زيت الخروع من دهن علاجي للأوجاع إلى خلطات التجميل الطبيعية

باسمة اسماعيل:

منذ آلاف السنين، احتل زيت الخروع مكانة بارزة في الطب البديل لدى حضارات قديمة كالمصريين واليونانيين والرومان، وكذلك في الطب الصيني والهندي. واليوم، يعود هذا الزيت مجدداً إلى الواجهة، ليس فقط في الوصفات الشعبية، بل في النقاشات العلمية والطبية الحديثة، مدعوماً بدراسات بحثية وآراء مختصين، فبين تاريخ علاجي يمتد لآلاف السنين، وعودة قوية إلى الواجهة عبر منصات الصحة والتجميل، يبرز سؤال محوري: ما الذي يؤكده العلم فعلاً عن هذا الزيت، وأين تبدأ المبالغة وتنتهي الحقيقة؟

زيت الخروع لم يكن يوماً مجرد زيت عادي في ذاكرة الطب الشعبي في اللاذقية، بل شكل لسنوات طويلة جزءاً من “خزان الوصفات” التي اعتمد عليها الأهالي في علاج آلام المفاصل، وتغذية الشعر، وتخفيف بعض المشكلات الجلدية البسيطة. واليوم وبعد أن تغيرت أنماط الاستخدام، عاد هذا الزيت إلى الواجهة لكن بثوب مختلف، حيث بات يدخل في خلطات تجميلية حديثة إلى جانب زيوت طبيعية أخرى.

استخدامات قديمة.. علاج ودهن موضعي

في الماضي كان زيت الخروع يستخدم من قبل المعالج بالطب الشعبي في اللاذقية، كدهان موضعي على الركبة أو المفاصل، كما أوضح العطار عبد الله أبو حسن لـ “الحرية”، الذي يعمل في سوق العطارين باللاذقية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، قائلاً: زمان كان الطلب على زيت الخروع لعلاج آلام الركبة والظهر والمفاصل، أو لدهن فروة الرأس لمن أصيب بالثعلبة.

وتابع: حتى إن كبار السن سابقاً كانوا يستخدمونه مع خلطه بزيت الزيتون وتدليك مكان الألم به، وكانوا يحرصون على أن يكون الزيت دافئاً، ما يساعد على اختراق الجلد بشكل أسرع،  ويخفف الألم ويحسن الدورة الدموية الموضعية، وهذه ممارسات متوارثة قبل انتشار الأدوية الحديثة.

تحول في الاستخدام.. من العلاج إلى التجميل

وأضاف: اليوم أصبح زيت الخروع لا يستخدم فقط كوصفة طبية من قبل الطبيب كملين، ولا كعلاج شعبي بل تخطاهما ليصبح يستخدم في الوصفات التجميلية للوجه ولتقوية الشعر وتقصفه… الخ، ولم يعد يشترى منفرداً فقط، بل بات يطلب الزبائن زيوتاً أخرى لخلطه معها، مثل: زيت إكليل الجبل لتحفيز الكولاجين بالوجه، وزيت جوز الهند للترطيب، زيت اللوز الحلو أو زيت الزيتون لتخفيف كثافته، مبيناً أن الجيل الجديد يستخدم زيت الخروع للوجه، للرموش، ولتفتيح البشرة.
وأضاف: هذا التحول يعكس تأثراً واضحاً بوسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار وصفات العناية بالبشرة والشعر، حيث يروج لزيت الخروع كمكون تجميلي متعدد الاستخدامات.

ماذا تقول الدراسات الحديثة عن زيت الخروع؟

علمياً، يستخرج زيت الخروع من بذور نبات Ricinus communis، ويعرف بتركيبته الغنية بحمض الريسينوليك، الذي يمنحه خصائص مضادة للالتهاب وترطيبية، ما يفسر استخداماته التقليدية والشائعة.

من الفوائد المدعومة علمياً..

ملين طبيعي يستخدم في علاج الإمساك العرضي، مع التحذير من الاستخدام المطول أو المفرط.

خصائص مضادة للالتهاب قد تساهم في تخفيف آلام المفاصل والعضلات عند الاستخدام الموضعي.

ترطيب البشرة وتحسين حالة الشعر، وذلك بفضل الأحماض الدهنية وفيتامين E، مع أن الأدلة السريرية القاطعة لا تزال محدودة بالنسبة لبعض الادعاءات الشائعة.

ووفق المراجعات العلمية، لا تزال الادعاءات التجميلية الواسعة، مثل تحفيز الكولاجين أو نمو الشعر الكثيف، غير مثبتة سريرياً بشكل قاطع.

تحذيرات وتوازن بين الشعبي والحديث

رغم الفوائد المحتملة، يحذر الأطباء من الاستخدام غير الواعي، خصوصاً عند التناول الداخلي غير الموجه طبياً، بسبب المخاطر مثل تقلصات معوية وإسهال أو اضطرابات توازن الأملاح، كما ينصح بتوخي الحذر عند استخدامه أثناء الحمل.

خلاصة محلية وعلمية..

بين الاستخدام القديم كدهان علاجي، والاستخدام الحديث كمكون تجميلي، يبقى زيت الخروع مثالاً على تطور الطب الشعبي، تحت تأثير الموضة الصحية. فوائده موجودة لكن تضخيمها قد يحولها من علاج تقليدي نافع إلى استخدام غير محسوب.

ويبقى الوعي، والاعتدال، واستشارة المختصين، العامل الحاسم في الاستفادة من هذا الزيت، الذي انتقل من ذاكرة الجدات إلى رفوف التجميل الحديثة.