رامي الشاعر
كشف الرئيس السوري أحمد الشرع عن جهود دولية بذلت لوقف الضربات الإسرائيلية للمنشآت المدنية والعسكرية السورية يوم أمس.
بدوره قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، إنه تواصل مع الطرفين (سوريا وإسرائيل)، وأعرب عن تطلع واشنطن لخفض التوتر ومساعدة سوريا في الوصول إلى الاستقرار، مؤكدا على أنا ما حدث كان “سوء فهم بين الجانبين السوري والإسرائيلي”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أصدر، 20 مايو، قرارا بالرفع الكامل لكافة العقوبات المفروضة على سوريا، باستثناء عدد من الأفراد المرتبطين بالنظام السابق. أعقب ذلك إصدار الرئيس ترامب، 30 يونيو الماضي، أمرا تنفيذيا برفع العقوبات عن سوريا، وهو ما نفذته بالفعل الخارجية الأمريكية، بهدف منح الشعب السوري فرصة للتقدم والازدهار.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مساء أمس الأربعاء، إن وقف إطلاق النار في سوريا سيدخل حيز التنفيذ خلال 3-4 ساعات، وأضاف: “نحن على تواصل وثيق مع دول المنطقة المعنية منذ بداية الهجمات الإسرائيلية على سوريا”.
وبالأمس أيضا قال الرئيس الشرع في خطاب متلفز له إن السوريين، بتاريخهم الطويل، دائما ما رفضوا أشكال التقسيم، وأكد على استعداد الشعب السوري دائما للقتال من أجل كرامته، ودان محاولات الكيان الإسرائيلي لتحويل الأرض السورية إلى ساحة فوضى، مؤكدا عزمه على عدم إعطاء الفرصة “لتوريط الشعب السوري في حرب لا هدف لها سوى جر شعبنا إلى الفوضى والدمار”.
أشار الشرع أيضا إلى أن الدروز هم “جزء أساسي من هذا الوطن، وحمايتهم من أولوياته”. وطالب مواطنيه بالالتفاف حول تغليب المصلحة الوطنية، وتجنب تفكيك وحدة البلاد وشعبها وإضعاف قدرة الدولة السورية على الضي قدما في مسيرة إعادة البناء والنهوض.
لا شك أن الهزة التي تعرضت لها سوريا قوية ومؤثرة، واستهداف مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة دمشق هو فعل سياسي عسكري خطير المغزى والهدف، وخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس للدروز بـ “إخواننا” الدروز و”إخوانكم” الدروز في الداخل السوري، والتحركات العسكرية بنقل فرقتين من غزة إلى الحدود مع سوريا، تلك كلها مؤشرات جد خطيرة، ذات تبعات استراتيجية، ولا تنتهي بوقف إطلاق نار تكتيكي.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فقد أعادت لي كلمات الشرع ما كتبه المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني السوري، كممثلين عن مختلف أطياف المجتمع السوري بقواه السياسية والمدنية ومجموعاته العرقية والطائفية والاجتماعية منذ سبعة أعوام، في 29-30 يناير من العام 2018، حينما اتفقوا على التسوية السياسية لمشاكل الوطن السوري على أساس الاحترام والالتزام الكامل بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها أرضا وشعبا.
إن كلمات الشرع بالفعل تمثل صوت العقل، بل والواقع على الأرض، فهو يقول إن إسرائيل قد تكون قادرة على البدء بالحرب، لكنها لن تستطيع إنهائها. وهذه حقيقة واقعة يشهد عليها العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، والإبادة الجماعية المستمرة على شعبنا الفلسطيني في غزة. فلا سقط النظام في إيران، ولا توقفت “حماس” والفصائل عن المقاومة، ولا اندثر الشعب الفلسطيني كما يتمنى المتطرفون الإسرائيليون.
والشرع كما نعرفه رجل حرب ونضال وجهاد، وليس “ممن يخشون الحرب” على حد تعبيره، إلا أنه فضل، وحسنا ما فعل، مصلحة السوريين على الفوضى والدمار.
وخطاب الشرع المتزن لا يخص سوريا وحدها، وإنما يخص المنطقة بأسرها. فالفوضى في سوريا تعني فوضى في المنطقة والعالم، وهو ما نعرفه حق المعرفة من تداعيات الأزمة السورية على المنطقة والعالم في الفترة من 2011.
إلا أن ما ينقص الخطاب ربما، وأتصور أن تشرع القيادة في دمشق بالعمل عليها، هو خارطة طريق تشبه تلك التي رسمها المجتمعون في سوتشي 2018، مع اختلاف الظروف والملابسات بطبيعة الحال، حيث يحتاج الشعب السوري الآن إلى تلك الخارطة بشكل ملح وعاجل.
وبصرف النظر عن التوجهات الراهنة للقيادة السورية، إلا أنه يجب عدم التفريط فيما تم التوصل إليه بمبادرة من روسيا التي لم تدخر جهدا في مساعدة الشعب السوري لتجاوز أزمته، ولعل العودة إلى البيان الختامي لمؤتمر سوتشي 2018 تساعد في أن تضع علامات على تلك الخارطة كي يهتدي بها المفكرون وصانعو القرار في دمشق.
أسوق لكم البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، 30 يناير 2018:
اجتمعنا ، نحن مندوبي مؤتمر الحوار الوطني السوري ، الذي يمثل جميع شرائح المجتمع السوري ، وسلطاته السياسية والمدنية ، والجماعات العرقية والطائفية والاجتماعية ، بدعوة من الاتحاد الروسي الودي ، في مدينة سوتشي ، بقصد إنهاء معاناة شعبنا لمدة سبع سنوات ، من خلال تحقيق فهم مشترك لضرورة إنقاذ وطننا من المواجهة المسلحة والخراب الاجتماعي والاقتصادي واستعادة كرامته على الصعيدين الإقليمي والعالمي المرحلة ، وتوفير الحقوق والحريات الأساسية لجميع مواطنيها ، والأهم من ذلك ، الحق في حياة سلمية وحرة دون عنف وإرهاب. الطريقة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف بالذات هي التسوية السياسية لمشاكل وطننا على أساس المبادئ التالية:
-
احترام سيادة [الجمهورية العربية السورية / دولة سوريا] والتزامها الكامل بسيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا كوحدة وشعب. في هذا الصدد، لن يتم التنازل عن أي جزء من الأراضي الوطنية. يظل الشعب السوري ملتزمًا باستعادة الجولان السوري المحتل بكل الوسائل القانونية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي؛
-
احترام والتزام كامل بالمساواة والحقوق السيادية الوطنية لسوريا فيما يتعلق بعدم التدخل. ستلعب سوريا دورها الكامل في المجتمع الدولي والمنطقة، بما في ذلك كجزء من العالم العربي، بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة، ومقاصده ومبادئه؛
-
يحدد الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية، من خلال صندوق الاقتراع، ويكون له الحق الحصري في اختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون ضغط أو تدخل خارجي، بما يتماشى مع حقوق والتزامات سوريا الدولية.
-
تكون [الجمهورية العربية السورية / دولة سوريا] دولة ديمقراطية وغير طائفية قائمة على التعددية السياسية والمواطنة المتساوية بصرف النظر عن الدين والإثنية والجنس ، مع الاحترام التام لسيادة القانون وحمايتها ، والانفصال السلطات ، واستقلال القضاء ، والمساواة الكاملة لجميع المواطنين ، والتنوع الثقافي للمجتمع السوري ، والحريات العامة ، بما في ذلك حرية المعتقد ، والتي تتميز بحكم شفاف وشامل وخاضع للمساءلة ومسؤول ، بما في ذلك قبل القانون الوطني ، مع اتخاذ تدابير فعالة ضرورية لمكافحة الجريمة والفساد وسوء الإدارة ؛
-
دولة ملتزمة بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والتنمية الشاملة والمتوازنة مع التمثيل العادل في الإدارة المحلية؛
-
استمرارية وتحسين أداء مؤسسات الدولة والعامة، مع إجراء إصلاحات عند الضرورة، بما في ذلك حماية البنية التحتية العامة وحقوق الملكية وتوفير الخدمات العامة لجميع المواطنين دون تمييز، وفقًا لأعلى معايير الحكم الرشيد والمساواة بين الجنسين. يستفيد المواطنون من الآليات الفعالة في علاقاتهم مع جميع السلطات العامة بطريقة تضمن الامتثال التام لسيادة القانون وحقوق الإنسان وحقوق الملكية الخاصة والعامة؛
-
جيش وطني قوي وموحد وجدير بالثقة يقوم بواجباته وفقًا للدستور وأعلى المعايير. وتتمثل مهامها في حماية الحدود الوطنية والناس من التهديدات الخارجية والإرهاب، مع مؤسسات الاستخبارات والأمن للحفاظ على الأمن القومي خاضعًا لسيادة القانون، والتصرف وفقًا للدستور والقانون واحترام حقوق الإنسان. يكون استخدام القوة هو الاختصاص الحصري لمؤسسات الدولة المختصة؛
-
الرفض المطلق للإرهاب والتعصب والتطرف والطائفية – والالتزام النشط بمكافحته – بكل أشكاله ومعالجة الظروف المؤدية إلى انتشارها؛
-
احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة، لا سيما في أوقات الأزمات، بما في ذلك عدم التمييز والمساواة في الحقوق والفرص للجميع دون النظر إلى العرق أو الدين أو الإثنية أو الهوية الثقافية أو اللغوية أو الجنس أو أي تمييز آخر، مع آلية فعالة لحمايتهم، والتي تولي الاعتبار الواجب للحقوق والفرص السياسية والمتساوية للمرأة، بما في ذلك من خلال اتخاذ تدابير فعالة لضمان التمثيل والمشاركة في المؤسسات وهياكل صنع القرار، مع آليات تهدف إلى تحقيق مستوى من التمثيل ما لا يقل عن 30 ٪ للنساء، وهدف التكافؤ؛
-
مكانة عالية القيمة للمجتمع السوري والهوية الوطنية، وتاريخها في التنوع والمساهمات والقيم التي جلبتها جميع الأديان والحضارات والتقاليد إلى سوريا، بما في ذلك التعايش بين مختلف مكوناتها، إلى جانب حماية الثقافة الوطنية تراث الأمة وثقافاتها المتنوعة؛
11- مكافحة الفقر والقضاء عليه وتقديم الدعم للمسنين وغيرهم من الفئات الضعيفة ، بما في ذلك الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة والأيتام وضحايا الحرب ، بما في ذلك ضمان سلامة وملجأ جميع المشردين واللاجئين ، وكذلك حماية حقهم العودة الطوعية والآمنة إلى منازلهم وأراضيهم؛
-
الحفاظ على التراث الوطني والبيئة الطبيعية وحمايتهما للأجيال المقبلة وفقًا للمعاهدات البيئية وإعلان اليونسكو بشأن التدمير المتعمد للتراث الثقافي.
نحن، ممثلو الشعب السوري الفخور، بعد أن عانينا من البؤس الشديد ووجدنا ما يكفي من القوة لمحاربة الإرهاب الدولي، نعلن طيه عزمنا على استعادة رفاهية ورخاء وطننا وجعل الحياة لائقة ومريحة ل كل واحد منا.
ولتحقيق هذه الغاية، وافقنا على تشكيل لجنة دستورية تضم وفد حكومة الجمهورية العربية السورية مع وفد معارض واسع التمثيل لصياغة إصلاح دستوري كمساهمة في التسوية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254 .
ستضم اللجنة الدستورية على الأقل الحكومة وممثلي المعارضة في المحادثات بين سوريا والخبراء السوريين والمجتمع المدني والمستقلين والزعماء القبليين والنساء. يجب توخي الحذر لضمان التمثيل الكافي للمكونات العرقية والدينية في سوريا. يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة بشأن ولاية واختصاصات وسلطات النظام الداخلي ومعايير الاختيار لتشكيل اللجنة الدستورية.
نناشد الأمين العام للأمم المتحدة تعيين المبعوث الخاص لسوريا للمساعدة في عمل اللجنة الدستورية في جنيف.
سوتشي، 30 يناير 2018
اخبار سورية الوطن 2 _راي اليوم