syriahomenews أخبار سورية الوطن
عدنان كامل الشمالي
تشهد سوريا اليوم نقاشًا متصاعدًا حول موضوعَي اللامركزية والتقسيم، وهما مفهومان قد يتشابهان ظاهريًا، لكنهما يختلفان جوهريًا من حيث المضمون والتأثير على وحدة الدولة واستقرارها.
مفهوم اللامركزية هو توزيع الصلاحيات الإدارية والتنفيذية بين المركز والولايات أو المحافظات ، بهدف تحسين الأداء الحكومي وتلبية احتياجات السكان بشكل أكثر فعالية، دون المساس بوحدة الدولة أو سيادتها. أما التقسيم فهو تفكيك الدولة إلى كيانات منفصلة أو شبه مستقلة تؤدي عمليًا إلى تجزئة السيادة الوطنية وخلق أقاليم متصارعة ومستقلة.
في الحالة السورية، التي تتميز بصغر المساحة واحتياجات اجتماعية معقدة، فإن تطبيق اللامركزية بمفهومها الصحيح يتطلب إطارًا دستوريًا واضحًا يضمن تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق التنمية المتوازنة. لكن ما يُطرح اليوم من مطالب مرتبطة باللامركزية، في كثير من الأحيان، تتداخل مع توجهات تقسيمية تفتت النسيج الوطني، مما يهدد الأمن والاستقرار ويعرقل تلبية متطلبات الحياة الأساسية للمواطنين.
إن تفتيت سوريا إلى كيانات متناحرة يعني العجز التام عن تأمين حاجات السكان، ويؤدي إلى صراعات دائمة بين أطراف متعددة ذات ولاءات خارجية، تعمل كل منها لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الوطن وشعبه. كما أن هذا التفتيت يحول الأرض السورية إلى مساحة جغرافية مقيدة بالضعف السياسي والاقتصادي، مما يضر بمستقبل البلاد ويعيق طموحات شعبها في الأمن والسلام والحرية والعدالة.
مكونات الشعب السوري، بكل تنوعها الثقافي والديني والاجتماعي، لا تجد في التقسيم أي مصلحة حقيقية، بل تتطلع إلى دولة موحدة تضمن الحماية للجميع، وتوفر الأمن والسلام، وتحقق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.
إن الحل الحقيقي أمام سوريا يكمن في تعزيز مؤسسات الدولة الوطنية، وتطوير آليات الحكم المحلي ضمن إطار وطني موحد، يعزز الوحدة ولا يسمح بانقسام جغرافي أو سياسي يهدد وجود الدولة. فالوحدة الوطنية ليست مجرد مسألة سياسية، بل هي الضمانة الأساسية لمستقبل سوريا وأبنائها.
(اخبار سوريا الوطن 2-الكاتب)
