آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » سوريا 2026.. الزراعة بوابة الحياة ورافعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي

سوريا 2026.. الزراعة بوابة الحياة ورافعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي

رشا عيسى:

تحاول الأرض السورية أن تلتقط أنفاسها من جديد بعد أكثر من عقد من الأزمات المتراكمة، فبين آثار الجفاف القاسي، وندوب الحرب، وتشظي الجغرافيا الزراعية، يطل عام 2026 كموعد محتمل لبداية مختلفة، بداية تراهن فيها سوريا على الزراعة لا كقطاع اقتصادي فحسب، بل كرافعة للاستقرار الاجتماعي.

الزراعة في صدارة الأولويات

وُضع القطاع الزراعي في قلب السياسات الاقتصادية الجديدة، والرهان واضح على إعادة الإنتاج الزراعي الذي يُعد الطريق الأسرع والأكثر استدامة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، كما يرى الخبير في الدراسات الاستراتيجية والاقتصادية والإدارية الدكتور هشام خياط.
تتحدث الخطط الحكومية عن هدف مركزي يتمثل في تحقيق بداية استقرار ملموس في القطاع بحلول نهاية 2026، مع تركيز خاص على ثنائية الأمن الغذائي والمائي، باعتبارهما حجر الأساس لأي تعافٍ اقتصادي حقيقي.

جفاف يثقل الأرض

رغم هذه الطموحات، يؤكد الدكتور خياط أن التحديات الميدانية لا تزال كبيرة، فقد أدت موجات الجفاف المتتالية، والتي صنفها خبراء دوليون من بين الأسوأ منذ عقود، إلى تراجع حاد في إنتاج المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح، ولا سيما في سهول الجزيرة.
وفي بعض المناطق، هبط الإنتاج إلى أقل من ربع مستوياته قبل الأزمة، فيما لا تزال مساحات واسعة من أخصب الأراضي المروية خارج السيطرة المباشرة للحكومة، ما يجعل استعادة الإنتاج الزراعي الاستراتيجي تحدياً سياسياً واقتصادياً في آن واحد.

بداية تغيير بطيئة

ورغم قتامة المشهد، يوضح الدكتور خياط أن مؤشرات عملية بدأت تظهر على مسار التعافي، فقد شملت الإجراءات الأخيرة إعادة تأهيل قنوات الري الرئيسية، وتوزيع بذار وأسمدة مدعومة للمزارعين، وإطلاق برامج تدريب على تقنيات الزراعة المقاومة للجفاف.
وفي خطوة لافتة، وقّعت وزارة الزراعة اتفاقيات تعاون مع برنامج الأغذية العالمي تمتد حتى نهاية 2026، وتهدف إلى إعادة تأهيل آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، ورفع إنتاجية المساحات المروية بما ينسجم مع معايير الاستدامة.

فرصة مشروطة بالاستقرار

إلى جانب الجهد المحلي، يبرز دور الاستثمار الخارجي كعنصر حاسم في إنعاش القطاع الزراعي، فقد أبدت دول خليجية، وفي مقدمتها السعودية وقطر، استعدادها لضخ استثمارات في مجالات الري الحديث والزراعة المكثفة.
هذه الشراكات، في حال نجحت في تجاوز التحديات البيروقراطية والأمنية، قد تُحدث تحولاً نوعياً عبر توسيع المساحات المروية وتحديث أنظمة الري، ما يقلل الاعتماد على الأمطار المتقلبة ويعزز استقرار الإنتاجية، كما يشرح الدكتور خياط.

البعد الإنساني للتعافي

وخلف الأرقام والمشاريع، يرى خياط أن البعد الاجتماعي للسياسات الزراعية الجديدة يبرز بوضوح، فالحكومة تؤكد أن أي نهوض زراعي لن يكون مستداماً ما لم يقترن بتوزيع عادل للفرص.
ومن هنا، تتضمن الخطط برامج لدعم صغار المزارعين، وتمكين الشباب والنساء في الريف، إضافة إلى إزالة الألغام من الحقول التي كانت في السابق مصدر رزق لآلاف العائلات، في محاولة لربط التعافي الاقتصادي بالعدالة الاجتماعية.

هل يكون 2026 عام الاستقرار الزراعي؟

سؤال يبقى مفتوحاً: هل سينجح عام 2026 في أن يكون نقطة التحول الموعودة؟ الإجابة مرهونة بعدة عوامل وفقاً للدكتور خياط، أبرزها نجاح المسارات السياسية في استعادة السيطرة على المناطق الزراعية الشرقية، وإدارة الموارد المائية المشتركة مع دول الجوار بكفاءة وعدالة، وقدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب الاستثمارات وتوجيهها نحو تنمية متوازنة.

رمز للحياة من جديد

ما هو مؤكد اليوم أن السوريين، بعد سنوات طويلة من اليأس، بدؤوا ينظرون إلى الأرض التي يزرعونها لا كمصدر رزق فقط، بل كرمز لإمكانية استعادة الحياة والكرامة الاقتصادية.
وإذا ما تحولت الخطط والنوايا إلى واقع ملموس، فقد يكون عام 2026 بالفعل العام الذي بدأت فيه الزراعة تعيد إلى سوريا بعضاً من استقرارها، وبعضاً من أملها المفقود.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

الذروة الثانية للمنخفض الجوي اليوم وهطولات مطرية بأغلب المناطق السورية

    يستمر تأثير المنخفض الجوي بفاعلية شديدة وأجواء شتوية غائمة ماطرة مع هطولات مطرية غزيرة ومصحوبة بالعواصف الرعدية تتخللها زخات من البرد في المناطق ...