعددة على الأراضي الإسرائيلية.
الردّ الإسرائيليّ على فيديو حزب الله جاء ليؤكّد ما قاله نصر الله، فقد نشر مركز “بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية” دراسة من إعداد عوزي روبين، الذي ترأس سابقًا مشروع “الحيتس” (السهم بالعربيّة) للدفاع ضد الصواريخ في وزارة الأمن، أكّد فيها أنّ دولة الاحتلال تبذل جهودًا ملحوظة في إحباط “مشروع الدقة” لحزب الله ، لأن هذا المشروع، كما قال، سيضع الحزب في مكانٍ جديدٍ، وعندما يُستكمل، سيكون بيد حزب الله عمليًا سلاح جو خاص به، مع تفوّقٍ جوّيٍ هجوميٍّ، لكن من دون طائرات، محذرًا في الوقت عينه من أنّ الصواريخ الدقيقة لحزب الله سيُمكنها أن تصيب نقطويًا منشآتٍ حيوية في أنحاء الدولة العبريّة وتفتيت قدراتها، على حدّ تعبيره.
وكشفت الدراسة أنّه في هجوم الصواريخ الإيراني على القاعدة الجوية الأمريكيّة عين الأسد في العراق في مطلع السنة، كشفت النقاب عن أنّ أحد الصواريخ الإيرانيّة أصاب قناة أليافٍ بصرية كانت تربط مركز السيطرة على طائرات مسيّرة بأجهزة الاتصال للطائرات، وبذلك فقد المشغّلون الأميركيون السيطرة على سرب طائرات مسيرة كان يحلّق في الجو خلال الهجوم الصاروخي الإيرانيّ، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّه بعد مجهودٍ لعدة ساعات أُعيد الاتصال وتمّت عملية هبوط الطائرات المسيّرة بسلام، طبقًا لأقواله.
بالإضافة إلى ذلك، قالت الدراسة الإسرائيليّة إنّ القوّة الجوية الأمريكية التي كانت متموضعة في القاعدة كانت عاجزة أمام صلية الصواريخ، وبعبارة بسيطة: إيران حققت في هذه الحالة تفوقاً جوياً من خلال صواريخ دقيقة ومن دون استخدام طائرات، كما قالت الدراسة.
وتابعت الورقة البحثيّة الإسرائيليّة قائلةً إنّه يمكن الافتراض أنّه في حربٍ مستقبلية مع حزب الله، سيحاول تنفيذ “عملية بؤرة” خاصة بها بواسطة صليات صواريخ دقيقة لشل القواعد الجوية الإسرائيليّة فور بدء المعركة، محذرةً من أنّ الدفاع الإسرائيلي النشط “القبة الحديدية”، “مقلاع دافيد”، أو ليزر مستقبلي بالغ القوة، لا يضمن سدًا محكمًا لأجواء الدولة العبريّة.
ويُشار في هذا السياق إلى أنّ الباحث الإسرائيليّ يقصد بـ”عملية بؤرة” الضربة الجوية الاستباقية التي استهلت بها إسرائيل حرب “الأيام الستة” (عام 1967) على المطارات وأسلحة الجو العربية، ونتيجتها كانت تفوق جوي مطلق لسلاح الجو الإسرائيلي، وقوة إسناد حرة للقوات البرية خلال الحرب.
وأشارت الدراسة الإسرائيلية، إلى أنّ استجابة مكمّلة إضافية، هي تنويع القدرات الهجومية لإسرائيل، كتعويض عن تآكلٍ مؤقت لقدرة سلاح الجو في إنتاج طلعاتٍ جوية، معتبرةً في الوقت ذاته أنّه إذا كان حزب الله يستطيع إقامة سلاح جو من دون طائرات، فإسرائيل أيضًا يمكنها فعل هذا”.
عُلاوة على ما ذكر آنفًا، أوضحت الدراسة أنّ انطباعاً يثور بأن العائق أمام إقامة سلاح جو دون طائرات، يمكنه دعم طائرات سلاح الجو، هو حرب كرامة وميزانيات بين أذرع الجيش الإسرائيلي وليس مشكلة تكنولوجية ما، على حدّ تعبير معد الدراسة، عوزي روبين.
وشددت الدراسة الإسرائيلية على أن مقولة الصواريخ والقذائف الصاروخية لا تُربح حربًا، لم تكن دقيقة أبدًا، وأصبحت تنطوي اليوم على مفارقة تاريخية، “شعوذة لا غير”، مؤكدة أنّ الصواريخ الحديثة لديها اليوم قوة ساحقة لا تقل عن قوة الطائرات الحديثة، وتشغيلها أسهل لأنها لا تحتاج لقواعد ضخمة مُكلفة ومعرضة للإصابة.
وحذرت الدراسة أيضًا من أنّ قذائف صاروخية وصواريخ حديثة ودقيقة نقطويًا، يمكنها شلّ البنى التحتية العسكرية والمدنية لدولٍ كاملةٍ والتسبب بهزيمتها، وقالت إنّه في أيامنا، الصواريخ والقذائف الصاروخية تُربح حروبًا، مشددة على أنّه يتعيّن على إسرائيل فعل كل ما هو مطلوب كي لا تتمكن صواريخ العدوّ من هزيمتها، وكي تهزم صواريخها العدوّ، طبقًا للدراسة.
سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 24/6/2020