أكد السفير الروسي السابق في لبنان ألكسندر زاسبكين أن روسيا تسعى إلى تأكيد “التعددية المتوازنة” في العالم، و”تأمين الحقوق المتساوية للجميع”، في قبال الهيمنة الغربية وتدمير الشرعية الدولية.
وخلال زيارة وداعية قام به وفد من شبكة الميادين الإعلامية للسفير عقب انتهاء مهامه الدبلوماسية في لبنان، أكد زاسبكين أن “إحدى الثوابت الروسية هي احترام سيادة الدول الأخرى” وضرب مثالاً على ذلك الحالة السورية، فقال “هدفنا في سوريا هو حماية السيادة السورية واستعادة سيادتها على كل أراضيها”، مستغرباً من يتهم روسيا بأنها لا تحترم السيادة السورية.
وشدد على أن روسيا تسعى إلى “إيجاد تلاحم ما بين القوى الوطنية سواء كانوا في السلطة أو خارجها”.
الخوف من إيران “وهم”
أما في ما يتعلق بالانقسامات السياسية في العالم العربي، فرأى زاسبكين أن معظم الانقسامات سببها سياسي وليس طائفياً، فهناك العرب الذين هم مع المقاومة، وهناك من العرب مَن يريد التطبيع مع “إسرائيل”، وهؤلاء خائفين مما يُسمى “توسع إيراني”.حيث مثّل هذا الخوف وهماً لتحويل الاهتمام من قضية النزاع العربي الإسرائيلي، إلى قضية المواجهة ما بين الشيعة والسنّة أو الفرس والعرب، بحسب توصيفه.
وقال زاسبكين إنه “موقف محور المقاومة يعود إلى النزاع العربي الإسرائيلي، وموقفه هذا واضح ضد الاحتلال وضد الإنتهاكات لحقوق العرب والفلسطينيين”.
وأكد زاسبكين أنه يجب التركيز دائماً على موضوع الإنتعاش للقوى الوطنية في كل الدول، منوهاً إلى أن بلاده تتعامل على هذا الأساس، حيث أنها ترى أنّ السياسة الغربية بشكل عام تريد الهيمنة، وتتجسد هذه الهيمنة في أعمال يومية وفي كافة المجالات.
وشدد زاسبكين على أنه يجب العمل أكثر في المستقبل لتوحيد القوى الوطنية وخاصة في العالم العربي، موضحاً أن “الوضع خطير جداً لأنّ التطرّف ينتشر إما تحت شعارات دينية أو تحت شعارات قومية”.
لا يجب طرح سلاح حزب الله قبالة المساعدات الدولية للبنان
وعن لبنان الذي أمضى فيه آخر سنوات مسيرته الدبلوماسية التي امتدت على 47 عاماً، اعتبر السفير زاسبكين أن حل الأزمة السياسية فيه “يتطلب اتفاقاً بين الأطراف النافذة وتقديم تنازلات”، مضيفاً أنه من غير المقبول طرح مسألة نزع سلاح حزب الله مقابل مساعدات دولية جديدة.
وأكد زاسبكين أن محاولة إزالة هذا المكون اللبناني (حزب الله) ستؤدي إلى “تدمير لبنان”، موضحاً أن على الأطراف المحلية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن لا تتجاوز “الخطوط الحمر”، كي لا تنتهي الأمور بدمار البلد. وقال “لبنان فيه أصدقاء لأميركا وأصدقاء لفرنسا وفيه المقاومة، فلذلك يجب أن يبقى هذا التنوع”.
وأضاف أن “موضوع سلاح حزب الله اليوم لا يجوز أن يُفرَض على لبنان مقابل مليارات الدولارات”، منوهاً إلى أنه “يجب التراجع عن الشروط التعجيزية التي حتماً سوف تؤدي إلى ردود الفعل السلبية من المقاومة، وبالتالي لن يكون هناك تشكيل للحكومة”.
وشكك الدبلوماسي الروسي بالنوايا الأميركية تجاه لبنان، لكن ذلك لن يحول، وفق قوله، دون تأييد روسيا للمبادرات الداعية للإصلاح الاقتصادي وتشكيل حكومة تشمل أكبر عدد من الأطراف السياسية اللبنانية.
وقال إن موضوع الحكومة الجديدة يجب أن يكون على أساس الإتّفاق ما بين الأطراف الأساسية ذات النفوذ.
زاسبكين: حزب الله يساهم باستقرار لبنان
وأشار زاسبكين أن الأمن والاستقرار “مستحيل” في لبنان إن استثينا دور حزب الله، مبيناً أن قتال الحزب إلى جانب الجيش السوري والقوات الروسية ساهم بشكل فعّال في تبديل النظرة الروسية تجاه حزب الله، وفتح مجالات أكبر للحوار والتعاون السياسي.
ولفت إلى أن وجود روسيا وحزب الله في “خندق واحد” في سوريا، متنّ علاقة الطرفين، وذلك بالإضافة إلى الحوار السياسي الذي “اقتنعت بموجبه أن لحزب الله دور إقليمي، وأن تقييمه لما يحدث في المنطقة ولبنان مهم جداً”.
وكشف زاسبيكن أنه يمارس الحوار السياسي مع حزب الله خلال 10 سنوات في لبنان، ويعتبر أنّ اللقاء مع المسؤولين في الحزب كل أسبوع أو كل عدة أيام هذا شيء ضروري ولا بد منه، وقال “من خلال هذا الحوار، اقتنعت أنّ حزب الله عنده دور إقليمي، وتقييم لما يحدث في المنطقة مهم جداً، وأيضاً مهم جداً في ما يحدث هنا في لبنان”.
وأثنى السفير الروسي السابق على مواقف أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، قائلاً إنه ينتظر خطاباته ليطّلع على مواقفه من المستجدات السياسية، إذ “لا يعوّض غيره في لبنان أهمية هذه الآراء”، مضيفاً أن “كلامه بالنسبة لي أهمّ من كل شيء آخر”، نظراً لمواقفه “المدروسة” وقدرته على الإقناع “دون ازدواجية أو مناورة”.
وقال إنه التقاه مرتين، كاشفاً عن إنطباعه حول السيد نصر الله وقال، إن “لديه مهارة العالية، هذا شيء نادر، أنه يتحدث حول الأشياء المعقّدة لكنه يتحدث بلغة بسيطة تكون مفهومة للجميع وبدون إزدواجية التعليق عليها، يعني يُفهَم هكذا أو هكذا، لأن المفهوم واضح تماماً ما المقصود بهذا الأمر”.
وشدد على أن “الخلاصة أنّ السيد نصر الله كقائد وسياسي يوصل الموقف بشكل مقنع جداً”.
روسيا تواجه الهجوم الإعلامي الغربي عليها
وخلال اللقاء بوفد شبكة الميادين، أثنى الدبلوماسي الروسي على دورها في مواجهة “الحروب الإعلامية” التي شملت دولاً عدة كروسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وسوريا.
وخلال حديثه حول دور الميادين الإعلامي، اعتبر السفير الروسي في لبنان، أن العالم اليوم على أبواب مرحلة جديدة، موضحاً أن “هناك الحروب التي تشمل كافة المجالات، ليس فقط الحروب الكلاسيكية العادية، بل الحروب الإقتصادية والحروب الإعلامية، وفي مجال الإعلام هذا قد يكون المعارك أشدّ من المجالات الأخرى”.
وتطرق إلى مراحل المعارك الميدانية في سوريا، والتي كانت تترافق بمعارك في الإعلام، والأفلام المزورة لتغطية الموضوع الكيميائي وموضوع الإرهابيين، وشدد على أنه “المطلوب أن نكون نحن في الإستنفار المستمر بالنسبة لما يحدث”، لافتاً إلى أن بلاده تواجه “الهجوم الإعلامي الغربي خلال السنوات الأخيرة، خاصةً وفي المواضيع المعروفة لكم جيّداً”، في إشارة منه إلى الملف الأوكراني وغيره.
وأضاف زاسبيكن، أنه “في المجال الإعلامي فإمكانياتنا العملية وحجمها، أقلّ بكثير من الحجم الهائل للإمكانيات الغربية وحلفائها بما في ذلك في العالم العربي”، لكنه أكد أن “مبدأ طرح رأي للناس الذين لا يقبلون كل ما تقوله الدعاية الغربية، يستطيع أن يكسب الكثير،وبدون التمويل الهائل بل من خلال قضايانا العادلة ومواقفنا الموضوعية”.
(سيرياهوم نيوز-الميادين٢٤-٨-٢٠٢٠)