د.زهير جبور
تحية طيبة ويسعدني أن أخاطبك كسوري حريص على ولادة سوريا الجديدة مابعد سقوط الطاغية!
سمعت وشاهدت مقابلاتك على وسائل الإعلام، لذا سأصارحك ودون أية مواربة بأنني رأيتك في حواراتك رجل دولة ودبلوماسي مهذّب ومحنّك ودقيق يعرف جيداً مايريد،بل وحداثي في مفرداته ومتّسق في حديثه ، واستوقفتني عبارتك : ضرورة التنمية المستدامة للعيش المشترك بين السوريين، ولعله الإبتكار الأهم في حديثك وربما تحقيق ذلك يمثّل المهمة والتحدي الأصعب في المرحلة القادمة،لأن أساس تحقيقها يقتضي قيام دولة المواطنة ،التي تقتضي بدورها إطلاق الحرية بمعناها العميق وليس بديموقراطية الصندوق الانتخابي وحسب وعدم انتقاص مدنية الشعب السوري، التي انحدر منسوبها في عقود الطغيان، ولم يصبر السوريون يوما على انتقاص تمدنهم وتحضرهم وكرامتهم، والدليل على ذلك إسقاط الطغيان بقيادتك وبتضحيات ملايين السوريين، ويُسجَّلُ لك أنك لم تحتكر أو تنسب هذا الإنجازُ لك وحدك ، وبذلك تكون قد دخلت التاريخ من بوابته الواسعة وسيعترف السوريون لك بهذه المأثرة مهما كانت التحالفات والمسارات التي سلكتها لتحقيق ذلك مؤلمة!
لستُ معنياً بكل النعوت التي أطلقها الغرب عليك، فالغرب ليس معنياً بأن تكون سوريا يوماً فردوس الحرية أو الديموقرطية، فأنت إرهابي بنظرهم أو متمدن ورجل دولة بحسب مصلحتهم، وقد ساندوا ،كمثال، واحداً من أسوأ الطغاة في التشيلي الجنرال بينوشيت ضد حكومة منتخبة ديموقراطيا ولم يستنكروا قتل الرئيس الشرعي.سلفادور الليندي !
لذا لا أعوّل على يافطات الغرب في دعم حقوق الإنسان،لكنني أعوّل على أن نكون سوريين، فيصلنا الدستور والقانون والعدالة وعندها سترى الغرب والشرق يقصد سوريا كدولة وليس ككيان هزيل أو ساحة للصراعات الدولية أو كمزرعة كما فعل النظام البائد .
أبرّر وأتفهم بأنك في هذه المرحلة الانتقالية أتيت بحكومة من لون واحد وتثق بها وهذا حقك أن تأتي بفريق عمل تثق به.
واستنكر الكثيرون أن تمنح ترقيات لرفاق لك ساندوك في مشروعك وهم من جنسيات أجنبية ، و هذا وفاء منك لرفاقك وقد فعلها آخرون قبلك عندما عيّن كاسترو الكوبي رفيقه البوليفي غيفارا وزيراً للصناعة في حكومته !
ولكن هذا اتفهمه كسوري ضمن المرحلة الانتقالية وحسب !
أما بعد و هنا المقصد الأساسي لهذا الخطاب:
أرجو المسارعة إلى وضع دستور دائم للدولة السورية في أقلّ من سنة على غرار مافعله شيوخ القانون في سوريا الذين صاغوا دستور عام 1950. وسوريا غنية بالكفاءات والخبرات القانونية ويمكن أن ننطلق من نفس الدستور كهيكلية عامة وإدخال التعديلات الواجبة ليكون عصرياً.
يريد السوريون تطمينات ورؤى مباشرة منك عن مشروعك في بناء دولة المستقبل ، ولنا أن نستفيد كسوريين من النموذج التركي والماليزي والسعودي في صياغة وبناء نموذج الدولة السورية.
وليتنا نسمع منك خطابا مباشراً عن ذلك من منبر في جامعة دمشق في رمزية جديدة !
واعذرني ختاما أن أشدّد على أنه مامن عنف أشدّ من الظلم- وأنت الأدرى بذلك-فالمواطن الذي كان ينشد الحرية لن يقبل بأقلّ منها ، لأن القهر والذلّ والظلم بغير وجه حق هو طاقة مدمرة لكل ماهو غير شرعي وربما حتى لما هو شرعي!
تمنياتي لك ولرفاقك بالتوفيق في قيادة سوريا وشعبها إلى برّ الأمان والإزدهار والسلام، وواثق بأنكم قادرون على اجتراح ذلك شرط ثقتكم بالسوريين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والعرقية…والسلام عليكم ورحمة الله
(اخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتب)