اختيار:المحامي عمران عمران
ارسل رئيس محكمة استئناف حلب وكان اسمه محمد سيرجية
رسالة الى طبيب صديقه في ستينات القرن الماضي عنوانها”رسالة من حاكم الى حكيم” جاء فيها :
لقد قلت لي : انك تحب مرضاك كما تحب امك واباك واختك واخاك
ان قولك هذا،ذكرني بحوار جرى بيني وبين انسان اخر سألني عن شعوري تجاه هذه الفئة البائسة من الناس التي يسمونها بالمجرمين:
فقد اجبته:
كلما جلست الى قوس المحكمة وشاهدت احد المجرمين المكررين اخاطب نفسي يا ابا علي : لو كان ابوه اباك وامه امك وظرفه ظرفك ولو كان ابوك اباه وامك امه وظرفك ظرفه لكان هو الى قوس المحكمة ولكنت انت في قفص الاتهام
قال بصلف: ان محبة المجرمين هي محبة للجريمة
قلت : كما ان محبة الطبيب للمريض لا تعتبر محبة للمرض ، فمحبة القاضي للمجرم لا تعتبر محبة للجريمة…. الداء مرض جسدي والجريمة مرض اجتماعي وليس لهما دواء الا في المحبة
قال بجبروت: يجب ان يخلو قلب القاضي من الحب
قلت: وما ينفع القلب اذا خلا من الحب..
انه جسد بغير روح، سراج بغيرزيت ، زهرة بغير عبير، محراب بغير صلاة ،جبة بغير صوفي ، شمس سوداء ، نجم اعمى ، كمان بغير وتر، سماء بغير قمر، بيداء بغير نهر، ، ولا شجر،ولا زهر ولا ثمر ، خشبة يابسة لا تصلح الا للحرق
قال بتانيب: ان علاقة القاضي بالمجرمين يجب ان تستنير بضوء القانون ، لا بشموع المحبة
قلت: ويل لامة لم تتوقد شموع المحبة في قلوب قضاتها تجاه اخوانهم المجرمين
ويل لامة لم تتوقد شموع المحبة في قلوب حكامها نحو خصومهم السياسيين
ويل لامة لم تتوقد شموع المحبة في قلوب رجال دينها نحو من يختلف معهم في الدين
قال بسخرية: اذن لماذا لم يسم الله نفسه بالمحب مع ان اسماءه الحسنى هي تسعة
وتسعون
قلت: لانه سمى نفسه الودود ، والوداد هو روح المحبة ، والمثابرة على المحبة، لذلك ففي الوداد من المحبة اكثر مما في المحبة من المحبة
يا طبيبي ، يا ودود : مع كل نفس من انفاسك
كرر مع التحقق وردد ( ودود…ودود…ودود..)
تجد نفسك مع الزمن ، قد سموت على طين الارض ، وفنيت في سيد الملكوت
نشرت في مجلة (المحامون)في ستينات القرن الماضي
(سيرياهوم نيوز-18-10-2022)