محمود القيعي:
لا تزال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدول الخليجية الثلاث: السعودية وقطر والإمارات، هي الحدث الكبير الذي لا صوت يعلو فوق صوته.
التساؤل كان ولا يزال عن دور مصر ..وهل هو غياب مؤقت أم غروب دائم؟
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أدلى بتصريحات مثيرة، منها: «الجيش الأميركي أقوى جيش بالعالم وأقوى قوة مقاتلة في التاريخ، ووزارة الدفاع حصلت على موازنة تاريخية للعام المقبل مقدارها تريليون دولار».
” قوتنا مدمرة وساحقة وسنرد على أي هجوم” .
تصريحات ترامب دعت البعض للتذكير بقول الحصري القيرواني:
مِمّا ينغّصُني في أَرضِ أَندَلُسٍ
سَماعُ مُعتَصِمٍ فيها وَمُعتَضِدِ
أَسماءُ مَملَكَةٍ في غَيرِ مَوضِعِها
كَالهِرِّ يَحكي اِنتِفاخاً صَولَةَ الأَسَدِ
اللافت كان في تذكير الكثيرين بالضربات الموجعة التي تلقاها الأمريكان على يد المقاومة اليمنية، فارتدوا على أدبارهم خاسرين.
وفي سياق الهدايا والصفقات التي قدمت لترامب، عبر كثير من المثقفين المصريين عن غضبهم منها، حيث قالت د.يمنى الخولي أستاذة الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة إن أية دولة على مدار التاريخ لم تقدم هدايا مليونية وعطاءات تريليونية لحاكم أمريكا، ولاحتى أثناء الحرب العالمية وليس حرب الأقصى.
من جهته قال الاقتصادي هاني توفيق إنه شاهد باشمئزاز شديد كافة هذه الاحتفالات بالاستثمارات التى يرقص على أنغامها الحكام العرب مع المخبول ترامب، وعدم ربطها بإدخال معونات لشعب يموت جوعاً ومرضاً بالآلاف يومياً .
ويضيف أن ما حدث جريمة إنسانية سيحاسبكم التاريخ عليها ، قبل حساب الله.
في ذات السياق ترى د. عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أنه في السيرك المنصوب في الخليج كل واحد كان يبحث عن مصلحته الخاصة وليس بالضرورة عن مصلحة بلده و شعبه، مشيرة إلى أن كل واحد من الحكام الخليجيين يحاول تثبيت كرسيه.
وتتساءل: فما فائدة أن تدفع هذه المبالغ و الهدايا المبالغ فيها للولايات المتحدة و بالأحري رئيسها؟
وتختتم مؤكدة أن القيادات القوية هي اللي تعتمد في قائها علي تأييد شعوبها و دعمهم لها، وعلي مدي نجاحها في إدارة بلدها، مستشهدة بالصين والهند وروسيا وألمانيا وماليزيا والبرازيل وغيرهم من الدول الناجحة.
الجزر والعصى
مشهد الاحتفاء بترامب دعا السفير فوزي العشماوي للتذكير بمنطق العصا والجزرة، مؤكدا أنه لايوجد في السياسة أبدا جزرة بدون عصا، وإلا أصبحت سياسة عرجاء بدون أي قيمة أو تأثير.
ويضيف أن السياسات العربية قدمت كل الجزر لأمريكا علها تضغط علي إسرائيل لوقف العدوان وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ولكنها لم تفكر للحظة في استخدام العصا ولو بالتلويح بقطع العلاقات أو تجميد المعاهدات مع الكيان أو تجميد الاستثمارات مع الولايات المتحدة الداعم والضامن والمتحكم في أمن إسرائيل، والنتيجة استمرار القتل والعدوان وإحراج الجميع.
من جهته يرى د.كمال حبيب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أن ما جري في زيارة ترامب الأخيرة هو إعلان كامل لتبعية الممالك التي زارها له ولدولته ، مشيرا إلى أن الأمر لم يكن مجرد صفقات وتعاون اقتصادي وتجاري ولكنه كان استسلاما علنيا بلا حرب لهذه الدول وتسليم لمقدراتها إلي أمريكا.
ويضيف أن الاحتفال والهدايا المبالغ فيها والبروباجندا الإعلامية لزيارته التي بدت وكأنها غزو وانتصار وتحكم في مقادير وقرارات تلك الممالك وقد خطف ما أراده لدولته دون أن يؤدي مقابل ما خطف ونهب وسرق فيحقق وقفا لحرب الإباده الإجرامية في غزة فقط أراد غزة لنفسه باسم الحرية، لافتا إلى أنه لم يعلم أن عالم غزة مختلف عن عالم الممالك.
واختتم مؤكدا أن غزة ليست للبيع ولن تكون وستظل كاللقمة المحشورة في زور كل مستعل ظالم جبار وعنوان عار ومهانة لكل المفرطين.
الغياب المصري دعا البعض لاستحضار بيت شاعر النيل حافظ إبراهيم: (أنا إن قدّر الإله مماتي لا تري الشرق يرفع الرأس بعدي) متمنيا أن يكون الغياب المصري مؤقتا إلى حين؟
أخبار سوريا الوطن١-رأي اليوم