الأربعاء, 01-09-2021
طوت درعا أمس صفحة جديدة من صفحات الوجود الإرهابي فيها، وأقفلت ملف «درعا البلد» الذي شكل شوكة في طريق تسوية أوضاع المدينة وإعادتها بالكامل إلى سيادة الدولة، وكشفت مصادر وثيقة الاطلاع لـ«الوطن» أن مسلحي حي «درعا البلد» وافقوا على كل بنود اتفاق التسوية الذي طرحته الدولة على أن يتم البدء بالتنفيذ اعتباراً من اليوم.
وقالت المصادر: إن «وجهاء المحافظة الذين دخلوا على خط المفاوضات بشأن التسوية في «درعا البلد» الإثنين الماضي من أجل الوساطة وفرض التسوية، واستقبلتهم اللجنة الأمنية يومها، عادوا وطلبوا لقاء مع اللجنة أمس وقد استجابت لطلبهم اللجنة وعقدت اجتماعاً معهم، وذلك في إطار حرصها على الحل السلمي».
وأوضحت المصادر أن اللجنة وخلال الاجتماع الذي استمر عدة ساعات، أكدت أن الدولة مع الحل السلمي لتجنيب المنطقة الدمار وسفك الدماء وما زالت على قرارها بتنفيذ كل بنود التسوية وفرض كامل سيادتها في محافظة درعا.
وذكرت المصادر أنه في نهاية الاجتماع حمل الوجهاء مطالب الدولة التي تتضمن تنفيذ كل بنود التسوية، موضحة أن الوجهاء توجهوا بعد ذلك للاجتماع مع متزعمي المسلحين في «درعا البلد»، وقالت: إن «الوجهاء أبلغوا اللجنة الأمنية مساء أمس موافقة مسلحي «درعا البلد» على كل بنود اتفاق التسوية الذي طرحته الدولة»، موضحة أن المسلحين المتبقين والرافضين لبنود التسوية سينتقلون من حي «درعا البلد» إلى حي «المخيم» المجاور.
وذكرت المصادر أن تنفيذ الاتفاق سيبدأ اعتباراً من اليوم بدخول الجيش العربي السوري إلى حي «درعا البلد» والانتشار فيه، واستلام السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل والتفتيش عليه، وكذلك إجراء تسويات للراغبين من المسلحين، إضافة إلى عودة مؤسسات الدولة للعمل في الحي ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيه.
المعطيات المهمة في الجنوب توازت مع تطورات لافتة شمالاً، حملها سلاح الجو الروسي الذي وسّع دائرة استهدافه التي رسمها للنيل من الميليشيات الموالية للنظام التركي في منطقة «خفض التصعيد» بإدلب والأرياف المجاورة لها، لتطول أهدافاً خارج المنطقة في محيط عفرين، في رسائل استياء واضحة تستهجن وتستنكر تصرفات النظام التركي الذي باتت تستهويه سياسة تجاهل قنوات التواصل مع الجانب الروسي في القضايا المحلية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وأكدت مصادر متقاطعة محلية وأخرى معارضة مقربة مما يسمى «الجيش الوطني»، الذي شكله النظام التركي في المناطق التي يحتلها شمال وشمال شرق حلب، لـ«الوطن» أن المقاتلات الروسية شنت صباح أمس غارات جوية عديدة استهدفت محيط مدينة عفرين شمال غرب حلب، وذلك لأول مرة منذ احتلال المنطقة التي يسميها النظام التركي «نبع السلام» مطلع آذار ٢٠١٨.
وبيّنت المصادر أن الطائرات الحربية الروسية أغارت بخمسة صواريخ فراغية شديدة التفجير على نقاط انتشار وتمركز ميليشيا «فيلق الشام»، أحد التشكيلات العسكرية لـ«الجيش الوطني» في الحرش المتاخم لقرية إسكان في محيط عفرين التي تحوي معسكر تدريب لما يسمى «الجبهة الوطنية للتحرير».
وكشفت المصادر أن الانفجارات التي أحدثتها الصواريخ الروسية تسببت بدمار كبير في موقع التفجير، وأودت بحياة أحد إرهابيي «فيلق الشام» وجرحت ٧ آخرين جروح اثنين منهم خطيرة، وفق مصدر طبي في مشفى عفرين الوطني حيث أسعف المصابون.
وأشارت إلى أن ميليشيات «الجيش الوطني»، وبحضور ضباط من جيش الاحتلال التركي ومن استخباراته، فرضت طوقاً أمنياً في موقع الانفجار، نظراً لفرادته وقوته ولكون «فيلق الشام» الصبي المدلل لاستخبارات النظام التركي ويعمل بموجب توجهاتها وأوامرها في عفرين و«خفض التصعيد».
وتوقعت استمرار توسيع مروحة العمليات الجوية الروسية في منطقة عفرين لتشمل ميليشيات أخرى تابعة ومدللة من النظام التركي، وخصوصاً ميليشيا «السلطان سليمان شاه» التي يتزعمها الإرهابي محمد الجاسم الملقب بـ«أبو عمشة»، والذي لعب الدور الأبرز في صفقات تجنيد المرتزقة السوريين و«الجهاديين» العرب الأوروبيين من أصول مغاربية، ممن أرسلوا للقتال في ليبيا أو اتخاذها نقطة انطلاق إلى الدول الأوروبية لزعزعة استقرارها، ولفتت إلى أن الدور آت لا محالة على ميليشيات النظام التركي في المنطقة التي يسميها «درع الفرات» بريف حلب الشمالي الشرقي، ما لم يسارع نظام رجب طيب أردوغان إلى ترميم قنوات التواصل الأمنية والعسكرية الخاصة بالمواضيع المشتركة مع الجانب الروسي.
متابعون للوضع الميداني في «نبع السلام» و«درع الفرات»، أوضحوا لـ«الوطن»، أن نظام أردوغان في الأشهر الأخيرة، راح يغرد بعيداً خارج سرب التفاهمات والاتفاقيات الثنائية المبرمة مع روسيا، وبين المتابعون أن حدة افتراق السياسة الروسية عن التركية تجلت بشكل واضح وعلني أخيراً إثر استهداف النظام التركي المتكرر لبلدات عين عيسى شمال الرقة وبلدات تابعة لتل تمر بريف الحسكة، حيث تبسط ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» هيمنتها، ما تسبب بتهجير سكانها، إضافة إلى تأييد النظام التركي لنهج «جبهة النصرة» وواجهته «هيئة تحرير الشام»، المصنفة كمنظمة إرهابية على القوائم الأممية، في تبني سيطرة حركة طالبان على أفغانستان منتصف الشهر الماضي واعتبار تنظيم القاعدة فيها من أعز الأشقاء عقائدياً وجهادياً.
حلب- خالد زنكلو – دمشق- الوطن-