آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » رسالة الى المقاومة في غزة .. أهم نظرية عسكرية قتالية غربية تقترب من السقوط!

رسالة الى المقاومة في غزة .. أهم نظرية عسكرية قتالية غربية تقترب من السقوط!

 

 

نارام سرجون

 

سيأتيكم كثيرون محملين بالدموع والحسرات حتى تنوء أجسادهم تحتها ويترنحون .. وسيحملون لكم أصوات البكاء الثقيل على أكتافهم .. وسيحلفون لكم انهم خائفون عليكم وأن الموت سيأكل من أبنائكم .. وسيتوسلون اليكم انهم لايقدرون ان يروكم وأنتم تموتون .. وسيحملون لكم العصا والجزرة .. والترهيب والترغيب .. ولكن كلها رسائل اسرائيلية مقنعة بدموع من يحبكم .. وكل هذا من أجل أن تتخلوا عن سلاحكم .. وكي تعيدوا الساعة الى الوراء .. الى ماقبل 7 اكتوبر..

 

لايمكن لمخلوق على وجه الارض ان يضع نفسه في مكان قادة المقاومة في غزة .. بل انها وقاحة مطلقة ان يتقدم أحد متنطحا من مكتبه الفاره المرفه وبجانبه كوب قهوة ساخن .. وقاحة ان ينصح ويؤستذ في السياسة على أهل غزة وقادتهم .. وهم من يدفع الثمن .. ويعيشون في الانفاق .. وهم من يعيش الحرب ويشمون رائحة الدم ولايمشون على الارصفة بل على الجثث .. ويخسرون أبناءهم وفلذات أكبادهم وأصدقاءهم وبيوتهم ..

لكن هذه ليست رسالة عادية .. بل قطعة من قلب يحب فلسطين ويحب مقاومتها .. تقول لكم .. ان الثمن قد تم دفعه .. وأن خذلان العرب والاخوة والمسلمين لكم قد ظهر بلا لبس .. واليوم ظهر لكم ان اسرائيل مشروع غربي ولا يمكن ان تعيش بسلام .. وانها ستهجركم اليوم وغدا .. ونحن نعلم انها ان هضمت معدتها فلسطين فان الوجبة الثانية ستكون لبنان والاردن او سورية ومصر ..

 

لذلك ان القاء السلاح تحت ضغط المأساة الانسانية لم يعد مبررا .. واذا كان الميزان هو أن المزيد من الحرب هو مزيد من الضخايا فان هذا سيكون خيانة لمن استشهد وبقي في بيته ورفض ان يطلب منكم القاء السلاح .. ووفق منطق المساواة فان الاحياء يتساوون مع الأموات اذا رحل من رحل على أمل ان يعيش من يبقى بما بقي من كرامة وكبرياء وحياة لاعبودية فيها .. خيار الصمود لم يعد خيارا ولم يعد من حق أحد ان يتصرف به او يفاوض عليه .. لأنه وصية وأمانة ممن رحلوا شهداء .. بل التمسك بالسلاح والمقاومة الى آخر نفق وآخر مقاتل هو وصية من رحل ووصية من سيرحل .. ولن يكون الاسرائيليون أكثر كرما منك وهم أيضا يقتلون ويخسرون ابناءهم ..

والسبب ان المأساة الانسانية ستكون أكثر فظاعة ودموية أكثر وستكون صامتة اذا سلم الفلسطينيون مقاومتهم .. والسبب هو ان اسرائيل تترنح في اعماقها رغم كل ماتظهره من قوة وعناد .. وان صمدتم وقبلتم ان الموت على أمل هو افضل من الموت بلا أمل .. فهذه ستكون أخر آلامكم ..

 

 

على المقاومة ألا تظن انها مضطرة للتراجع تحت الضغط الانساني .. لأن قبولها بشروط اسرائيل نهاية لها وللقضية الفلسطينينة .. ولكن عنادها سيعني نهاية الحلم الصهيوني الذي بدأ يتفكك وينهار .. فالاسطورة وعقدة الندم والمحرقة تآكلت .. ولم تعد بضاعة يمكن بيعها .. فصاحب المحرقة لديه محرقته الخاصة .. ومن يحرق الاخرين لن يتعاطف مع احتراقه أحد ..

لاتميلوا الى السلم سواء كنتم (الأعلين) ام لا .. هذه لحظة لاتتكرر في التاريخ .. ثمنها دفع .. فليس من المنطق أن تقبل المقاومة بأي ثمن لايقل عن فك الحصار عن القطاع واعادة اعماره .. واعلان تحرير غزة واستقلالها تماما عن اي سلطة اسرائيلية او تابعة لاسرائيل ..

المقاومون لم يتوقعوا ان لاتبالي اسرائيل باسراها .. ولم يتوقعوا ان تكون اسرائيل غبية جدا في انتقامها وفاجرة الى حد جعلها منبوذة في الدنيا .. ولم يتوقع المقاومون ان اسرائيل تغامر برصيدها من التعاطف ومشاعر الذنب تجاه اليهود وتلقي بكل ذلك برعونة في البحر من أجل شهوة الانتقام ومن أجل رهان حقير على انها لاتقبل ان تعيش بلا هيبة .. والمقاومون لم يتوقعوا هذا الخذلان العربي بعد ان كانت الشعوب العربية تثور من أجل قصة مزعومة عن أظافر أطفال درعا وقضيب حمزة الخطيب وكان كل واحد من العرب يتصرف في الربيع العربي كأنه المعتصم ويسمع صرخة وامعتصماه تأتيه من قناة الجزيرة لتجييش الشباب للجهاد في سورية والعراق .. ولكن يكاد المعتصم يخرج من قبره وهو يسمع الاستغاثات من غزة لأن كل كل (المعتصمين) من المجاهدين العرب اليوم صمتوا .. سواء كانوا بلحى ومن جماعة حي على الجهاد ام بربطات عنق او من أصحاب الياقات البيضاء او المؤلفات الثقيلة .. ولم يبق الا المعتصمون بحبل الله والمعتصمون بالأنفاق .. والمعتصمون بمنازلهم المهدمة في غزة ..

المقاومون لم يتوقعوا ان العالم سيتخلى عن جميع مؤلفاته عن حقوقو الانسان وشرعة الامم المتحدة التي احترقت كلها في غزة .. وضاع جهد 75 سنة من التأليف والتعديل لمواثيق الامم المتحدة التي سارت عليها سلاسل الدبابات الاسرائيلية .. وقصفتها القنابل الامريكية وكل الأوراق بالمليارات التي كتبت لم تقدر ان تخفي جسد طفل فلسطيني واحد مزقته الامم المتحدة بتأتأتها في اسقاط فيتو اميريكا ..

المقاومون لم يتوقعوا ان كل الشعوب العربية باردة وأن الشعوب التي حوربت في الربيع العربية هي التي تقف معهم .. بل ان اليمن الذي كانت حماس تحاول مجاملة السعودية في بياناتها وقف دون تردد مع حماس الوطنية ..

 

والمقاومون لم يتوقعوا هذا العناد في أهل غزة .. وهذه الرجولة .. وهذا الكم من الكبرياء الذي هد عزم اسرائيل ..

 

 

ولذلك فان الاسرائيليين والاميريكيين يريدون اعادة عقارب الساعة الى ماقبل 7 أكتوبر عبر فرض شروط استسلام تظهر المقاومة على انها عادت الى ماقبل 7 أكتوبر .. والاميريكيون الذين توقعوا ان يكون الضغط الانساني سببا في هزيمة الخصم كما حدث في المانيا واليابان عندما قصفت المدن وكان الموت بين المدنيين هو سبب استسلام الجيوش .. يكتشفون ان هذه النظرية تتهاوي مثلما تهاوت نظريات الامن حول غزة .. وهم لايفهمون كيف ان هذا التكتيك الذي نجح في اجتياح بيروت وبغداد وليبيا .. لم ينجح في غزة .. وربما سيكون هذا الصمود المذهل هو سبب سقوط احدى أهم نظريات حروب الدول الغربية التي اعتمدت دوما على قتل المدنيين كي يستسلم العسكريون .. ويسلموا سلاحهم دون ان يقاتلوا ..

هذه فرصة ناردة لن تتكرر .. فلا يظنن أحد انه اذا سكتت المدافع الان ان هناك فرصة ثانية لاطلاق الرصاص .. فاسرائيل عينها على المستقبل .. واذا قبلت حماس والمقاومة تحت الضغط الانساني بقبول اي من شروط اسرائيل فان رصيد حماس والمقاومين سينهار .. لأنهم سيظهرون انهم خسروا مئة الف بين شهيد وجريح وسلموا الاسرى وبقي الحصار وضاع الامل .. وعاد الوضع الى أسوأ مما كان عليه قبل اكتوبر ..

وستلجا اسرائيل الى حل سيناء .. اي ستدفع بهم رغم انف مصر الى سيناء .. فاذا عاندت مصر اليوم فانها علمتنا انها ستقبل غدا .. وستقوم اسرائيل بانهاء مشروع التهجير للضفة الغربية بعد أن تذوقت صمت العالم العربي وعجز العالم .. وستقوم بالتهجير تحت ذريعة انها لاتريد حماس اخرة في الضفة .. مستفيدة من جو اللامبالاة الرسمية في العالم الغربي والعربي ..

لذلك مايجب على المقاومة ان تفعله هو ان تدير ظهرها لأي مفاوضات .. وان تفعل مالاتتوقعه اسرائيل والغرب .. وان تبقي اسرائيل في وحل غزة وتبقى هذا الجيش الاسرائيلي المدلل بالتكنولوجيا مستنفرا .. وصدقوني ان لافرق بين مئة ألف ضحية وبين مئتي ألف ضحية أو أكثر .. فليس عدلا ان يقبل المئة ألف الذين أصابهم الموت والدم ان يكون دمهم بلا ثمن كبير تدفعه اسرائيل .. وليس من حق أحد ان يتخلى عن وصيتهم لنا ..

لكن قد يقع حادث لاتتوقعه المقاومة .. ولاتتوقعه اسرائيل .. ويغير كل هذه المعركة .. نحو انهيار دراماتيكي في المجتمع الصهيوني .. الانهيارات الدراماتيكية هي اختصاص التاريخ .. فمن كان يتوقع انهيار الاميبراطورية الشيوعية في أسابيع ؟؟ للتاريخ حكمته .. قوة خارقة في صنع التحولات والمفاجآت .. بيد اضعف من يمر بهم التاريخ ..

يد التاريخ تمسك بغزة كما القلم .. وتشطب بها نظريات قديمة .. وتكتب فصلا جديدا في تاريخ الحرب والسلام ..

(سيرياهوم نيوز ١-مدونة سرجون)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أردوغان ضدّ “إسرائيل”… هل نصدّق؟

  نبيه البرجي   الدولة العضو في الأطلسي، والتي تستضيف على أرضها 50 قنبلة نووية، حتى بعد زوال الأمبراطورية السوفياتية، تشعر، الآن، أنها لا شيء، ...