آخر الأخبار
الرئيسية » شكاوى وردود » ريف اللاذقية بين رماد الحرائق وتهميش الخدمات.. حملات الدعم تحاول ترميم ما تبقّى

ريف اللاذقية بين رماد الحرائق وتهميش الخدمات.. حملات الدعم تحاول ترميم ما تبقّى

تبدأ القصة من هناك، حيث الأشجار لم تعد خضراء، وحيث القرى تحوّلت إلى بؤر عزلة محاطة بالصمت والدخان، ريف اللاذقية الشمالي الذي طالما عُرف بجماله الطبيعي وتنوعه الزراعي و السكاني، يقف اليوم على حافة الخسارة الكبرى، سنوات طويلة من الإهمال، متبوعة بموجات من الحرائق الكارثية، جعلت هذه المناطق خارج خارطة التنمية، وأقرب إلى “الهامش المُهمل” منه إلى جزء من الوطن الفعّال.

مبادرات شعبية وإنسانية تحاول إنعاش الريف

هذا المشهد القاتم لم يقابل بصمت كامل، حملات دعم شعبية بدأت بالظهور تدريجياً، تحت شعارات بسيطة لكنها فعالة “ادعم حسب استطاعتك” “الريف لا يُترك وحيداً” و”لننقذ ما تبقّى”، هذه المبادرات وإن بدت محدودة في إمكانياتها، إلا أنها نجحت في كسر الجدار النفسي الذي فرضه الشعور بالتخلي، وأعادت الأمل إلى قرى اعتادت أن تسمع الوعود ولا ترى الأفعال.
سعاد الحسن متقاعدة من ذوي الدخل المحدود أكدت أنها حين رأت صور القرى المحروقة، شعرت و كأن جزءاً من روحها قد فُقد، مبينة أنها وعلى الرغم من ظروفها التي لا تسمح لها بالتبرع بالكثير، أرسلت مبلغاً بسيطاً، معبرة عن تضامنها ولو بالدعاء والمساندة المعنوية.
من جهته بين نزار عابدين صاحب متجر أدوات زراعية  أنه ينحدر من أصول ريفية و يُدرك جيداً ماذا يعني أن يخسر الإنسان أرضه أو شجرته التي اعتنى بها لسنوات طويلة، مشيراً إلى أن الوقوف مع الريف اليوم هو واجب على كل فرد، لأن الريف جزء لا يتجزأ من المدينة واذا أنهك وتعب الكل سيتأثر.
وفي السياق نفسه أشارت جنى إبراهيم طالبة جامعية إلى أنها ساهمت من مصروفها الشهري بالتبرع، بالإضافة إلى أنها عملت مع مجموعة من الشباب على تنظيم حملة تبرعات على السوشال ميديا، لافتة إلى أن الريف لم يعد مكاناً فقط وإنما أصبح رمزاً للصبر والقدرة على الوقوف من جديد.

التحديات الاقتصادية وأثر الإقصاء التنموي

الخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية الدكتور علي ميا يصف ما يحدث في ريف اللاذقية بأنه تراكم لنتائج الإقصاء التنموي المستمر، مشيراً إلى أن غياب المشاريع الحيوية وافتقار الريف إلى خطط حقيقية للنهوض يجعل أي كارثة طبيعية ذات أثر مضاعف، سواء كانت حريقاً أو جفافاً أو حتى أزمة خدمات.

د.منصور :حملات التبرع الفردية تشكل حافزاً مهماً لتحريك الوعي العام نحو الريف

الشراكات المجتمعية ودور التطوع في استدامة الدعم

من جهتها ترى الباحثة في التنمية المجتمعية الدكتورة هالة منصور أن حملات التبرع الفردية، رغم رمزيتها، تشكل حافزاً هاماً لتحريك الوعي العام نحو الريف، لكنها لا تغني عن دور الدولة والمؤسسات الرسمية في ترميم البنية التحتية وتأمين الاحتياجات الأساسية، مضيفة إن التبرعات يمكن أن تزرع شجرة، لكن لا يمكنها بناء شبكة مياه أو إنقاذ مدرسة محترقة.
وأكدت الدكتورة منصور أن هذه الحملات تعتمد على مساهمات غير مشروطة، حيث تدعو الناس للتبرع حسب قدرتهم، من مال أو مواد إغاثية، بالإضافة إلى الوقت والجهد التطوعي، والأهم أنها تسعى لبناء شراكات مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، لضمان استمراريتها و مصداقيتها.
في ظل هذا الواقع، لا يبدو أن الريف سيُشفى سريعاً من جراحه، لكن ما يجري الآن من محاولات شعبية لدعمه يعكس وعياً جديداً، يدرك أن بقاء الهامش في العتمة يعني اتساع دوائر الانهيار، وبين الرماد والخسائر، ثمة محاولة وإن متأخرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

 

 

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

1200 طن نفايات يومياً في اللاذقية و350 عاملاً فقط في الخدمة

كشف مدير دائرة النظافة بلال السيد أن المدينة تواجه تحديات كبيرة في قطاع النظافة، في ظل ازدياد حجم النفايات اليومية في مدينة اللاذقية. مشيراً لـ”الحرية” ...