تتصاعد الخلافات بشأن مستقبل ومصير سلاح “حماس” في ظل مقترحات قطرية وتركية لتجميده أو تخزينه، مقابل إصرار إسرائيلي على نزعه خلال أشهر. وتتقاطع هذه المساعي مع تحذيرات إسرائيلية من تعاظم نفوذ الحركة، ومع استعداد “حماس” لبحث ترتيبات السلاح ضمن رؤية لحل سياسي شامل.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى وجود اقتراح قطري تركي بنقل سلاح “حماس” إلى السلطة الفلسطينية أو تخزينه تحت إشراف دولي، فيما ترفض تل أبيب مهلة العامين التي تطالب بها قطر وتركيا لنزع سلاح الحركة وتصر على أشهر فقط، ونقلت الصحيفة العبرية عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية تحذيرهم من أن أيّ بدائل لنزع سلاح “حماس” تهدف إلى الإبقاء على نفوذها في غزة. وحذرت المصادر من أن “حماس” تعيد تنظيم صفوفها وتعزز سيطرتها شبه الكاملة على غزة، مستغلة الفراغ الأمني الناتج عن الهدنة الهشة. وشدد المسؤولون على ضرورة خطة عملياتية إسرائيلية مستقلة لنزع السلاح، دون الاعتماد على مبادرات أميركية أو دولية قد تكون “ناعمة” تجاه الحركة.
في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لـ”حماس” باسم نعيم، أمس الأحد، إن “حماس” مستعدة لمناقشة “تجميد أو تخزين” ترسانة أسلحتها كجزء من وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مقترحاً صيغة محتملة لحل إحدى القضايا الأكثر إثارةً للجدل في الاتفاق الذي توسّطت فيه الولايات المتحدة.
ويتزامن ذلك في الوقت الذي تستعد فيه الأطراف للانتقال إلى المرحلة الثانية والأكثر تعقيداً من الاتفاق.
وقال نعيم لوكالة “أسوشيتد برس” الأميركية: “نحن منفتحون على اتباع نهج شامل لتجنّب المزيد من التصعيد أو لتجنّب أيّ اشتباكات أو انفجارات أخرى”.
,منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ في تشرين الأول/أكتوبر، أجرت “حماس” وإسرائيل سلسلة من عمليات تبادل الأسرى. مع بقاء رفات رهينة واحدة فقط في غزة – وهو شرطي إسرائيلي قُتل في هجوم 7 أكتوبر – تستعد الأطراف للدخول في المرحلة الثانية.
وتهدف المرحلة الجديدة إلى رسم مستقبل غزة التي دمّرتها الحرب، ومن المتوقع أن تكون أكثر صعوبة، إذ تتناول قضايا مثل نشر قوة أمنية دولية، وتشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي، ونزع سلاح “حماس”. ومن المقرر أن تشرف لجنة دولية، برئاسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على تنفيذ الاتفاق وإعادة إعمار غزة.
ويبدو أن مطلب إسرائيل من “حماس” بإلقاء أسلحتها سيكون صعباً للغاية، إذ يقول المسؤولون الإسرائيليون إن هذا مطلب أساسي قد يعرقل التقدّم في مجالات أخرى، خاصة أن أيديولوجية “حماس” متجذرة بعمق في ما تسمّيه المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، وقد رفض قادتها الدعوات إلى الاستسلام على الرغم من الحرب التي استمرت أكثر من عامين وأدت إلى تدمير أجزاء كبيرة من غزة ومقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
ويقول الكاتب والباحث السياسي الدكتور مراد حرفوش لـ”النهار”: هناك وجهات نظر متباينة حيال كيفية معالجة سلاح المقاومة في غزة، فهناك من يطرح تجميد السلاح أو تخزينه أو وقف العمل به، وهو طرح تقدّم به عدد من الوسطاء الإقليميين، من بينهم قطر وتركيا. في المقابل، تطالب إسرائيل بأن يتم نزع السلاح خلال مدة محددة لا تتعدى أشهراً، لأن نتنياهو يريد التصلّب في هذا الموقف ليخدمه في عام الانتخابات داخل إسرائيل ويرضي قاعدته الانتخابية اليمينية”.
ويضيف: “يعيدنا ذلك إلى خطة ترامب المكوّنة من 20 نقطة، التي تُعَدّ في الأساس غامضة ولا تتضمّن توضيحاً أو تفاصيل دقيقة لبنودها، كما تحمل كثيراً من التباينات في القراءة والرؤية”. ويرى أن “ما سيحسم هذه المسألة هو الرؤية الأميركية وفريق عملها في هذا الشأن، مع العلم بأن الوسطاء يقدّمون العديد من الأفكار لتقريب وجهات النظر حول هذه المسألة وغيرها”.
ويشير حرفوش إلى أن “قضية قوة الاستقرار لا تزال عالقة، ولا سيّما أن تفسيرات مهام هذه القوة يشوبها خلط بين كونها قوة لحفظ النظام أو قوة تنفيذية، وهناك فرق جوهري بين المهمّتين”، إذ يرى أن “مقترح تخزين سلاح المقاومة أو تجميده أكثر واقعية في هذه المرحلة، بما يسمح بالتركيز على القضايا الأخرى الملحّة في قطاع غزة، وخاصة الاتفاق على مهام قوة الاستقرار والبدء بعملية إعادة الإعمار في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي ما زال يعيشها أهالي القطاع”.
وقال نعيم إن “حماس” تحتفظ بـ”حقها في المقاومة”، لكنه أضاف أن الجماعة مستعدة لإلقاء سلاحها كجزء من عملية تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية. ولم يقدم تفاصيل كثيرة عن كيفية تحقيق ذلك، لكنه اقترح هدنة طويلة الأمد مدتها خمس أو عشر سنوات لإجراء المناقشات.
وتابع: “يجب استغلال هذه الفترة بجدية وبشكل شامل”، مضيفاً أن “حماس منفتحة بشأن ما يجب فعله بأسلحتها… يمكننا التحدث عن تجميد الأسلحة أو تخزينها أو تسليمها”.
وليس من الواضح ما إن كان هذا العرض سيلبّي مطالب إسرائيل بنزع السلاح الكامل.
يعتمد وقف النار على خطة من 20 نقطة قدمها ترامب، مع دول “ضامنة”. وقد اعتمد مجلس الأمن الدولي هذه الخطة، التي تقدم طريقة عامة للمضيّ قدماً. لكنها كانت غامضة في التفاصيل أو الجداول الزمنية وستتطلب مفاوضات شاقة تشارك فيها الولايات المتحدة والجهات الضامنة، التي تشمل قطر ومصر وتركيا.
ومن بين الشواغل الأكثر إلحاحاً نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار. ومن الأسئلة الرئيسية هل ستتولى القوة مسألة نزع السلاح؟ وقال نعيم إن هذا الأمر لن يكون مقبولاً بالنسبة إلى “حماس”، وتوقع أن تقوم القوة بمراقبة الاتفاق.
في ظل تضارب المقترحات وتشدد المواقف، يظل ملف سلاح “حماس” عقدة مركزية تعرقل مسار التفاوض. ومع انتقال الأطراف إلى مراحل أكثر حساسية، يبقى مصير السلاح محوراً خلافياً معقداً.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
