| خالد زنكلو – دحام السلطان – محمد أحمد خبازي
استمر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في عملية استباق مناسبات واستحقاقات لها علاقة بتصريحاته بشأن شن عدوان جديد داخل الأراضي السورية، ومواصلة تصعيده الكلامي أو الضغط على خطوط الجبهات التي ينوي اختراقها لتأسيس «منطقة آمنة» مزعومة، حيث كثف عدوانه على مناطق بريف الحسكة، ما أدى إلى إصابة 6 عناصر من الجيش العربي السوري وخروج محطة تحويل كهرباء من الخدمة، في حين أفادت أنباء بقيام القوات الروسية بنصب منظومة دفاع جوي من نوع pantsir-sa بمطار القامشلي.
وأكدت مصادر محلية في ريف الحسكة لـ«الوطن»، أن الاحتلال التركي واصل الاعتداء على محيط المناطق الشمالية الغربية للمحافظة واستهدف نقطة للجيش العربي السوري في محيط قرية أم الكيف غرب بلدة تل تمر غرب الحسكة، ما أدى إلى إصابة ستة عناصر تم نقلهم جميعاً إلى المركز الإسعافي الطبي بمدينة الحسكة.
وأشارت المصادر إلى تساقط عشرات القذائف الصاروخية على محيط قرى تل تمر من دون توقف منذ الساعة الرابعة فجراً ولغاية التاسعة والنصف صباحاً من يوم أمس ما أدى إلى حدوث إصابات بشرية وخسائر مادية كبيرة في ممتلكات المدنيين وانقطاع التيار الكهربائي.
وبين مدير عام شركة الكهرباء أنور عكلة، حسب وكالة «سانا»، أن الاحتلال التركي اعتدى بقذائف المدفعية على أم الكيف ما أدى إلى إلحاق الأضرار بخط الـ 66 ك.ف، المغذي لمحطة تحويل كهرباء تل تمر 20-66 ك.ف وخروجها من الخدمة.
في الأثناء، ذكر موقع «باسنيوز» الكردي، أن القوات الروسية نصبت منظومة دفاع جوي من نوع pantsir-sa في مطار القامشلي، بالتزامن مع تهديدات النظام التركي المستمرة بشن عدوان جديد. ونشر الموقع عدة صور للوجود الروسي في المطار خلال عملية نصب المنظومة.
في ظل هذه التطورات، عدّ مراقبون للوضع شمال وشمال شرق سورية أن وعيد أردوغان أمس خلال مشاركته في اجتماع تشاوري لحزبه «العدالة والتنمية» رداً على الممانعة الروسية – الأميركية لمخططه العدواني، بأنه لا يريد لأحد «أن يزعجنا هناك، ونقوم بخطوات في هذا الخصوص.. نواصل بعناية الأعمال المتعلقة باستكمال خطنا الأمني على حدودنا الجنوبية عبر عمليات جديدة»، يأتي في إطار تصعيده الإعلامي لكسب نقاط تعزز طموحاته التوسعية بإقامة «المنطقة الآمنة»، بعد كشفه الأربعاء أمام أعضاء كتلة حزبه في البرلمان عزم نظامه «تطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين»، على حد زعمه.
وأشار المراقبون إلى أنه لا يمكن لأردوغان، وبأي حال من الأحوال، اتخاذ قرار بشن الحرب المفترضة قبل انتظار نتائج مباحثاته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء المقبل، حيث سيرافقه في الزيارة ممثلون عن وزارة الدفاع الروسية.
ولفتوا إلى أن أردوغان بحاجة أيضاً إلى توافق ضامني مسار «أستانا» روسيا وإيران أيضاً بشأن أي إخلال بخطوط تماس المناطق محل أطماعه، والمتوقع عقد جولة جديدة منه منتصف الشهر المقبل بموجب صيغة «أستانا»، وبالتالي، لا بد من التريث في انتظار ما ستسفر عنه تلك المباحثات، إلا إذا قرر أردوغان الإخلال بقواعد اللعبة منفرداً رغم معارضة موسكو وواشنطن وعدم وجود توافق إقليمي ودولي بشأن ذلك.
المراقبون توقعوا ثبات الموقف الروسي المناوئ لأي عدوان للاحتلال التركي، لاسيما أنه سيشمل في مرحلته الأولى منطقتي منبج وتل رفعت الخاضعتين لنفوذ روسيا، وفي ذلك إقلال من هيبة موسكو التي وجهت رسائل عسكرية وسياسية في كل الاتجاهات تدل على معارضتها للعدوان منذ إعلان أردوغان في 23 الشهر الفائت نيته بإطلاقه.
ونوهوا إلى أهمية ما أعلن عنه الخميس الماضي المبعوث الخاص للرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، بضرورة عدم الانخراط في التوقعات «الافتراضية» للعملية العسكرية التركية، بالتزامن مع إبداء موسكو على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، عن أملها بأن يمتنع النظام التركي عن أي أعمال تقود لـ«تدهور خطير» في سورية، وفي ظل تحذير وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنقرة من تعريض المنطقة «للخطر».
كل ذلك، دفع المراقبون إلى القول إن أردوغان سيؤخر «ساعة الصفر» بتوقيت مخيلته إلى وقت الانتهاء من الحراك العسكري والسياسي القائم على طاولة الفاعلين الرئيسيين في ملف الأزمة السورية، وفي مقدمتهم روسيا وأميركا، في انتظار تحقيق إجماع بشأن ذلك أو الحصول على ضوء أخضر بعملية محدودة تنقذ ماء وجهه، أو إيقاف ساعته حتى إشعار آخر.
وفي إطار معارضة الكرملين لتوجهات أردوغان، كشفت مصادر محلية في منبج لـ«الوطن» عن وصول تعزيزات عسكرية روسية أمس إلى قاعدة السعيدية بريف المدينة الجنوبي الغربي، عززت الوجود الروسي في قاعدة العريمة، ما يدل على مساعي موسكو الاستمرار بتوجيه الرسائل العسكرية لوقف الاعتداء التركي، ومنها تحليق حوامات عسكرية روسية على خطوط تماس نهر الساجور غرب منبج حيث تعرضت القرى المأهولة بالسكان مع قرى ريفها الشرقي إلى قصف مدفعي عنيف من الاحتلال ومرتزقته على مدار اليومين الماضيين، في المنطقة الحيوية التي تصل مناطق هيمنة الاحتلال التركي ومرتزقته التي يسميها «الجيش الوطني» بعضها ببعض.
أما في ريف حلب الشمالي الأوسط، وحسب قول مصادر أهلية في تل رفعت لـ «الوطن»، فقد استمر الاحتلال التركي ومرتزقته بنهجهم التصعيدي عبر قصف عدة قرى بعشرات القذائف المدفعية والصاروخية، قبل أن تواصل المروحيات الروسية ولليوم الرابع على التوالي التحليق في سماء المنطقة المهددة بغزو تركي وصولاً إلى تل رفعت، وذلك بالتوازي مع تحليق طائرة حربية روسية وتسيير دورية عسكرية روسية منفصلة وللمرة الثانية خلال 4 أيام في ريف مدينة الدرباسية بريف الحسكة الشمالي.
في شمال غرب البلاد، أوضح مصدر ميداني لـ«الوطن» أن الوحدات العسكرية العاملة بريف حماة الشمالي الغربي، دكت أمس بالمدفعية الثقيلة مواقع للإرهابيين في محاور التماس بسهل الغاب، في حين دكت الوحدات العاملة بريف إدلب نقاط الإرهابيين في بينين وحرش بينين والبارة بريف إدلب الجنوبي.
شرقاً، قضت الوحدات المشتركة من الجيش والقوات الرديفة أمس خلال اشتباكات ضارية، على العديد من الدواعش شرق الرقة، حسب قول مصدر ميداني لـ«الوطن».
سيرياهوم نيوز3 – الوطن