فاطمة عباني
حين وقع الاختيار على آن هاثاواي لتجسد دور أم أربعينية في فيلم The Idea of You كان المتوقع أن ينشغل الجمهور بالقصة الرومانسية الجريئة، التي تقع فيها البطلة في غرام نجم بوب شاب. لكن المفاجأة جاءت من مكان آخر: ضجة على الإنترنت تقول إنها تبدو أصغر من أن تلعب هذا الدور.
الحقيقة أن هاثاواي، وقت التصوير، كانت في عمر شخصيتها. لكن وجهها اليافع كان كافياً لفتح نقاش واسع: هل العمر اليوم ما زال يعكس المظهر؟
بالنسبة لمن وُلدوا بين 1981 و1996، عبارة “العمر مجرد رقم” لم تعد مجرد شعار تحفيزي، بل وصف دقيق لواقعهم. نحن الجيل الذي نشأ على الإنترنت. منذ مراهقتنا، ونحن تحت المجهر الثقافي: خبراء، صحافيون، ومسوقون يتابعون عاداتنا ليحللوا كيف سنغير العالم. والآن، مع دخولنا الأربعين، يتضح أننا نغيّر أيضًا طريقة النظر إلى الشيخوخة، بحسب مجلة “إل”.
في الثقافة الشعبية القديمة، كان الأربعون يعني بداية النهاية: أزمات منتصف العمر، وحتى نصائح التحضير للتقاعد. لكن جيل الألفية يكسر هذه الصورة النمطية.
يوجد قدر من الصحة في القول بأن الأربعين هو الثلاثون الجديد، بحسب أستاذة علم النفس جين توينغ.
الحقائق تغيّر القواعد
– متوسط عمر الزواج الأول للنساء في أميركا كان 20 عاماً في الستينيات… اليوم أصبح 28 عاماً.
– في 2023، ربع البالغين في الأربعين لم يسبق لهم الزواج.
– عدد النساء في عمر 30–44 اللواتي لم ينجبن وصل إلى مستوى قياسي.
بمعنى آخر، جيل الألفية يؤخر الاستقرار التقليدي، ما يمنحه شعوراً أطول بالشباب وعدم التقيّد.
“جيل كارداشيان”
جيل الألفية لا يسعى إلى فهم ذاته فحسب، بل يحرص أيضاً على الحفاظ على مظهره الشبابي، مدفوعاً بانفتاح أكبر تجاه التدخلات التجميلية. ويصف الدكتور ديفيد كيم، طبيب الأمراض الجلدية في نيويورك وأحد أبناء هذا الجيل، جيله بـ”جيل كارداشيان” — كونه أول جيل يشهد تأثير العلاجات التجميلية التي تُجرى في العيادات، عبر مؤثرين مثل كيم وكلوي كارداشيان، اللتين اعترفتا علناً بخضوعهما لمثل هذه الإجراءات.
ويشير إلى أنه مع وصول جيل الألفية إلى سن الرشد، شهدت العلاجات التجميلية ارتفاعاً ملحوظاً في الاهتمام، إذ أصبح الناس أكثر فضولاً بشأن تقنيات الليزر، والبوتوكس، والحشوات. ويرى أن هذا الانفتاح ساعد أبناء جيله على الاحتفاظ بمظهر شاب حتى بلوغ الأربعين.
ويؤكد كيم أن جيله يبرهن على إمكانية الاهتمام بالجمال مع الحفاظ على الجدية، وأن الجمال يمكن أن يكون شكلاً من أشكال التعبير عن الذات. ويضيف: “نشأنا في عصر شجعت فيه العلامات التجارية على التميز، والتحلي بالأصالة، واكتشاف الذات”.
لماذا يبدو جيل الألفية شاباً جداً؟
إلى جانب اهتمامهم بالعناية بالبشرة، قد يعود شباب مظهر جيل الألفية إلى عوامل نفسية. تطرح مصممة الأزياء الشخصية سامانثا دون منظوراً لافتاً، إذ تقول: “جيل الألفية يعيش مرحلة من التأمل الذاتي والشفاء، وهذه الرحلة أتاحت لهم القيام بأشياء ربما لم يستطيعوا فعلها في طفولتهم، مثل وضع المكياج، وتزيين الشعر، واللعب بألعاب مسلية كان آباؤهم سيرفضونها، وارتداء ملابس تعكس شعورهم الحقيقي”.
وتوضح دون: “بصفتي مصممة أزياء شخصية أدمج علم النفس في عملي لمساعدة النساء على اكتشاف أسلوبهن، فإن كثيراً من عميلاتي من جيل الألفية. وغالباً ما يكون ما ينقصهن في مظهرهن هو البعد الشخصي. فالكثير مما يسعين لإضافته إلى أسلوبهن اليوم هو ما لم يتمكنّ من امتلاكه في سن أصغر. على سبيل المثال، كثيرات منهن يتطلعن إلى إبراز جانب أكبر من الأنوثة في ملابسهن، وهذا منطقي لأنهن تعلمن في طفولتهن أن الأنوثة تعني الضعف أو تجذب انتباهاً غير مرغوب فيه. أما الآن، فقد أدرك جيل الألفية قوته، وأصبحن جميعهن أكثر ثقة بأنفسهن”.
عدد النساء في عمر 30–44 اللواتي لم ينجبن وصل إلى مستوى قياسي
الأمل: المكوّن السري الذي لا تبيعه مستحضرات التجميل
تقول توينغ: “كشباب ومراهقين، كان جيل الألفية أكثر تفاؤلًا وتوقعاته أعلى مقارنة بالأجيال السابقة بنفس المرحلة العمرية”. وربما يكون الأمل هو المكون السري الذي لن تجده أبداً في قائمة مكونات منتجات العناية بالبشرة. رغم أن مؤشرات النجاح التقليدية، مثل امتلاك منزل، لا تزال بعيدة المنال بالنسبة لهم، تظهر الأبحاث أن كثيراً من جيل الألفية ما زالوا يملكون تفاؤلاً قوياً تجاه المستقبل.
في استطلاع لشركة “ديلويت”، أعرب أكثر من نصف المشاركين من هذا الجيل عن إيمانهم بقدرتهم على إحداث تغييرات إيجابية بالمجتمع، مثل رفع الوعي بالصحة العقلية وتحسين فرص التعليم.
جيل الألفية يدخل الأربعين بلا أزمة منتصف العمر، بل بطاقة إعادة اكتشاف. كثيرون يخططون لتغيير مساراتهم المهنية أو تجربة مغامرات جديدة
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار