رشا سلوم:
لم يعد الطفل في عالم اليوم طفلاً يتلقى التربية الأسرية والقيم الأخلاقية من الأسرة والمجتمع والمدرسة ومن أقرانه، إنما غدا العالم كله مصدر التربية والضخ الإعلامي الذي لا يمكن أن يقف لحظة واحدة، وهذا ليس موجهاً للطفل وحده إنما للجميع أطفالاً شباباً وكباراً، غدا الإعلام صانع الحدث ومحركه والموجه له إلى حيث يريد وكانت وسائل التواصل الاجتماعي النهر الكبير الذي يصبّ في هذا البحر الهائج.
من هنا توجهت الدراسات الاجتماعية والنفسية للبحث في هذا الأثر المدمر الذي يجتاح حتى الدول التي كانت وراءه
من هنا يجب أن نقف عند كتاب مهم جداً حمل عنوان “وسائل الإعلام والمجتمع وجهة نظر نقدية” الذي نال مكانة مهمة في المكتبات والدراسات التي تناولته ومنها ما نشره موقع الغد الذي يرى أن كتاب “وسائل الإعلام والمجتمع: وجهة نظر نقدية”، لمؤلفه آرثر أسا بيرغر وترجمة الأكاديمي الدكتور صالح أبو اصبع الأستاذ في جامعة فيلادلفيا يطرح جملة من القضايا والموضوعات المتعلقة بأسئلة ومشكلات وسائل الإعلام المتعددة في المجتمع.
وهنا نشير أيضاً إلى أن أهمية الكتاب تكمن في ذلك التناول الجريء لمفهوم الثقافة الشعبية ومسألة الاستعمار الثقافي وقدرتها في التأثير على ثقافات إنسانية متنوعة، لافتاً إلى الدور الذي تلعبه وسائل الاتصال الحديثة.
يناقش المؤلف في كتابه مسألة البعد الأخلاقي في حقل الإعلام في فصل خاص عن الفنانين والمبدعين لكونهم من أكثر الفئات استهدافاً للمشكلات المتعلقة بأخلاقيات العمل الإعلامي.
يشتمل الكتاب على مقدمة بعنوان وجهة نظر في وسائل الإعلام، إضافة إلى أحد عشر فصلاً منها: وسائل الإعلام في أفكارنا وحياتنا واستخدام وسائل الإعلام في أميركا والبعد الاجتماعي لجماليات وسائل الإعلام وجماهير وسائل الإعلام والتأثيرات التكنولوجية، وأهمية نصوص وسائل الاتصال الجماهيري ووسائل الإعلام والعنف وفناني وسائل الإعلام وفرضية الثقافة الجماهيرية والمجتمع ووسائل الإعلام والمجتمع.
ويكشف عن قدرة الصور والبرامج الإخبارية في إحداث تغييرات جذرية داخل المجتمع، مبيناً أنه يمكن لنصوص معينة في وسائل الاتصال الجماهيري توليد انعكاسات جذرية، مذكّراً بتعامل وسائل الإعلام في أميركا مع اعتداءات نيويورك يوم الحادي عشر من أيلول.
ويرى الكتاب أن العنف في الكثير من الأفلام المعاصرة وبرامج التلفزيون التي غدت مهووسة بالإثارة والتشويق المجاني المفرط غالباً ما تكون تأثيراته مدمرة لكونها تعلق في نفسيات وذاكرة المتلقي، خصوصاً لدى شريحة الأطفال والفتيان لسنوات طويلة.
وعلى الرغم من أن الكتاب يعالج موضوعات ترتبط بوسائل الإعلام في أميركا وهيمنتها على الحياة هناك، فإن الرسائل الإعلامية والثقافية في ظل العولمة باتت هي نفسها التي يتلقاها الجمهور العربي، ولهذا فإن الموضوعات التي يطرحها الكتاب ليست غريبة على القارئ العربي.
يسد الكتاب المدعم بأرقام وهوامش نقصاً في المكتبة الإعلامية وهو يفيد الباحثين والدارسين والعاملين في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، ويسلط الضوء على جوانب خفية في هذا الحقل المعرفي المثير للجدل والتجاذبات في أساليب رواية الأخبار والقصص .
وهنا نشير إلى أن الكتاب يقدم بالأرقام كيف تفكر أميركا بالقراءة وهي تنشر أكبر عدد من الكتب في العالم، ومن اللافت أن الكتاب يبحث في مفهوم ثقافة النخب ويطرح السؤال التالي، هل تؤثر الثقافة الشعبية على ثقافة النخب وكيف يكون ذلك من خلال وسائل الإعلام التي أصبحت ألف شكل ولون؟.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)