آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » زراعة الموز في طرطوس منذ ثلاثة عقود.. نجحت والإقبال عليها في ازدياد

زراعة الموز في طرطوس منذ ثلاثة عقود.. نجحت والإقبال عليها في ازدياد

فادية مجد:
في ظل ارتفاع تكاليف البيوت المحمية، كان التوجه في بعض مناطق محافظة طرطوس لزراعة الموز ضمن محميات خاصة.. هذه الزراعة التي يعتقد أغلب المواطنين أنها زراعة ناشئة في بلدنا، والحقيقة أنها زراعة بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، بل ويقال إنها وجدت في سورية منذ سبعين عاماً..
فماذا عن زراعة الموز في طرطوس وما هي المساحات الإجمالية ومناطق زراعته وأنواعه المنتشرة؟؟ ولماذا هذا الإقبال على زراعته.. وما هي الجدوى الاقتصادية منه؟؟


– جدوى اقتصادية جيدة..
للإجابة عن تلك التساؤلات كان استطلاع صحيفة الثورة والبداية مع أحد مزارعي الموز في منطقة الخراب التابعة لمدينة بانياس انطانيوس الياس معوض والذي حدثنا عن زراعته قائلاً: في بداية عام ٢٠٠٠ بدأت بزراعة الموز، ولكن تلك الزراعة في ذلك العام كانت تجربة شبه فاشلة بالرغم من نجاح الموسم، ويرجع السبب في ذلك إلى تدهور أسعاره.
وأضاف: ومع بداية الأزمة وتغير سعر الصرف، أصبحت زراعة البندورة شبه مستحيلة لتكاليفها المرتفعة جداً، فقررت إعادة تجربة زراعة الموز بحكم أنه مادة مستوردة من الخارج، فبدأت بنفقين وكان مردودهما جيداً، ليصبح اعتمادي على تلك الزراعة بشكل كامل نظراً لتكاليفها المتواضعة مقارنة بزراعة البندورة، مبيناً أنه بالنسبة لشروط زراعة الموز أهم شيء هو توفر المياه بشكل جيد، مشيراً إلى أن زراعته تكون عن طريق فروخ أو أنسجة.
وتابع معوض: لدي ٣٥ نفقاً بلاستيكياً مزروعة بالموز، حيث يحتاج كل نفق تقريبا إلى ٧٠ شتلة، لافتا إلى أن ارتفاع الشجرة متوسط وإنتاجه جيد ومقاومته للظروف الجوية ولأمراض التربة كبيرة، أما الجدوى الاقتصادية فهي جيدة مقارنة بباقي الزراعات المحمية (تكاليف أقل ومردود أفضل)، وأنصح المزارعين بزراعته لأنه يدعم الاقتصاد الوطني بحكم أنه مادة مستوردة بالعملة الصعبة، وبذلك نحقق الاكتفاء الذاتي، راجياً الجهات المعنية إيقاف استيراده.
– ١٧٧٥،٩٥ دونماً للموز المحمي..
أما رئيس دائرة الإنتاج النباتي في زراعة طرطوس المهندس ياسر علي أفاد للثورة قائلاً: يعتبر الموز من فواكه المناطق الحارة، موطنه الأصلي الهند وجنوب آسيا، وهو نبات أحادي الفلقة، ويعد من أكبر النباتات العشبية المعمرة، ويتميز بأنه بلا ساق خشبية فوق الأرض، ويصل ارتفاعه من ٣ إلى ١٠ أمتار، فيما يصل قطر الساق إلى ٥٠ و ٦٠ سم.
وعن شروط زراعته ذكر أن الموز نبات استوائي تناسبه الحرارة والرطوبة العاليتين، وأنسب درجة لنموه وإثماره من ( ١٠ – ٤٢ ) درجة مئوية ورطوبة ٩٠ بالمئة، فيما أنسب تربة لزراعته فهي التربة الطمية العميقة، ثم تليها التربة الصفراء الخفيفة الجيدة الصرف والغنية بالمواد العضوية، لافتا إلى أن الموز شديد الحساسية للملوحة وسوء التهوية، مبيناً أنه يبلغ استهلاك الشتلة من المياه ٩ ليترات يومياً في الجو الغائم، و ٢٠ – ٢٥ ليتراً يوميا في الجو المشمس.
وأشار إلى أن زراعته قد بدأت في المحافظة تجربة في تسعينيات القرن الماضي، ضمن محميات خاصة، منوهاً بأنه مع التغير الملحوظ في العوامل المناخية لبيئتنا، ومناسبتها لزراعة الموز المكشوف، أدى ذلك لدخول أصناف جديدة ومتحملة لظروف البيئة المحلية كأنواع الموز القزمي ذات الإنتاجية الجيدة جداً.
وبحسب المهندس علي فإن المساحات المزروعة بالموز المحمي في المحافظة تقدر بحوالي ١٧٧٥،٩٥ دونماً، بالاضافة إلى ٩٩٨،٠٥ دونم زراعة مكشوفة، اما الكميات المنتجة بالزراعتين المحمية والمكشوفة فتقدر بحوالي ٤٤٢٧،٣٤٩ طناً، أما مناطق زراعته فأوضح أنها تنتشر في بانياس ( الخراب _ البساتين _ بعمرائيل _ حريصون )، وفي طرطوس ( دير حباش _ المنطار _ اسقبولي _ البصيصة _ الصفصافة _ السودا _ يحمور .. إضافة لطوق طرطوس).
وختم كلامه بالقول: إن مديرية زراعة طرطوس تولي أهمية لزراعته من خلال قيامها بندوات تعريفية حول زراعته وأهميته الاقتصادية وجدوى زراعته وقيامها أيضاً بجولات ميدانية على مزارع الموز في مناطق المحافظة بغية تقديم كل دعم ومشورة في مجال زراعته أو العناية به.
– أكثر من 70 عاماً..
من جهته رئيس قسم بحوث الحمضيات والنباتات المدارية وشبه المدارية في هيئة البحوث الزراعية بطرطوس الدكتور أحمد يوسف أحمد ذكر أن زراعة الموز وجدت في سورية منذ أكثر من 70 عاماً على شكل شجيرات متفرقة في الساحل السوري، ولكنها لم تنتشر في تلك الفترة بسبب تأثرها الكبير بدرجات الحرارة المنخفضة شتاءً، ولهذا لا يمكن القول إن زراعة الموز في سورية زراعة ناشئة، وقد كان لقسم بحوث الحمضيات و النباتات المدارية (مكتب الحمضيات سابقاً) الذي يتبع إدارة بحوث البستنة في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تجربة جيدة في زراعة الموز استمرت من 1994 إلى 2003، ضمن ظروف الزراعة المحمية، حيث تمت زراعة 4 أصناف من جمهورية مصر العربية أدخلت عن طريق وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي و 6 أصناف محلية من مؤسسة إكثار البذار بحلب ضمن صالة بلاستيكية بمساحة 1,2 دنم.
وبحسب الدكتور أحمد أهمية تلك الزراعة تأتي من أن التنوع في العملية الزراعية هو أمر مهم و ضروري للمزارع والبلد لأنها توفر دخلا مستمراً للمزارعين، عدا عن تواجد متنوع للسلع الغذائية بالنسبة للمستهلكين، كما تقلل أيضا من الاستيراد الخارجي، و كل ذلك ينعكس على الوضع الاقتصادي العام، مع ملاحظة أن هذا التنوع الزراعي ولاسيما بإدخال نباتات جديدة بعيدة مناخياً عن هذه البيئة يجب ألا يكون على حساب الزراعات المتوطنة و المستقرة في البيئة.
ورداً على سؤالنا عما يتم تداوله من تسمية الموز البلدي، والموز القزمي وبما يختلف هذا الأخير عن البلدي و ما هي شروط زراعته أفاد بأنه لا يمكن
القول علمياً عن الموز الموجود في سورية أنه موز بلدي، وذلك لأن سورية ليست موطناً أصلياً لزراعته، وما يطلق عليه جوازاً (الموز البلدي) هو عبارة عن أصناف قديمة أدخلت إلى سورية عن طريق بعض المغتربين، وعن طريق العلاقات الشخصية للمسافرين ويطلق عليها في كثير من الأحيان الموز المحلي وهي تضم (موز أبو نقطة وساحلي وريحاوي ومغربي وفرنسي وصومالي وأردني ) وهي تسميات محلية.
أما الأصناف الجديدة التي أدخلت من مصر عن طريق وزارة الزراعة السورية فهي (غراند نان، وشيكيتا  ووليامز والهندي القصير).
وأشار أحمد إلى أن الأصناف المحلية تتميز بأنها طويلة وكبيرة الحجم، وغزيرة الأوراق، وحساسة للصقيع والرياح، وغير مناسبة للزراعات المحمية وإنتاجها أقل جودة، فيما الأصناف المدخلة فهي أكثر إنتاجا وأفضل جودة وأقل ارتفاعاً، لافتا أنه يوجد حالياً صنف يتحدث عنه المزارعون وهو الصنف / اليت2 / وهو ناتج زراعة أنسجة على الأرجح، يصل سعر الغرس منه إلى 60000 ل س، في حين الأصناف الأخرى يتراوح سعر غراسها بين 15000 و 30000 وذلك حسب الصنف والعمر.
وبخصوص الموز القزمي قال: إنها تسمية أطلقت على أحد أصناف الموز التي ادخلت الى سورية من مصر عام 1997  و هو الموز الهندي القصير الذي يتميز بساق كاذبة تصل إلى 2 متر و وزن السوباط بين 15 الى 20 كغ.
– زراعات تحميلية..
وعن نجاح تلك الزراعة و العوامل التي تساعد على انتشارها بين المزارعين والجدوى الاقتصادية من زراعتها أكد أن نجاح أي زراعة يعني استمراريتها وتأقلمها مع الظروف البيئية إضافة إلى جدواها الاقتصادية، وأفاد: خلال السنوات السابقة وجدت مزارع موز متفرقة على شكل زراعات تحميلية مع الحمضيات وعدد من الزراعات المحمية، وقد كانت ذات منفعة ربحية عالية حسب كلام أصحاب تلك المزارع و السبب الأساسي يعود إلى ارتفاع أسعار التسويق نظراً لقلة المعروض من المنتج، منوها أنه إذا نجحت هذه الزراعة من حيث المبدأ التساؤل الذي يطرح هل ستكون تلك الزراعة قادرة على الاستمرار.
ويرى الدكتور أحمد أن الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الزراعة هي هروب المزارعين من التكلفة العالية لعملية زراعة البيوت البلاستيكية بمحاصيل الخضار ومستلزمات العمل، حيث المصاريف أقل حالياً في زراعة الموز مقارنة مع زراعة الخضر، إضافة للعائد الاقتصادي الكبير المتحصل عليه بسبب ارتفاع أسعار المنتج نتيجة قلة المعروض منه، كما أن التغيرات المناخية لجهة الارتفاع العام لدرجات الحرارة و انخفاض تكرار موجات الصقيع خلال الشتاء كلها أمور ساهمت في التفكير بالتوجه لزراعة الموز.
– دعم مزارعي الموز..
وحول ما قاموا به كهيئة فرعية في طرطوس بخصوص دعم مزارعي الموز ذكر أن تجربتهم مع زراعة الموز التي بدأت عام 1994 واستمرت حتى عام 2003 كانت تجربة جيدة في ظروف الزراعة المحمية، وضمن الإمكانيات المقدمة من قبل وزارة الزراعة لخدمة هذه التجربة في تلك الفترة، وقد خلصت إلى إن الصنف (غران دنان) هو الصنف الأكثر ملاءمة للزراعة المحمية بين الأصناف المختبرة في الساحل السوري من الناحية الإنتاجية والاقتصادية، حيث يبلغ الاقتصادي لمزرعة الموز هو 7 سنوات ليبدأ الإنتاج بعدها بالتراجع، موضحاً أن النجاح الحالي لزراعة الموز مرتبط بالظروف المناخية من جهة و قلة المنتج المعروض من جهة أخرى، وبالتالي فإن تبني أو تشجيع تلك الزراعة هو مغامرة محفوفة بالمخاطر للأسباب التالية وهي درجات الحرارة المنخفضة وموجات الصقيع المتكرر شتاءً والتي ستؤدي حكماً إلى مشكلات في استمرارية هذه الزراعة.
وبيَّن أن ارتفاع أسعار الموز يعود بالدرجة الأولى إلى انخفاض المعروض منه، غير أن التوسع في الزراعة سيقود حكما إلى ارتفاع الإنتاج وبالتالي زيادة المعروض وهذا سيقابله بالتأكيد انخفاض واضح في الأسعار، منوها بأنه عند التفكير في التصدير كمبرر للتوسع بالزراعة نتساءل هل سنكون منافسين حقيقيين للبلدان المنتجة للموز عربياً وعالمياً والتي تتوفر فيها الظروف المناخية المناسبة لزراعة الموز.

ولفت أنه لا يوجد قدرة تنافسية من حيث المبدأ لمحصول الموز لمنافسة محاصيل الخضار الأكثر أهمية و طلباً من قبل المستهلك والتموضع مكانها وذلك بسبب عدم القدرة على التوسع الأفقي لضيق المساحات الزراعية المتاحة للتوسع في الساحل السوري، مشيرا إلى أنه في النهاية يبقى التحدي الأكبر متمثلاً في انخفاض درجات الحرارة والصقيع شتاءً، إضافة إلى القدرة على تأمين الاحتياج المائي لهذه الشجرة حيث إنها تحتاج إلى 25 لتر ماء يوميا صيفاً  و 10 ليترات ماء يومياً شتاءً.

 

سيرياهوم نيوز-الثورة1

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرارة حول معدلاتها وأمطار متفرقة على المنطقة الساحلية‏

تميل درجات الحرارة للارتفاع قليلاً لتقترب من معدلاتها لمثل هذه الفترة من ‏السنة، نتيجة بقاء البلاد تحت تأثير امتداد منخفض جوي سطحي ضعيف ‏يترافق بتيارات ...