حسين صقر:
غالبا ما تتكرر أثناء جلساتنا اليومية مقولة” يعطينا خير هذا الضحك” وذلك نتيجة المواقف المؤلمة والمزعجة التي نمر فيها وتطغى على يومياتنا ، وقد تحصل في وقت سبقها موقف مضحك مع الأصدقاء، أو لسماع طرفة أو مفارقة، ولهذا تتسلل إلى أعماقنا حالة من الخوف أو حتى الرعب كلما ضحكنا كثيراً، بينما الحقيقة لا علاقة للسعادة التي نمر بها، و بما يحدث لنا أو نواجهه في حياتنا من منغصات.
الربط بين السعادة والفرح والضحك الذي ينتج عنهما، والمواقف المؤلمة التي تواجهنا هو عين الخطأ، إذ يطلق على تلك الحالة رهاب السعادة، أو شيروفوبيا.
الاختصاصية النفسية لمى كردي قالت في هذا الخصوص: قد يكون الشخص الذي يعاني من تلك الحالة والتي تسيطر عليه بشكل مطلق مصابا باختلال نفسي يسمى شيروفوبيا أو رهاب السعادة، وهو شعور غير عقلاني ولا يوجد أي تفسير له، وقد تكون المصادفات الكثيرة بحياة المريض ساهمت بتشكيله، وهو مايدفعه للخوف من شعور السعادة الذي يعيشه.
وأضافت كردي ليس بالضرورة أن يكون هذا النوع من الأشخاص حزيناً أو مكتئباً طوال الوقت، بل على العكس قد يبدو هادئاً إلا أنه يبتعد عن الأماكن والمناسبات التي تتميز بمشاعر الفرح، وذلك بسبب تولد هاجس دائم لديه بأن شيئاً محزناً سيقع بعد جلسة الفرح تلك.
ونصحت كردي بأنه يجب على الشخص الذي يعاني تلك الحالة تجنب العزلة، وعليه حضور الحفلات والمشاركة الكبيرة بالمناسبات الاجتماعية، لأن الابتعاد عن ذلك يدفع المحيط للتعود على طبيعته وبالتالي سوف يتوقفون عن توجيه الدعوة له، في وقت لا يدري أفراد عائلته وأصدقائه بمعاناته من هذه المشكلة، أو أنهم لا يلاحظون هذا الاختلال الحاصل في تصرفاته، وقد يتجنبون أيضاً التدخل في شؤونه، ويفضلون احترام إرادته.
ونوهت أنه على الشخص الذي يعاني رهاب السعادة أن يتصرف بانفتاح وصراحة مع محيطه، والتحدث مع المقربين حول معاناته، من الشيروفوبيا، ولا ضير لو طلب المساعدة منهم لتخطي تلك الحالة، ولاسيما الأشخاص الذي يثق بهم.
وأضافت الاختصاصية النفسية، أنه على هذا الشخص التحلي بالصبر، سواء كان مصاباً برهاب السعادة، إذ إن هذا الخلل النفسي لا يمكن تجاوزه بين عشية وضحاها، وخاصة أن المشاكل النفسية والعاطفية بشكل عام تتصف بالتعقيد وتستغرق وقتاً لعلاجها.
وحذرت كردي من أن مساعدة شخص على تخطي رهاب السعادة تكون عبر مرافقته وقضاء أكثر وقت ممكن معه، شرط عدم إجباره على الذهاب إلى المناسبات التي لايرغب المشاركة فيها، لأن دفعه لذلك قد يزيد الأمر سوءاً.
ولفتت إلى أن المصابين برهاب السعادة يتوجسون أفكاراً يعبرون عنها بالقول: إن حالة السعادة ستؤدي إلى حدوث شيء سيئ لهم بعدها، مفسرة ذلك بأن غالباً ما يكون رهاب السعادة نتيجة لمحاولة الناس حماية أنفسهم، كرد فعل تجاه مأساة أو صدمة أو صراع سابق.
وأشارت الاختصاصية النفسية أنه في حال كانت الحالة تؤثر على حياة الشخص أو ممارسته لمهامه وعمله، فيمكن أن يطلب مساعدة أخصائي.
لكن إذا كان رهاب السعادة مرتبطاً بصدمة سابقة، فإن علاج السبب الكامن وراءها قد يكون الحل.
وختمت كردي أن الشيروفوبيا كمرض في حد ذاته لم يُشمل بدراسات كثيرة، ولذلك لا يوجد علاج محدد لهذا الاختلال النفسي، ولكن في كل الحالات من المهم جداً التوجه لاستشارة أخصائي نفسي، لأنه بإمكانه تقديم علاج مناسب لمساعدة المريض على تجاوز هذه المخاوف غير العقلانية، ولاسيما إذا كان المصاب يعاني من هذا الأمر بشكل لايستطيع تحمله.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة