كتب:بسام الخالد
“خرطوش فردك أنا.. أنت فصّل ونحنا منلبس.. بعد كلامك ما في كلام.. صدر البيت إلك والعتبة إلنا.. نحنا من بعدك ” .. عبارات نسمعها يومياً في العمل، في الشارع، في الأسواق، في الدوائر الرسمية وجميعها تنهل من قاموس التملق!!التــَـمَـلــُـق لغة : هو الود واللطف وأصله التليين، والمـَـلــَــق : شدة الود واللطف، ويقال رجل مَـلـِـق أي يعطي بلسانه ما ليس في قلبه، والتملق أو المداهنة: عبارة عن مديح ومجاملة ليست صادرة من القلب، وثناء مزيف من شخص يكذب، يستخدمه كوسيلة لكسب الرضا.. وللتَمَلُّق تقنيات منها: الخضوع والتذلل والمداهنة والثناء الكاذب والغيبة والنميمة، يستعين بها المُتملّق للفت انتباه المُتَمَلَّق له وكسب رضاه، كوسيلة للتسلق الاجتماعي وتحقيق المآرب الشخصية، متجاوزاً القيم الاجتماعية والأخلاقية ومغلفاً الحقيقة بغلاف النفاق!تعاني الحياة الاجتماعية العربية المعاصرة من أمراض اجتماعية خطيرة، أبرزها ظاهرة التملق أو النفاق الاجتماعي، وخطورة هذا المرض على مجتمعاتنا أنه أصبح أحد المؤهلات الضرورية للارتقاء في الوظائف والتقرب من الرؤساء والصعود إلى المناصب القيادية، ففي كل موقع تجد المسؤول محاطاً بأشخاص يجيدون التزلف، ولأنهم ليسوا أكفياء، فإنهم يحاولون دائماً محاربة الناجحين لابعادهم.المتملقون يسعون إلى التقرب من صاحب السلطة أو المسؤولية أو المنصب، بالإطراء والمديح والثناء وإظهار الاخلاص له والتفاني في خدمته بهدف تحقيق مصلحة أو منفعة مادية أو معنوية، وفي الغالب يكون المتملق مبالغاً في المدح، وأحياناً كثيرة تكون الصفات التي يمدح بها الآخرين غير موجودة فيهم، هذا الأسلوب يعتمده البعض ممن يعيشون خواءً داخلياً، فنجدهم يتملقون هذا وذاك لأنهم لا يستطيعون العيش بذاتهم، بل بغيرهم، فالمتملق يمكن أن يقوم بدور “الخادم”، كأن يحمل حقيبة رئيسه في العمل أو يطلب له القهوة فور دخوله مكتبه، وربما يقوم بدور “المخبر” الذي يشي بزملائه، وربما تحول إلى “مدّيح” لكل ما يتحدث به رئيسه، فيقول له بعد كل جملة ينطق بها: ” كلامك درر سيدي” !!جميعنا يستخدم مديح المجاملة، وجميعنا يحتاج إلى هذا المديح، لكن ثمة فرق بين مديح المجاملة ومديح التملق والنفاق، وما بينهما فارق كبير وشاسع، فالأول لا يضر بقائله ولا مستمعه ولا حتى بالمحيطين بهما، بل قد يكون له أثر إيجابي في تحفيز الشخص الذي تتم مجاملته لدفعه للنجاح والتفوق، وذلك يُعدّ قوة معنوية داعمة، أما مديح التملق فهو على العكس تماماً، قد يدفع الشخص المُتَمَلَّق له للغرور ويدفع المتملق للاستمرار في نفاقه طالما أنه يجني من ورائه المكاسب، كما يدفع المحيطين بهما للقرف والاشمئزاز. ظاهرة التملق قديمة – جديدة، ويبدو أنها كالشائعات، تنتشر أكثر بين الناس في الأزمات، فقد ازدادت على المستويات كافة لدرجة أننا بتنا نخشى أن يكون الزمن الذي نعيشه هو زمن التملق والمتملقين، ونخشى ما نخشاه أن يتماهى المتملقون مع تملقهم ويستمرئ المُتَمَلَّق لهم اللعبة ويطبقون القول المعروف: ” النفاق هو الذي يجعل الناس سعداء.. أما الحقيقة فتجعلهم يشعرون بالحزن والكآبة” ؟!
(سيرياهوم نيوز1-صفحة الكاتب19-5-2022)