*عبد اللطيف عباس شعبان
فيما أنا أرتِّبُ مكتبتي في بداية شهر آذار، وقعتْ بين يديْ مجلة العربي، العدد / 438 / لشهر أيار عام / 1995 /، والصَّفحة رقم/ 81 / بعنوان” الشاعر والحياة “، ويتضمن أبياتا متفرقة للشاعر”فاضل خلف”
في أربع رباعيات يتحدث فيها عن عمر السبعين، ورباعية عن الطفولة ، ورباعية عن الفتوة.
يقولُ في السَّبعين:
يــا أيُّها الحـائــرُ فـي عُمــرهِ ….. في غمْرةِ السَّبعين تشكو العفاءْ
تبحـثُ عـن رسمِـك في فجرهِ ….. وفجـرُه صــار رهـنُ الفنــــاءْ
رونقــهُ الــلألاءُ فـي سحـــرهِ ….. أصبـحَ مهـدورَ السَّنـا والسَّنـاءْ
فـاقبـلْ بمـا جــاءك من أمــرهِ ….. فـوحــدُه منفــردٌ بــالبقــــاءْ
ويقولْ :
في غمرةِ السَّبعينَ لا يرعوي ….. عن غيِّـهِ في حبِّ هذي الحيــاةْ
واعجبــًا منـهُ ألا يــرتــوي ….. من كأسِها حتى يذوقَ الممــاتْ
وهـو الـذي بنــارِهــا يكتـوي ….. في كلِّ يـومٍ من جميـعِ الجهـاتْ
وكــلُّ من في فلكِهــا يكتــوي ….. المالكــون الأرضَ مثـل العفـاةْ
ويقولْ :
في غمْرةِ السَّبعينَ تمضي بهِ ….. سفينـةُ الـدَّهـرِ بعصـفِ الرِّيـاحِ
يمشي الهُوينى وهوفي سربهِ ….. مقيَّــدَ الخطـو كسيــرَ الجنـــاحِ
يحمـلُ هـمَّ العمــرِ في قلبـــهِ ….. بــلا دواءٍ نــاجــعٍ أو ســــلاحِ
عصـاهُ نِعْـمَ العـونِ في دربهِ ….. بهـا تحـدَّى السَّير بيـن البـِطاحِ
ويقولْ:
في غمْرةِ السَّبعينَ يستوضحُ ….. عـنِ الحيــاةِ الشَّـــاعرُ الحــائــرُ
مـا سِــرُّها وهو بهـا يســرحُ ….. قدْ حــارَ فيهــا طرفـَـهُ السـَّـاهـرُ
مـا كنهُهـا.. ماذا الذي يسفـحُ ….. في ضفَّتيـهــا الفلــكُ الــدَّائـــرُ
هل هي دار البؤسِ أومسرحُ ….. لكــلِّ شـــادٍ أيُّـهـــا الشَّـــاعــــرُ
ويقولُ عن الطفُّولة :
طفـولــةٌ يهفـــو إليهـــا ولا ….. يذكــرُ منهــا غيــرَ أصدائِهــا
غـابتْ كبـرقِ خلَّبٌّ في الفــلا ….. أو غيمـــةٍ مـــرَّتْ بـأنـوائِهــا
أين مضى الطفلُ بِدُنيـا الـولا ….. كيفَ تلاشــى بيـنَ ضوضائِهـا
أسئلـةٌ حيـْـرى تـوالــتْ علـى ….. أفكــارهِ الحيـْـرى بِغلـوائـِهـــا
ويقولُ عن الفتُّوة :
أينَ الفتى الزَّاهي بِشرخِ الشَّبابْ ….. كيف اختفـى بيـنَ فجـاجِ الـزَّمنْ
كيفَ اختفى مثل بحارِ السَّـرابْ ….. كيـف تـوارى حُسْنـهُ المفتَتــنْ
هـلْ ظن”َ يومـًا أنَّ ذاكَ الشِّهـابْ ….. يخبـو سريعـًا في طبـاق الـدُّجـنْ
وهــل درى أنَّ جمـــالَ الإِهــابْ ….. سيطفـئُ الـدَّهـرُ سنــاهُ الحسَـــنْ
وقدْ عثرتُ بين أوراقي المتناثرة على أبياتٍ للشاعر ابن صالح الأندلسي حيث يقولْ :
وابنُ خمسيـنَ مـرَّ عنه صباهُ ….. فيــــراهُ كـــأنــَّــهُ أحـــــلامُ
وابنُ ستِّيـنَ صيَّرتـْهُ اللَّيـالـي ….. هدفــًـا للمـــوتِ وهـي سهـــامُ
وابـنُ سبعيـنَ لا تسلْنـي عنهُ ….. ابـنُ سبعيــنَ مــا عليــهِ كـلامُ
فـإذا ازْدادَ بعدَ ذلكَ عشـرًا ….. بلــغَ الغــايــةَ الَّتــي لا تُــرامُ
وفي نفسِ اليومْ كنتُ قدْ قرأتُ صباحًا سورة الأنبياءْ والآية الأولى تقولْ:
” اقتربَ للناسِ حسابُهم وهم في غفلةٍ مُعرضون “
وأنا عبَرت السَّبعين من العمر، وليس من الجائزْ أن أقول باتِّجاه الثمانين، فالأعمارُ بِيدِ الله، ” وما يُعمَّرُ من مُعمَّرٍ ولا يُنقَصُ من عُمُرِهِ إلا في كتابٍ إنَّ ذلك على الله يسير ” ( فاطر / 11)، ولي أصدقاء عبروا الثَّمانين، ويحدوهم الأملْ، ويثابرون العملْ، ويسرُّني حديثهمْ …
فما رأيكمْ … طابَ سعْيُكمْ .
(سيرياهوم نيوز12-3-2022)