| محمد خواجوئي
يترقّب أطراف الاتفاق النووي الإيراني، والمعنيّون بهذا الملفّ، ردّ الولايات المتحدة على الردّ الإيراني المُسلَّم إلى الاتحاد الأوروبي، فيما يُحكى عن ثلاثة احتمالات يتقدَّمها عدم القبول وعدم الرفض، ما يعني مقترحات إضافية، وتالياً تمديداً للمفاوضات النووية. وفي الوقت الضائع هذا، تُكثّف إسرائيل ضغوطها، علّها تُقنع الإدارة الأميركية بالعدول عن المضيّ في الاتفاق، أو تأجيله إلى ما بعد انتهاء انتخابات الكنيست المرتقبة في تشرين الثاني المقبل، وهو ما من شأنه أن يقوّي شوكة بنيامين نتنياهو بوجه خصومه في السلطة
طهران | مع انقضاء الأسبوع الأوّل على إرسال إيران ردّها على مقترح الاتحاد الأوروبي الرامي إلى إحياء الاتفاق النووي، تتّجه جميع الأنظار نحو الولايات المتحدة، في انتظار ردّها على الردّ الإيراني، فيما تُكثّف إسرائيل، ومعها معارضو الاتفاق في الولايات المتحدة، من ضغوطها للحيلولة دون إحيائه. وعلى رغم الإحجام عن نشْر نصّ الردّ الإيراني، بيدَ أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين تُظهر أن طهران وافقت على المقترح الأوروبي، فضلاً عن تقدُّمها بمطالب جديدة تخصّ مسألة الضمانات بعدم انسحاب واشنطن مجدّداً من الصفقة. وفي أحدث تصريحاته، وصف وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الردّ الإيراني بأنه «كان معقولاً»، لافتاً إلى أنه تمّ إرساله إلى الولايات المتحدة، لكنها «لم تردّ رسمياً بعد». وبهذا، تكون إيران قد رمت الكرة في الملعب الأميركي، لتُراوح التوقّعات بخصوص ردّ واشنطن ما بين ثلاثة خيارات: فإمّا الردّ الإيجابي الصريح؛ وإمّا الردّ السلبي الصريح؛ وإمّا تقديم اقتراحات متبادلة. ومع استبعاد الاحتمالَين الأوّلَين، يُرجّح أن تذهب أميركا إلى الخيار الثالث، وهو ما يعني مواصلة المحادثات للتوصّل إلى اتفاق نهائي.
وفي ظلّ تزايد الغموض الذي يكتنف المحادثات، فإن هواجس إسرائيل ممّا تسمّيه تجاوُز النصّ المقترح من جانب جوزيب بوريل، للخطوط الحمر الأميركية، لا تفتأ تتزايد، ما يدفعها إلى تكثيف ضغوطها في السرّ كما في العلن، مع اقتراب الانتخابات النيابية وتَعقُّد الوضع السياسي الداخلي. ويرى مراقبون أنه في حال الإعلان عن الاتفاق قبل الانتخابات المرتقبة في تشرين الثاني، ستصبح أمام بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم المعارضة، فرصة لاستغلاله كأداة ضغط ضدّ رئيس الوزراء الحالي، يائير لابيد، الذي دعا القوى الدولية، أخيراً، إلى وضع نهاية للمحادثات مع إيران. ويأتي ذلك فيما يُنتظر أن يزور مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولاتا، واشنطن، الأسبوع الجاري، لإجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين، بمَن فيهم نظيره الأميركي جايك سوليفان، حول البرنامج النووي الإيراني. وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مسؤولين في الإدارة الأميركية حاولوا طمأنة نظرائهم الإسرائيليين إلى أن الولايات المتحدة «لم تقدِّم تنازلات جديدة لإيران». ونقل موقع «واللا» العبري عن كبار المسؤولين الأميركيين، قولهم إن البيت الأبيض أفاد، من خلال إرسال رسائل إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الأيام العشرة الأخيرة، بأن «ثمّة ثغرات (لا تزال عالقة) في المحادثات مع إيران، ولا يُتوقّع أن يتمّ إحياء الاتفاق النووي في المستقبل القريب». وقال هؤلاء إن «البيت الأبيض أكد خلال محادثات مع كبار مسؤولي مكتب لابيد، أن إدارة بايدن، وعلى النقيض من تقارير وسائل الإعلام، لم توافق على إعطاء أيّ تنازل جديد». وفي الاتّجاه نفسه، نقل موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن إدارة بايدن بذلت جهداً لطمأنة تل أبيب إلى أنها لا تزال عند موقفها، غير أن المسؤولين الإسرائيليين لم يقتنعوا بكلامها. وقال مسؤولون إسرائيليون للموقع، إن لابيد لا ينوي ممارسة دعاية ضدّ الإدارة الأميركية على غرار ما يفعله نتنياهو حول الاتفاق النووي المحتمل مع إيران.
أفاد مسؤولون بأن إدارة بايدن بذلت جهداً لطمأنة إسرائيل إلى أنها لم تمنح إيران تنازلاً جديداً
في هذا الوقت، أعلن البيت الأبيض أن بايدن، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ناقشوا، خلال اتصال هاتفي مشترك، ملفّ المفاوضات الجارية، و«الحاجة إلى تعزيز الدعم للشركاء في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المشتركة لردع وتقييد أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار». وجاء ذلك بينما استأنف ناقدو الاتفاق وحُماته في واشنطن، حربهما من جديد، في ما ينبئ بأن الولايات المتحدة ستكون، خلال الأشهر المقبلة، مسرحاً لمواجهات بين مختلف التيارات السياسية، كما في عام 2015، إبّان توقيع الاتفاق النووي آنذاك. وفي هذا الخصوص، كتب موقع «بوليتيكو» الأميركي، أنه «على غرار الأعوام السبعة الماضية، فإن اللوبيات وناشطي السياسة الخارجية والسلطات الأجنبية والمشرّعين، سيستخدمون في هذه المعركة أيّ وسيلة للتعبير عن وجهة نظرهم، وكذلك التأثير في الرأي العام؛ بدءاً من الدعاية الإعلامية المدفوعة، وصولاً إلى حملة كتابة الرسائل وإجراء الحوارات ونشر التقارير والمقالات في مختلف وسائل الإعلام. إن هذه الحملة ستستعر أكثر، بخاصّة عندما تصل محادثات فيينا إلى النتيجة المنشودة».