برزت، خلال اليومين الماضيين، زيارة مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، لمنطقة شرقيّ الفرات، والتي لا يبدو من دون دلالة أنها تعقب زيارة وفد روسي رفيع المستوى لدمشق. جيفري، الذي حرص على تجديد مواقفه التحريضية، كانت له سلسلة لقاءات، ظهر واضحاً أنها تندرج في إطار مواجهة التحرّكات الروسية المستجدّة في المنطقة
بناءً على كلّ ما سبق، حضر جيفري ليؤكّد لحلفاء بلاده الأكراد استمرار الدعم العسكري لهم إلى حين انتهاء «خطر الإرهاب»، مع وعود بالعمل على تمثيلهم في أيّ مفاوضات سياسية مقبلة لتحديد مصير البلاد، والاستمرار في «حماية» حقول النفط والغاز. ووفق معلومات «الأخبار»، فإن مبعوث الرئيس الأميركي التقى قيادات من «قسد»، و»الإدارة الذاتية» الكردية، و»المجلس الوطني» الكردي، وشيوخ ووجهاء عشائر من دير الزور، «بهدف تخفيف التوتر بين العشائر وقسد، والاستعجال في الاتفاق الكردي – الكردي». كما حثّ جيفري المسؤولين الأكراد على «ضرورة التزام الإدارة الذاتية بعدم إرسال القمح والنفط إلى مناطق الحكومة السورية التزاماً بقانون قيصر، وللضغط على الحكومة لتقديم تنازلات في ملفّ التسوية السياسية للأزمة في البلاد». وتُظهر «الإدارة الذاتية» الكردية تساوقاً واضحاً مع الرؤية الأميركية، من خلال تأكيد مستشار «الإدارة»، بدران جيا كرد، أن «حلّ مشكلة النفط والقمح، وإرساله من مناطق الإدارة الذاتية باتجاه مناطق الحكومة، لن يتمّ من دون اعتراف دمشق بالإدارة الذاتية».
أكد جيفري أن لا انسحاب أميركيّاً من المنطقة قريباً
وتفيد مصادر «الأخبار» بأن «جيفري طلب من القيادات الكردية الإسراع في اتفاق شامل يوحّد الأكراد في جسم سياسي واحد، تمهيداً لتشكيل منصّة سياسية وعسكرية تمثّل كلّ مناطق شمال وشرق سوريا». وفي هذا الإطار، يبدو أن ثمّة مشروعاً لدمج «بيشمركة روج آفا»، المدرّبة من حكومة إقليم «كردستان العراق»، ضمن قوات «قسد»، والضغط على «المجلس الوطني» الكردي، كجهة مدعومة من الإقليم، لتقديم تنازلات تسهّل مهمة مستشارة الخارجية الأميركية، سارة بيل، في إنجاز الاتفاق الكردي – الكردي. وتبيّن المصادر أن «واشنطن ستعمل على إشراك ممثلين من المنطقة في أيّ مباحثات جدّية للحلّ السياسي للأزمة السورية»، مضيفة إن جيفري طمأن المسؤولين الأكراد إلى «عدم وجود أيّ نيّات تركيّة لعقد تفاهمات جديدة في المنطقة».
وسبق زيارةَ جيفري لسوريا إعلان أميركيٌ عن «نشر معدّات قتالية جديدة، وآليّات من نوع برادلي، في شمال شرق سوريا، لمواصلة هزيمة داعش، إلى جانب قوات سوريا الديموقراطية، وذلك في سياق توسيع الحضور العسكري الأميركي في المنطقة». وترافق الإعلان الأميركي مع تحرّكات روسية مشابهة في كلّ من الحسكة والقامشلي، تَمثّلت في إرسال تعزيزات عسكرية وجنود إضافيين إلى القواعد الروسية في كلّ من القامشلي وعين عيسى. كما أرسلت موسكو تعزيزات مماثلة إلى دير الزور والميادين، بالقرب من نقاط تماس مع القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة، ما اعتبرته واشنطن تهديداً لوجودها العسكري هناك، وخاصة في ظلّ التصعيد العشائري الأخير ضدّ «قسد» و»التحالف». ومن هذا المنطلق، تتخوّف واشنطن من استغلال موسكو الاحتجاجات العشائرية للتصعيد ضدّ الوجود الأميركي، ولذا حرص جيفري على الاجتماع بزعامات عشائرية، بالإضافة إلى قادة «مجلس دير الزور» العسكري والمدني، لتأكيد استمرار الحضور الأميركي في المنطقة في مواجهة خطر عودة «داعش» إليها.
وفي هذا السياق، يؤكّد مصدر مطّلع على تفاصيل لقاءات جيفري أن الهدف الرئيس منها «الردّ على الحراك الروسي المستجدّ في المنطقة، والتأكيد أن الشرق السوري خاضع للنفود الأميركي، وأن الأميركيين هم مَن يقرّرون مصيره»، ويضيف المصدر إن «جيفري أكّد أن لا انسحاب أميركياً على المدى القريب والمتوسّط من المنطقة، وأنّ الأميركيين باقون لحماية حقول النفط والغاز في المنطقة، ومنع روسيا والحكومة السورية من الوصول إليها، والاستفادة منها».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)