آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » سوريا الجديدة تمحو نصر «تشرين» من الذاكرة

سوريا الجديدة تمحو نصر «تشرين» من الذاكرة

 

ساري موسى

 

 

في سعيه إلى تأبيد حكمه لسوريا، عَمِل نظام الأسد، في عهدَي الأب والابن، على ربط كلِّ ما يتعلَّق بالدولة السورية بشخص الرئيس واسمه، وبحزب «البعث» الذي كان الحزب الأوحد في البلاد، وقد نجح في ذلك إلى حدٍّ بعيدٍ خلال عقود حُكمه. ولعلَّ أبلغ دليل على ذلك أنَّه أصبح لاسم البلاد كنية، كأنَّها مُلكيَّة خاصَّة، إلى أن سقطت «سوريا الأسد» رسميَّاً في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024.

 

 

لكن يبدو أنَّ من تسلَّموا السلطة في سوريا ما زالوا واقعين تحت تأثير الربط السابق الذِّكر، ولم ينجحوا في الفصل بين الغنائم الشخصيَّة للرئيسَيْن السابقَيْن، والبروباغندا الإعلاميَّة الرديئة التي طبَّلت لهما، وبين المكاسب التي حقَّقها الشعب السوري بجهده وتضحياته، سواء أكان أفراد هذا الشعب عسكريِّين أو مدنيِّين.

آخر القرارات المثيرة للجدل الصادرة عن وزارات «الحكومة الانتقالية»، القرار الذي أعلنت بموجبه وزارة الإعلام تغيير اسم صحيفة «تشرين»، إحدى الصحف الثلاث المتطابقة في عهد «البعث»، إلى صحيفة «الحريَّة». برَّرت هيئة التحرير الجديدة للصحيفة هذا القرار، في بيان منشور على صفحات الجريدة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، بالقول إنَّ الحريَّة هي «خَيار السوريِّين وهم يُيمِّمون وجوههم صوب فجر جديد وأفق مشرق، صاغه شغفهم اللامحدود بوطنهم»، مُشكِّكةً في الوقت نفسه بالحدث التاريخي الذي أخذت الصحيفة اسمها منه منذ انطلاقتها عام 1975، في ذكراه السنويَّة الثانية، بالقول: «نستدرك أربعة عقودٍ سلفت من العمل تحت عنوانٍ طمسه تقادم السنين، ارتبط بحدثٍ طالما كان مشوباً بعدم اليقين»!

 

 

يمكن وصف هذا القرار بـ «الغريب». وفي هذا الوصف ـــ كما في افتراض عدم القدرة على الفكاك من الربط الذي أرساه النظام السابق ــــ براءةٌ وحُسن نيَّة. أتى هذا القرار بعد تعديلاتٍ أقرَّتها وزارة التربية والتعليم على المناهج الدراسيَّة، شطبت بموجبها كل ما يتعلَّق بـ «نصر تشرين» من المقررات، وغيَّرت تسمية «حرب تشرين التحريريَّة» التي كانت معتَمَدَة إلى «حرب عام 1973». هكذا بكل تجرُّدٍ وحياديَّة، كأنَّ هذه الحرب وقعت بين طرفين لا علاقة لسوريا الوطن بهما، ولم تُسفِر عن تحرير جزءٍ من الأرض السوريَّة، وإن بقيت مدينة القنيطرة المُحرَّرة مهجورةً ومُدمَّرةً، بعدما اشترط الإسرائيليون عدم إعادة إعمارها قبل وقف «حرب الاستنزاف» في عام 1974.

 

 

أما إذا نحَّينا البراءة والنيَّة الحسنة السابقتَيْن جانباً، وحاولنا تفسير اجتهاد الحكومة التي عيَّنتها «هيئة تحرير الشام» في محو ما يُعدّ على نحوٍ واسع ـــــ سوريَّاً وعربيَّاً ــــ الانتصار الوحيد للنظام العربي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، يمكن أن يحضر في بالنا مثلاً الصمت شبه التامّ عن الغارات الجويَّة والغزو البريِّ الإسرائيليين، والتصريحات المبكِّرة للمسؤول الأوَّل في الإدارة السياسية الجديدة، أحمد الشرع، الذي أعلن أنّ سوريا لا تريد أن تكون مصدر تهديد لأيِّ دولةٍ من دول الجوار، وما قاله كذلك محافظ دمشق الجديد، ماهر مروان، في تصريحٍ لإذاعة أميركيَّة، حيث برَّر «الخوف الإسرائيلي» الذي أدَّى إلى أنَّ قوَّات الاحتلال «قصفت قليلاً»، في إشارةٍ إلى تدميرها مخزون الأسلحة والصواريخ السوريَّة بالكامل، و«تقدُّمت قليلاً»، في إشارةٍ إلى احتلال «الجيش» الإسرائيلي مناطق واسعة من محافظة القنيطرة، وصولاً إلى مناطق في ريف دمشق، من ضمنها قمم إستراتيجيَّة مُشرفة، وتأكيده على أنَّ مشكلة جهته السياسية «ليست مع إسرائيل»، وأنَّنا، وبكلِّ استكانة، «لا نستطيع أن نكون نِدَّاً لإسرائيل، ولا نستطيع أن نكون نِدَّاً لأحد». لعلَّ التعليقات الساخرة التي أعرب عبرها نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من أن تُلغي الإدارة الجديدة شهرَي تشرين من التقويم، أو تُغيِّر اسمَيْهما، خير دليل على الطريقة التي استقبلت بها شريحة كبيرة من الشعب السوري هذه القرارات، فيما رجَّح آخرون أن يشمل التغيير اسم جامعة «تشرين» الحكوميَّة في اللاذقية، بعد تغيير اسم الجامعة في حمص من جامعة «البعث» إلى جامعة «خالد بن الوليد».

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«طلت الشتوية».. فضل شاكر يطرح أغنية جديدة

طرح الفنان اللبناني فضل شاكر أغنيته الجديدة “طلت الشتوية” على قناته الرسمية في “يوتيوب”، والتي استطاعت أن تحقق تفاعلًا واسعًا منذ لحظاتها الأولى. الأغنية التي ...