ما بين الأمس واليوم انتشرت ظاهرة تدخين أطفال ويافعين أعمارهم ما بين ١٠ إلى ١٥ سنة، يدخنون السجائر على الملأ دون خوف في ظل غياب الاحترام أو الرّادع القانوني والعقاب وهي ظاهرة تخدش الحس المجتمعي، وتدمّر بنية المجتمع، فمن يستطيع أن يمر مرور الكرام من دون أن يسترعي انتباهه منظر طفل يمسك سيجارة أو أركيلة وعمره لم يتجاوز السنوات العشر، البعض سيحاول تقديم النّصيحة والآخر سيتمتم شاتماً الأهل وقلة التّربية، ولكن هناك سؤال يطرق العقل ما هو السّبب الذي يدفع طفل في عمره يحب أن يتناول البسكويت ويحتسي العصير لا أن يمسك السيجارة في لوحة تبدو فيها براءة الطفولة مذبوحة.
للوقوف على أسباب هذه الظّاهرة، وعلاجها التقت صحيفتنا “الحرية” دكتورة الإرشاد النّفسي في جامعة طرطوس الدّكتورة لينا غانم، التي أكدت أن ظاهرة التّدخين عند الأطفال واليافعين منتشرة في أيامنا هذه وتعد من أخطر الظّواهر على المجتمع، والأطفال من النّاحية الجسدية والنفسية والاجتماعيّة.
أسباب ومسببات
وبيّنت غانم أن للتدخين عدة أسباب منها التّقليد: فالأطفال واليافعون عادة لديهم جماعة يرجعون إليها بالأفكار والمواقف والسّلوكيات، ومن هذه السّلوكيات التّدخين ويمارس هذه العادة حتى ينال قبولهم واستحسانهم ويشعر بالانتماء إلى هذه الجماعات. والنّماذج الشّهيرة من الممثلين، واليوتيوبر، ونجوم السّوشيال ميديا فيتأثرون بهم، ويتصرفون نفس سلوكياتهم، بالإضافة لتكرار مشاهد التّدخين في الأغاني، والمسلسلات تعوّد العقل الباطن على طبيعية المشهد ما يشجع الأطفال واليافعين على التّجربة ومنها إلى التّعود على التّدخين.
الرّغبة بالتجربة
تحمل هذه المرحلة العلميّة الرّغبة، والاكتشاف، والتجربة فيتصرف الفرد طبقاً لما تمليه عليه نفسه ليعيش الخبرة الجديدة .
وأشارت غانم إلى غياب الضّمير الحي عند البائع ليعطي هذه المواد للأطفال من دون تفكير وذلك للحصول على المكسب المادي، وكذلك المقاهي التي تقدم النّرجيلة للأطفال للحصول على هذا المكسب. وغياب رقابة الأهل على الأطفال والانشغال عنهم وعن تصرفاتهم وإهمالهم إضافة إلى سهولة الحصول على السّجائر وتوفرها بالشّوارع في ظل غياب الرّقابة القانونيّة على ذلك وتوفر السّيولة الماديّة مع الأطفال والمراهقين ما يسمح لهم بإشباع الفضول للتدخين بالإضافة لضغوطات الحياة اليومية تحمل الأهل على تناول السّجائر للتخفيف من الضّغوط الأمر الذي يشجع الأطفال على تقليدهم وعمالة الأطفال وإحساسهم بالاستقلالية الماديّة ، و بأنهم كبار يدفعهم إلى التّدخين.
العقم والعجز الجنسي
وأكدت غانم أن للتدخين عواقب صحية خطيرة على المدخنين عموماً، وعلى الأطفال واليافعين بشكل خاص، كأمراض الجهاز التنفسي من ربو والتهاب الشّعب الهوائيّة، وأمراض القلب، والسّكري لكونه عاملاً يزيد من خطر الإصابة بهذه الأمراض، ومشاكل في النمو والإصابة بالسّرطانات، ومشاكل بالرّئة، فالتدخين يحد من نمو الرّئة، إضافة إلى مشاكل في العين:
فقد يؤدي التّدخين إلى مشاكل في العين بما في ذلك إعتام عدسة العين بالإضافة إلى الآثار السّلبية للتدخين على المدى الطّويل والذي يؤدي إلى العقم والعجز الجنسي كما يؤثر التّدخين في الخصوبة.
تأثير على القدرات العقلية
وتابعت غانم: هناك تأثير للتدخين أيضاً على القدرات العقليّة عند الأطفال حيث يؤدي التّدخين السّلبي إلى انخفاض في القدرات الإدراكية، والذّهنية للأطفال وبالتالي يؤثر في أدائهم الدّراسي ،وقدرتهم على التّعلم وقد يؤدي التّدخين إلى إفراز مواد كيميائيّة في الدّماغ تؤثر على المزاج والسلوك ما يزيد من خطر التّقلبات المزاجية والعصبية.
وله تأثيرات اجتماعية حيث يعدّ المدخنون أكثر عرضةً للشعور بالعزلة الاجتماعية والوحدة، ما قد يؤدي إلى تفاقم مشاكل الصّحة العقلية.
أما أهم الآثار النّفسية فهي أن التّدخين يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة باضطرابات نفسيّة مثل القلق والاكتئاب والتوتر.
مراقبة سلوك الأطفال
ولفتت غانم أنه من الضّروري علاج هذه الظّاهرة عن طريق مراقبة سلوك الأطفال من قبل الأهالي، والانتباه إلى التّغيرات في سلوكهم التي تشير إلى التّدخين، وتوعية الأطفال بمخاطر التّدخين من قبل الأهل أولاً، والمدرسة ثانياً ووسائل الإعلام .
تعزيز لغة الحوار مع الطّفل لمعرفة الأسباب التي أوصلته للتدخين، ومساعدته بأسلوب إيجابي للتخلص من هذه الظّاهرة والدّعم النّفسي، والاجتماعي، وتوفير بيئة داعمة ، ومشجعة للأطفال والمراهقين للإقلاع عن التّدخين، ومساعدة الأطفال.
تنظيم حملات توعية
وتشجيع الطّفل على ممارسة التّمارين الرّياضية وملء أوقات الفراغ، وتطبيق قوانين صارمة لمنع بيع السّجائر للقاصرين، وزيادة الضّرائب على السّجائر لتقليل القدرة الشّرائية بالإضافة إلى تشديد الرّقابة على الأماكن التي تباع فيها السّجائر.
والأهم تنظيم حملات توعية بوسائل الإعلام ، والسوشيال ميديا ، وتقديم نماذج لأشخاص أقلعوا عن التّدخين، وعن الفروق الجسديّة والنفسيّة التي تغيرت عليهم قبل وبعد التّدخين .وعلاج ظاهرة عمالة الأطفال والاهتمام بهم وإرسالهم إلى المدارس وتنمية مواهبهم.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية