رفاه نيوف
من أجمل وأروع الأفلام الإيرانية القصيرة التي نالت جوائز عدة، طفلان أخوان محسن ومعصومة، يكتبان رسالة إلى الله، ليرسل لهما من يساعد والدتهما المريضة، ونقلها لتلقي العلاج، بعد أن قُطعت بهما السبل، ولا مال لديهما للعلاج، ووالدهما ذهب إلى المدينة ليستدين المال لعلاج الأم.
قرر محسن ومعصومة كتابة رسالة إلى الله، فقد سمعا أهل القرية يقولون إن الله كريم ولا يرد طلباً، وخاصة للأطفال..
كتبا الرسالة وأرسلت عبر صندوق البريد، لصقا طابعاً عليها وزيناها بورود برية، لتقع الرسالة بيد عمال البريد الذين اجتمعوا وقرروا مساعدة الطفلين، ليتحقق حلم الطفلين بإرسال سيارة ونقل والدتهما إلى المستشفى لتلقي العلاج.
ونحن اليوم وبعد كوارث الحرائق الكبيرة التي أتت على مساحات شاسعة من غاباتنا في حمص وطرطوس واللاذقية، ووصل الحريق لبعض المنازل، وأمام العمل المضني والشاق لعمال الإطفاء والدفاع المدني، والاستنزاف الكبير لمقدراتنا من متطلبات الإطفاء وضعف الإمكانات المتاحة، ومنها عدم وجود طيران زراعي يقوم بالتدخل في المناطق الخطرة.
ومع الاستنفار من قبل مديريات الزراعة، ووضع الخطط الاستراتيجية والتحضيرات لمنع حدوث الحرائق، أو السيطرة عليها بسرعة، كل هذا لم يجد نفعاً أمام حجم الحرائق الكبير ولم يحد من انتشارها.
وهذه الحرائق وتوقيتها يضعنا في حالة من اليقين أنها حرائق مفتعلة وحرب من نوع آخر على وطننا الحبيب.
واليوم لم يعد أمامنا سوى أن نفعل ما فعله محسن ومعصومة، إرسال رسالة إلى الله، لعله يرسل ويوجه أشخاصاً غيورين لهذه المهمة، يعملون على تعزيز الإجراءات الوقائية، من خلال منظومة وقائية تدرأ متوالية خسائر قاهرة، ووضع رؤية إنقاذية لثروة ثمينة تلتهمها النيران على الملأ.
وهذا لا يحتاج إلى معجزة، وإنما إلى إرادة قوية صادقة محبة، تضع مصلحة الوطن فوق أي مصلحة شخصية، ولنكن يداً واحدة في مواجهة هذا الاستنزاف الخطير
لغاباتنا والذي سيحدث خللاً بيئياً وإنتاجياً في حال استمراره.
غاباتنا ثروة وطنية للجميع، وعلينا الدفاع عنها، ونستطيع أن نحافظ على ما تبقى منها عندما تصل رسالتنا إلى من يهمه أمر غاباتنا من مواطن ومسؤول، و الدفاع عنها ليس حكراً على جهة حكومية أو مؤسسة، بل هو واجب على كل مواطن ينتمي لهذا التراب.
(سيرياهوم نيوز1-تشرين)