آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » سليمان العيسى.. و «الفلسطينيّ الطائِر»

سليمان العيسى.. و «الفلسطينيّ الطائِر»

هفاف ميهوب
«على امتدادِ نصفِ قرن من الزمن، رافقتُ جرحنا العربي الذي كان، ولا يزال، ينزف رافقتُ فلسطين، وقلت في مأساتها التي هزّت كياننا، واحتلّت أهم مساحة في حياتنا، ما لم أقلهُ في أيّ نكبةٍ أخرى، على كثرةِ ما في حياتنا العربية من المآسي والأحزان»..
كلماتٌ، قالها الشّاعر سليمان العيسى في كتابه «على طريق العمر»، وضمن مقالٍ تحدّث فيه عن فلسطين، وعن قيامه بجمعِ كلّ ما كتبه من خواطرٍ ونثرياتٍ وقصائد عنها، في ديوانٍ «يؤرّخ شعريّاً لجرحنا العربي الذي لا يزال ينزف»، حتى في حياته ووجدانه وقصائده التي منها:
«ذاتَ يوم.. سقطَ الخنجرُ في قلبِ الجَسد/.. كانت الأرضُ الجَسَد/.. أرضُنا المذبوحةُ الثكلى/.. التي تمتدُّ في حزنِ الزّبد/.. في «أغادير إلى حزنِ الزّبد/.. في خليجِ التّبر والدّرِ، وغصّاتِ الشّجن/.. كلّهُ في شهقةِ الجرحِ وطن/.. كلّهُ يمضغُ مثلي موتهُ عبر الزمن..».
هذا ما قاله شاعر العروبة عن فلسطين، التي كانت همّهُ المتّقد ويوقدُ قصائده، مثلما إحساسه أن كلّ الأرض العربية هي جسدٌ واحد، وأن كلّ طعنة تُسدّد إلى أي بقعة من ترابها، تسدّد إلى الجسد كلّه، وتستهدفهُ كلّه..
إنه ما جعل ذاكرته تحتفظُ بأدقّ التفاصيل التي التقطها، يوم زار الضفة الغربية، وضمن رحلةٍ قام بها مع مجموعة مدرّسين ومدرّسات، من شباب سورية.
كان ذلك عام ١٩٥٧، وفي الفترة التي أسماها «فترة الوهج العربيّ القوميّ»، وهي الفترة التي تداعت ذكرياتها لديه:
«صورة شوارع القدس العتيقة التي مررنا بها، وحملنا منها أشياءنا الصغيرة، لا تزال تحتلّ الرفّ الأعلى في مكتبة بيتنا.. الجمل الخشبي الصغير يعلوه الهودج التاريخي، تحرص عليه ابنتي «بادية» حرصها على أعزّ ما تملك ..
نترك القدس العربيّة، تحفّ بنا روائحٌ مليئة بالشّعر والحبّ، ونتّجه إلى «رام الله». تستقبلنا عروس الضفة الجميلة، بالدبكة والأهازيج، لنقيم فيها مع أهل البلد المناضل عرساً من أعراسِ العروبة، لا تزال أصداؤه تملأ الشّعر والشاعر حتى هذه الأيام»..
يعودُ «سليمان العيسى» من رحلته، ويكون ختامها في «نابلس».. يعود مسكوناً بفلسطين العروبة والنضال والحلم، ليكتب بعدها عن «الفلسطيني الطائر»:
«في الغربِ يزرعونكَ/.. في الشّرقِ يزرعونكَ/.. في العتماتِ السّودِ في الضباب/.. في رجفةِ الحراب/.. تودّ لو تمحوكَ من ذاكرةِ التراب/.. ومن رؤاهم، حينما تنطبق الأهداب/..
في الغربِ يزرعونكَ/.. في الشّرقِ يزرعونكَ/.. وراء صمتِ الصّمتِ والنسيانِ يزرعونكَ/.. يا هجرةَ الجذورِ في التراب/.. يا قصّة العذاب/.. يا الرعدُ والمطر، والخصبُ والثّمر/.. تفجّرُ الربيع، تعودُ بالجميع/.. فلينثروكَ الآن كي تضيع/.. في وهمهم، في عُقمهم تضيع..»..
يكتب «سليمان العيسى» قصيدته هذه، دون أن يكتفي بها، لكنه يكتفي «على طريق العمر» بذكرها.. يكتفي لأن فيها كلّ ما أراد قوله، عن فلسطين وآلامها وبطولاتِ مناضليها، ولأنه كتبها حين وُزِّع المقاتلون الفلسطينيون، في كلّ أصقاعِ الوطن العربي والعالم، بعد مجزرة بيروت التي جعلته بطولاتهم ملاحم، قال يرويها:
«صورةٌ لمحطّةٍ من أروع المحطّات، في ملحمة الكفاح التي يخوضها شعبنا العربي الفلسطيني، ضدّ من أحرقوا بيروت ليُخرجوا منها فلسطين، وينثروها رماداً في الآفاقِ كما توهّمًوا».

سيرياهوم نيوز 2_الثورة
x

‎قد يُعجبك أيضاً

تكريم الاديب الدكتور محمد معلا في مهرجان القصة القصيرة لاتحاد الكتاب العرب بطرطوس في يومه الثاني

  سعاد سليمان تابع مهرجان القصة القصيرة الذي يقيمه فرع اتحاد الكتاب العرب بطرطوس أعماله , حيث كان التكريم في يومه الثاني للدكتور محمد أحمد ...