الدكتور خيام الزعبي
ترشح المعطيات أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مثيرة بين دمشق والكيان الصهيوني، التي يبدو أنها دخلت مساراً جديداً بعد تصريحات نتنياهو عن أن إسرائيل أعدت مخططاً دقيقا لشن هجوم عسكري محتمل على ايران. في خطوة من شأنها إعادة ترتيب الأوراق من جديد كي يتفرغ هذا الكيان ومن ورائه للاستعداد للحرب ضد إيران، الذين بذلوا كل ما في وسعهم وجنّدوا كل ما يملكون وعلى كل المستويات وراهنوا على الانتصار بقوتهم المصطنعة (داعش) على سورية، وهذه المحاولة وفشلها يطرحان مجموعة من الأسئلة التي تستحق التوقف والمناقشة تبدأ بالسؤال: هل سيكون الرد السوري على الغارات الإسرائيلية قريباً؟
أن الغارة الإسرائيلية على مطار حلب الدولى، استهدفت شحنات المساعدات لمتضرري الزلزال المدمر الذى ضرب البلاد مؤخراً، وأودى بحياة الآلاف، كما أن الغارة تسببت في وقوع أضرار مادية كبيرة بالمطار وخروجه عن الخدمة، و التوقف عن استقبال كافة الطائرات الإغاثية التي ترسلها بعض الدول إلى سورية لمواجهة آثار الزلزال، بالتالي إن هذا العدوان يعكس من جديد أبشع صور الهمجية واللاإنسانية لإسرائيل، وممارسته لأشد وأفظع الانتهاكات للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي.
لا نجادل مطلقاً بأن سورية تملك قدرات عسكرية وصاروخية قادرة على الرد في العمق الفِلسطيني المحتل، وبالمقابل تعلم إسرائيل علم اليقين أن المقاومة لم ولن تكرّس معادلة السكوت على دماء شهدائها، أي أن ردّ دمشق على هذه العملية لن يكون رداً عادياً، بل رداً قاسياً سيؤدي إلى تبديل موازين القوى في المنطقة، وبحسب تقديري أن رد سورية آت لا محالة ولكن في التوقيت المناسب، وإن في إنتظار الجيش الإسرائيلي أياماً صعبة من التوتر والقلق والإستنفار غير المسبوق، مع تقدير أن الردّ لن يكون فورياً، فالكثير من الإسرائيليين أبدو تخوفهم من حرب إقليمية وأبدى آخرون خشيتهم من تصعيد شامل في حين إكتفى بعض آخر بالحديث عن لعب بالنار ومجازفة خطرة، وكان واضحاً للجميع أن ثمة ربطاً بين الغارة وزيارة الرئيس الأسد لموسكو في الأيام المقبلة التي ستوجّه فيها الكثير من الرسائل الواضحة الى إسرائيل أن كل الإحتمالات والسيناريوهات واردة فيما يتعلق بردّ سورية على اسرائيل.
بمعنى أن الرد السوري على الغارات الإسرائيليّة قادم وحتمي، وربما تكون زيارة الرئيس بشار الأسد القادمة إلى موسكو (15 آذار الحالي) حاسمة في هذا المِلف، خاصة أن العلاقات الروسيّة الإسرائيلية الحميمة توترت هذه الأيام في ظل تزويد اسرائيل أوكرانيا بالأسلحة المتطورة، لذلك من غير المستبعد أن يعود الرئيس الأسد من زيارة موسكو بضوء أخضر لاستخدام منظومات صواريخ “إس 300” للتصدي للطائرات الإسرائيليّة التي تغير على سورية، وإذا لم يتحقّق ذلك فإن صواريخ “خرداد 15” المضادة للطائرات ستمكن الدفاعات الجوية السورية بإسقاط الطّائرات الإسرائيليّة.
على خط مواز، ترى روسيا في الغارات الإسرائيلية المتزايدة على الأراضي السورية تحدياً لها، وهي ملزمة بالرد كي لا تبدو ضعيفة في نظر أعدائها، إلا أنها قد تؤجل الرد إلى أن تنشأ ظروف تنفيذية ملائمة لإعتماد خياراتها، في إطار ذلك باتت القيادة الروسية تشعر بالانتِقادات الكثيرة داخل سورية وخارجها، بسبب صمتها، وعدم تدخلها في مواجهة أي عدوان اسرائيلي، أو تقديم العتاد العسكري المطلوب الذي يمكّن الجيش السوري من التصدي له، مِثل منظومات صواريخ “إس 300” أو “إس 400” الحديثة و المتطورة.
بإختصار شديد إن إسرائيل أمام منعطف إستراتيجي لن تسعفها كل بشاعة القتل والدمار التي تمارسها أن تخفي إخفاقها في الخروج من مأزق عدوانها البغيض، وإرباكاتها التكتيكية أمام حركات المقاومة التي أصبحت مؤشرات معالمها واضحة للجميع، فشروط المقاومة اليوم قد تغيرت وإرتفع سقفها، وباتت في الصدارة، ومبادرات الخنوع والإستسلام لم يعد لها بين محور المقاومة، والكلمة الفصل والقرار اليوم لم يعد لأحد سوى للأبطال في الميدان، فهم باتو الأمل الوحيد للأمة المكلومة في رسم خارطة طريق جديدة لسورية وللأمة بأسرها.
أختم مقالي بالقول… ان الشعب السوري يثبت إنه شعب جبار بصموده وتصديه لكل المؤامرات التي تحاك ضده، لذلك فإن دمشق هي الحصن المنيع بوجه الكيان الصهيوني وبوجه إجرامه وغطرسته.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم