محمد علي شعبان
كتبت في السنوات الماضية العديد من المقالات تحدثت فيها عن أهمية الزراعة وسبل تطويرها، باعتبارها المصدر الأساسي في بلادنا لتحقيق الأمن الغذائي إضافة إلى الثروة الحيوانية وأهميتها في بلدان تتميز بمناخ مناسب للزراعة وتربية المواشي.
تتميز البادية السورية الممتدة من الحدود السورية مع الأردن وصولاً لمنطقة البوكمال في شمال وشرق سوريا بمساحات هائلة تتسع لملايين القطعان من الأغنام السورية المتميزة وتتسع ﻹ آلاف المباقر والتي تقدم مشتقات الحليب المتنوعة تكفي عدة دول وليس سوريا فقط
إضافة الى اللحوم، والجلود والصوف وكميات كبيرة من السماد المحلي لدعم الزراعة، والتخفيف من الإعتماد على الأسمدة الكيميائية ، التي تشكل ملوحة للتربة.
وليس خافيا على أحدا منكم أن مساحة الأراضي الزراعية في المحافظات السورية الصالحة لزراعة العديد من الأصناف المتنوعة، لن تغطي حاجات الأسواق المحلية فقط بل تزيد عن ذلك بكثير ، وتكفي عدة أضعاف سكان سوريا ، فيما لو استثمر الفلاحون نصف المساحات الصالحة للزراعة فقط.
وتقدم العديد من المواد الخام، لتشغيل المعامل الخاصة بالصناعات الزراعية التي تميزت فيها الأسواق السورية لعدة عقود من الزمن.
وليس خافيا عليكم أيضاً أن الخيط السوري المصنوع محلياً من القطن السوري بايدي وطنية له الأفضلية في معظم دول العالم ،اذا اتقنت صناعته ولم يتعرض للغش والتلاعب من قبل التجار والمصدرين.
إن معامل النسيج السورية كانت تصدر الخيوط والمنسوجات السورية للعديد من الدول، العربية والأجنبية.
ومنذ عشرات السنين تستورد دول الخليج من سوريا كافة احتياجاتها من الخضار والفواكة والعديد من المحاصيل الزراعية كما العديد من دول العالم التي تستورد القطن والقمح السوري، الذي يعتبر من أفضل الاقماح في الأسواق العالمية.
كنا ننتظر من بعض المسؤولين اهتماماً خاصاً بدعم الزراعة وتذليل العقبات التي تحول دون الإهتمام بها إلا إننا فوجئنا بعكس ماكنا نتوقعه تماماً سمعنا وعودا فقط، حيث أن دعم الزراعة يقتضي اهتمام خاص من المسؤولين بتأمين عدة أشياء هامة ساذكر بعضاً منها حيث تشكل حافزا للقائمين عليها من فلاحين، وعمال زراعيين:
1-تامين البذور والأسمدة لجميع الفلاحين على شكل قرض، كما كانت في السنوات السابقة
وليس كما حصل هذه السنة حيث اضطر الفلاحين لمشاركة تجار ورأسماليين من أجل تمويل زراعتهم بفوائد جشعة، قد تؤدي إلى تخلي بعض الفلاحين عن جزء من أرضهم لصالح شركائهم الممولين فيما لو خسر احدهم، ولم ينتج كما يتمنى.
2-تأمين مادة المازوت بأسعار تشجيعية إن لم تكن بالمجان، لتشغيل محركات الديزل الخاصة بالسقاية.
3-التدخل المباشر في تحديد أسعار مناسبة تحمي الفلاحين من جور أصحاب المعدات الزراعية كالجرارات والحصادات وسيارات النقل بعد تامين مادة المازوت لهم، وقطع الزريعة التي يبتزون الفلاحين بها.
هل يعقل أن يدفع الفلاح أجرة نقل المحصول من الحقل الى مركز تسليم الحبوب لمسافة قدرها، 5 أو 4 كيلومتر من مركز الحبوب مبلغ قدره خمسون ألف ليرة سورية ؟!!
أو ان يصل سعر الكيس الفارغ الى 1800 ليرة سورية المقدر وزنه بالغرامات المصنوع من النايلون لتعبئة التبن وهناك العديد من الأشياء التي ترهق الفلاحون وتزيد من غبنهم، لامجال لذكرها الآن.
لاشك أن من يسمع ليس كمن يرى يبدو أن المدافعين عن حقوق الفلاحين في الدوائر الحكومية، ينفذون ما يملى عليهم متناسين أنهم موجودون من أجل دعم الفلاحين الذين يقع على عاتقهم إطعام أبناء سوريا واكسائهم ، وتامين الدواء والرفاه لهم، من فائض جهدهم
إن خذلان الفلاحين والتضييق عليهم والتخلي عن الدفاع عنهم من قبل من يدعون تمثيلهم هو خذلان للوطن ولجميع المواطنين.
إن تجار الازمات، “وحديثي النعمة” شهيتهم مفتوحة دائماً، لشراء الأراضي من الفلاحين وجعلهم مزارعين عندهم لذلك يساهمون بالتضييق عليهم حيثما وجدوا سواء بمراكز التسويق، أو بالدوائر الحكومية على مرأى جميع من هم في موقع القرار دون ان يحركوا ساكنا ، بغية الحفاظ على أهم الموارد الاقتصادية للوطن السوري
أخيراً اتوجه إلى وزارة الاعلام راجيا منها ، الإهتمام بهموم الفلاحين والمزارعين ، وايصال صوتهم ، ونقل معاناتهم للجهات المسؤولة ، صاحبة القرار في انصافهم ودعمهم وتشجيعهم ، وحمايتهم من الفاسدين في المكاتب البيروقراطية التي تعيش على هامش الإنتاج وتتحكم به ، وتسهل الطريق لتجار الحروب والازمات لشراء أراضي الفلاحين ، وعودة الاقطاعيين الجدد، باثواب جديدة
إن من حق فلاحين سوريا الحصول على حقهم بمدة كافية من الزمن لطرح مشاكلهم وايجاد الحلول لها عبر القنوات الفضائية الرسمية اسوة بالبراجات والبراجين، والبصارات، والبصارين والواعظات والواعظين ورجال السياسة، ورجال الدين الذين يتنعمون بجهود المتعبات والمتعبين من عمال وفلاحين
فهل ننتظر من الحكومة الجديدة لحظ معانات الفلاحين مباشرة دون الحاجة الى وسيط؟
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم