باولا عطية
في ظل التنافس السياحي المتنامي بين الدول العربية، تكشف التوقعات الخاصة بعام 2025 عن تقدّم لافت في معدلات الزائرين إلى عدد من الدول في المنطقة، ما يعكس نجاح السياسات السياحية والاستثمارية التي تنتهجها هذه الدول لجذب المزيد من السياح من مختلف أنحاء العالم.
الإمارات في الصدارة
تتصدر دولة الإمارات القائمة بمعدل متوقّع يبلغ 25.8 مليون زائر، بفضل مكانتها كوجهة عالمية للسياحة والترفيه والأعمال. وتمتاز الإمارات ببنية تحتية متطورة، ومهرجانات عالمية، وأسواق فاخرة، فضلاً عن معالم بارزة مثل برج خليفة وجزر النخلة.
وسجل قطاع السفر والسياحة مساهمة بلغت 257.3 مليار درهم (70.1 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، أي ما يعادل 13% من الاقتصاد الوطني. وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031 رفع مساهمة القطاع إلى 450 مليار درهم بحلول 2031.
السعودية في المركز الثاني
جاءت المملكة العربية السعودية ثانيةً بـ 20.3 مليون زائر، مستفيدة من “رؤية 2030″، التي جعلت من السياحة ركيزة اقتصادية محورية. ويُعدّ الحج والعمرة أبرز عناصر الجذب، إلى جانب السياحة الترفيهية، التي عززتها مشاريع ضخمة مثل نيوم والبحر الأحمر.
وبلغ إجمالي الإنفاق السياحي في السعودية عام 2024 نحو 284 مليار ريال بزيادة 11% عن 2023، فيما تجاوز إنفاق السياح الوافدين 168.5 مليار ريال، محققاً نمواً بنسبة 19%.
المغرب ومصر في المراتب التالية
حلّ المغرب ثالثاً بـ 13.1 مليون زائر، بفضل مزيج من السياحة الثقافية والتاريخية والشواطئ الساحرة. وقد استقبل المغرب خلال 2024 نحو 17.4 مليون سائح بعائدات قياسية بلغت 112 مليار درهم (11.2 مليار دولار)، بزيادة 43% مقارنة بـ2019.
أما مصر، فجاءت رابعة بـ 13 مليون زائر، مستفيدة من آثارها الفريدة كالأهرام وأبو الهول، إضافة إلى السياحة الشاطئية في شرم الشيخ والغردقة. وحققت في 2024 إيرادات بلغت 15.3 مليار دولار بزيادة 9% على أساس سنوي، مع ارتفاع أعداد السياح إلى 15.7 مليون سائح.
قراءة اقتصادية
يرى الخبير الاقتصادي د. بلال علامة في حديث إلى”النهار” أن هذه المؤشرات السياحية تعكس تحوّلاً نوعياً في الاقتصادات العربية، حيث أصبحت السياحة رافداً أساسياً يفتح آفاقاً جديدة أمام الأفراد والشركات والمستثمرين. ويقول: “تنامي أعداد السياح لا يقتصر أثره على إنعاش قطاع الضيافة والفنادق، بل يخلق فرصاً واسعة للتجارة، والاستثمار في البنى التحتية، وتبادل المنافع الاقتصادية بين الدول العربية نفسها. فالسائح الخليجي في المغرب أو مصر، مثلاً، لا يسهم فقط في تعزيز دخل البلد المضيف، بل ينقل معه أيضاً خبرات واستثمارات محتملة تفتح آفاقاً للتعاون المتبادل”.
ويشير علامة إلى أن التنافس السياحي العربي لا يجب أن يُنظر إليه كصراع صفري، بل كفرصة للتكامل: “عندما تنجح الإمارات في جذب عشرات الملايين من السياح، أو تحقق السعودية قفزات في إنفاق السياح الوافدين، فإن ذلك يعزز صورة المنطقة كوجهة عالمية متكاملة. هذا النجاح ينعكس على بقية الدول العربية، ويحفّزها لتطوير خدماتها ومشاريعها، ما يخلق ديناميكية نمو شاملة”.
تظهر الأرقام أن السياحة تحولت إلى ركيزة اقتصادية رئيسية في المنطقة العربية، مع مشاريع عملاقة وتسهيلات متزايدة لجذب الزوار. لكن الأهم، وفق ما يوضح الخبراء، هو أن مستقبل السياحة العربية يقوم على التكامل والتبادل الاقتصادي بين الدول، لا على المنافسة وحدها. وهذا ما يجعل السنوات المقبلة مرشحة لأن تشهد ترسيخ مكانة المنطقة كإحدى أبرز الوجهات السياحية في العالم.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار