الدكتور خيام الزعبي
لا يزال يخبرنا التاريخ والواقع الحالي بأن سورية عندما تتعافى… يتعافى معها الوطن بأكمله بفضل تكاتف المخلصين من أبنائها الذين يدركون أن غرق سورية هو غرق للأمة العربية كلها، لذلك راهنوا على استمرار وجودها الداعم للأمن والاستقرار في المنطقة .
اليوم سورية تتعافى، ما في ذلك شكّ، فهناك إنجازات سياسية وعسكرية كبيرة، حيث نجح الجيش السوري في بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن السورية وتحريرها من قبضة الجماعات المسلحة، في وقت سادت فيه حالة من الارتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك المجموعات وفي مقدمتها تركيا وأمريكا والعديد من الدول الغربية.
رأينا في الأيام القليلة الماضية أن سورية التي انفتحت أمامها الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها أكثر انتعاشاً بعد أن تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة من جديد.
ثمة مؤشرات واضحة بدت، خلال الفترة الأخيرة، تدل على أن سورية في منعطف جديد لجهة استعادة الدولة لكفاءتها ودورها على مستوى المنطقة، فمع عودة سورية الى الجامعة العربية كان لا بد للسوريين، أن يعتبروا أن ما جرى هو انتصار، مرة للعروبة ومرة أخرى لسورية إلى درجة أن منهم من طالب الجامعة العربية بالاعتذار من سورية، لكن، الأهم في هذا التطور هو أن عودة سورية إلى الحضن العربي ووقف تجميد عضويتها بجامعة الدول العربية يمثل بداية استقرار الأوضاع في المنطقة العربية والشرق الاوسط.
غير أن قرار العودة يدخل سورية مرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون البنَّاء، وبمثابة مقدمة لانتهاء معاناة السوريين جراء العقوبات، وحرمانهم من الاستفادة من مقدراتهم وثرواتهم، وإنهاء الحرب، لتعود سورية إلى الحضن العربي فاعلة وليس طرف فقط بل عودة لمسار العمل العربي الجماعي.
بكل تأكيد هذا القرار يساعد على وحدة أراضيها في ظل وجود نظام مركزي حريص على مبدأ سيادة الدولة ويسهل حل مشاكل دمشق الداخلية؛ خاصة في ظل تواجد أجنبي على أراضيها، وعدم قدرتها على مواجهة هذا الأمر بمفردها.
على ما يبدو وحسب مراقبين دوليين بدأ العد العكسي للأزمة السورية، خاصة بعد التحركات السياسية لوزراء الدفاع ورؤساء الاجهزة الامنية السورية والتركية والروسية واجتماعهم في موسكو، تعمل لإنهاء الصراع في سورية في إطار ذلك يرى المراقبون للأحداث في الوقت الحاضر إن الأزمة السورية بدأت تأخذ طريقها إلى الحل ونعتقد أنها بداية النهاية لحل عقدة الشرق الأوسط في التخلص من الإرهاب والعودة الى الإستقرار.
وعلى الجانب الأخر، بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 3.2 % في عام 2023، الذي أدى الى تراجع بنسبة 3.5 % العام الماضي، بضغط من الحرب وقانون قيصر وارتفاع تكاليف المدخلات، ومع ذلك، سيكون لعودة سورية إلى جامعة الدول أثر إيجابي على اقتصادها الذي ينتظر الدعم لإعادة إعماره، كما سيكون عائداً كبيراً للمنطقة العربية بأكملها بسبب تضاعف الاستثمارات والتبادل التجاري وتفعيل الاتفاقات الاقتصادية بين سورية والدول العربية خاصة فيما يخص إعادة إعمار البلاد في ظل تنقية الأجواء بين دمشق والأشقاء العرب، إلى جانب أنه سيكون هناك دفعة لتحرك عربي يسهم في رفع العقوبات الاقتصادية الغربية على الدولة السورية والتي عانى منها الشعب السوري ووضعته تحت الحصار.
مجملاً… إنه بالرغم من كل الصعاب إلا أننا على يقين أن الشعب السوري الجبّار سيتمكن من تجاوز أزمته بالحكمة وستفوز أصوات العقل على أصوات المدفعية والرصاص ودعاة الطائفية وستنتصر عليها بل وستؤسس لمستقبل سوري أفضل وسيعم الرخاء والاستقرار وسيندحر دعاة الفتن الطائفية، فلو عمل السوريون على التصالح ولما فيه مصلحة سورية، وتخلوا عن الحقد والرغبة في الانتقام، لكانت دمشق قد حلت أزمتها دون حاجة لمبادرة من أحد.
مجملاً……قلتها كثيراً وسأعيدها وسأبقى أكررها بأنه على أبواب سورية ستتحطم الخطط الأمريكية ولن يصل أعداء سورية لهدفهم، فإذا تصوروا أن لديهم القوة والسلاح والمال، وما يسمح لهم بالعبث في وطننا الغالي على قلوبنا “سورية”، فإننا نقول لهم إن معنا إيماناً قوياً بالله وجيشنا العظيم، ونحن جميعاً على قلب رجل واحد، وسوف يفشلوا كما فشلوا فى أفغانستان والعراق ، وبالتالي فإن سورية أمام مرحلة جديدة يكون الشباب هم عمادها ويكون الانتماء للهوية هو نافذتها المطلة على شاطئ الأمان والاستقرار من أجل الحفاظ على وحدة سورية وتعددية مجتمعها.
وأخيراً إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذه المرحلة ستكون مليئة بالمغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة ستؤسس توازنات وتحالفات جديدة، وها نحن نعيش إنتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم المتكررة.
كاتب سوري
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم