هو زهير بن أبي سلمى، ربيعة بن رباح المزني، ينتهي نسبه بمضر، وزهير هذا أحد الشعراء الثلاثة الفحول المتقدمين، وهم: امرؤ القيس وزهير والنابغة الذبياني، وكانوا يفضلونه على شعراء الجاهلية، كما كانوا يفضلون الفرزدق على من كان في زمنه من شعراء العصر، وقد نشأ في نجد شأنه شأن كثير من فحول الشعراء الذين جادت بهم هذه البقعة من جزيرة العرب.
وكان أبوه شاعراً وخاله شاعراً، وأخته سلمى شاعرة، وأخته الخنساء شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وابن ابنه المضرب بن كعب بن زهير شاعراً، ويدلّ شعره على إيمانه بالبعث والنشور، وقد عُرف بمدحه (هرم بن سنان) وهو القائل فيه:
قد جعل المبتغون الخير في هرم
والسائلون إلى أبوابه طرقا
من يلقَ يوماً على علاته هرما
يلقَ السماحة فيه والندى خلقا
ويُقال: إنه كان ينظم القصيدة في شهر وينقّحها ويهذّبها في سنة، وكانت تسمى حوليات زهير، وقد توفي قبل أن يُبعث الرسول (ص) بسنة واحدة، ومعلّقته مشهورة، ومنها هذه الأبيات:
أمنْ أم أوفى دمنة لم تكلّم
بحومانة الدرّاج فالمتثلم
ديار لها بالرقمتين كأنّها
مراجع وشم في نواشر معصم
ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يضره ومن لا يتق الشتم يشتم
ومن هاب أسباب المنية يلقها
ولو رام أسباب السماء يسلم
وشعر زهير بن أبي سلمى مملوء بأخبار الحرب التي استعرت بين عبس وذبيان، تلك الحرب المعروفة بحرب «داحس والغبراء»، وقد دعا الشاعر القبيلتين إلى الصلح، وامتدح اثنين من رؤساء ذبيان هما (هرم بن سنان) و(الحارس بن عوف) اللذان لم يقصّرا في السعي نحو وقف القتال، ويلحظ هذا في كثير من أبيات المعلّقة كقوله:
فلمّا عرفت الدار قلت لربعها
ألا انعم صباحاً أيها الربع واسلم
(سيرياهوم نيوز-تشرين)