| جلنار العلي
يحتاج قطاع رواد الأعمال إلى الكثير من التسهيلات والإجراءات والرعاية للنهوض والعمل وخاصة ما يتعلق بالشق التمويلي، فالاقتصاد السوري يحتاج إلى هذا النوع من المشروعات التي تقوم في معظمها على أفكار خلاقة من الشباب السوريين التي من شأنها التطوير والتحديث.
وفي اليوم الثالث من ملتقى الاستثمار الريادي الثالث «فرصة» الذي ينظمه الاتحاد الوطني لطلبة سورية، تناولت المداخلات الكثير من المشكلات التي تعترض قطاع رواد الأعمال والشركات الناشئة والهواجس الموجودة لديهم، منها ما كان متمثلاً بعدم وجود ممثلين للهيئة الناظمة للاتصالات في كل المحافظات كمدينة حلب مثلاً، وهذا ما يكبّد أصحاب التطبيقات تكاليف باهظة للسفر إلى دمشق للقيام بالإجراءات المطلوبة، إضافة إلى المدد الطويلة لوصول المراسلات الإلكترونية عبر البريد، لأن ذلك يستغرق أحياناً مدة ثلاثة أشهر، إضافة إلى صعوبة التعامل مع التكنولوجيات الجديدة عالمياً على المستوى الداخلي من حيث عدم وجود تشريعات وتسهيلات تسمح بالتعامل معها.
كما تطرّق أحد المداخلين إلى ضرورة إيجاد آليات لتصدير منتجات وخدمات تلك المشروعات الناشئة للخارج واستيراد المواد الأولية من قطع تكنولوجية وغير ذلك للخروج بمنتجات قابلة للتصدير، واستقدام مستثمرين من الخارج لدعم تلك المشاريع، لافتاً إلى وجود صناديق استثمارية كبيرة على مستوى المنطقة بمليارات الدولارات تنهض باقتصاد المنطقة والمشروعات الصغيرة يجب العمل على استقطابها للاستثمار في سورية.
بينما تناولت بعض المداخلات الأخرى تساؤلات عن الجهة المسؤولة عن إستراتيجية التحول الرقمي التي تعد غير واضحة تماماً، فالمواطن يحتاج إلى خدمات كثيرة لمجاراة هذه الإستراتيجية التي يتم العمل عليها داخلياً على مستوى المؤسسات، كما طالب البعض بإيجاد حل لمسألة جمركة الموبايلات التي تمنع رواد الأعمال من امتلاك موبايل مجمرك لاستخدامه سواء للتصوير أم الاتصالات، بينما تطرق آخرون لملف حماية أصحاب العمل الحر «الفريلانسر» حيث بات الكثير من طلبة الجامعات يعملون أعمالاً حرة مع جهات خارجية، فكيف يمكن الحصول على تراخيص لهذه الفئة تضمن لهم الحصول على حقوقهم كاملة.
حاضنات الأعمال
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة تسيير الأعمال الدكتور محمد سامر الخليل أكد في كلمة له وجود عمل دؤوب وجهد كبير لهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشارك به كل الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بتلك المشروعات ورواد الأعمال وأصحاب الأفكار، ويندرج تحت هذا الجهد الكثير من الأمور منها حاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال وتحسين بيئة الأعمال والبرامج الاستهدافية وتبسيط إجراءات إطلاق أي مشروع، وربط هذه المشروعات وأصحاب المبادرات مع مزودي الخدمات سواء التدريب والتأهيل أم التسويق وكل المسائل التي تعد أساسية وضرورية، معترفاً بأن هذه الجهود الحكومية التي يعود عمرها إلى سنوات وربما عقود في بعضها لا تزال مبعثرة نوعاً ما ولا تعطي النتائج اللازمة ولا تحقق النتائج المطلوبة، وتمنع من تحقيق إقلاع حقيقي في هذا القطاع، معيداً ذلك في جزء منه إلى عدم وجود جهة رسمية معنية تنظم بيئة العمل لتلك المشاريع.
وكشف وزير الاقتصاد عن عدة أمور يتم العمل عليها على نطاق واسع حيث يتم العمل حالياً من الوزارة وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة على مشروع قانون له شقان، الأول يحدد الإطار والبنية المؤسساتية المعنية بهذا القطاع لمعرفة كيف يتم وضع السياسات والخطط من جهة وتوحيد الجهود في بوتقة واحدة بما يصب بمصلحة القطاع، أما الشق الآخر فهو قانون خاص بهذا القطاع بحد ذاته، متابعاً: «لقد منحت هذه المشروعات مزايا كالتسهيلات والإعفاءات الضريبية والجمركية، إضافة إلى كل ما يقدم في النافذة الواحدة ومركز خدمات المستثمرين الذي أحدث مؤخراً».
وأشار الخليل إلى وجود أخطاء متراكمة تتمثل في عدم معرفة أي المشروعات التي يقوم عليها الاقتصاد السوري، لافتاً إلى أهمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر من حيث إنها عصب الاقتصاد، إذ يجب إيلاء تلك المشروعات مزايا أكبر لأنها تحتاج إلى الكثير من الرعاية والمساعدة، على عكس المشروعات الكبيرة التي تمتلك قدرة ومناعة تجاه أي صدمات قد تعترضها، وإن كان دور الحكومات مساعدة كل القطاعات، لذا فإن الرؤية المؤسساتية التي تم وضعها في هذا القطاع تتركز على وجود مزايا وحوافز تساعد هذا القطاع كي تتطور المشروعات فيه من المتناهية الصغر إلى صغيرة ومن صغيرة إلى متوسطة ليؤدي كل الأدوار الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة منه ولإحداث ربط بينه وبين باقي القطاعات على مستوى الحجوم.
وكشف الخليل في تصريح لـ«الوطن» عن تشكيل فريق كبير حصر جميع التراخيص والثبوتيات والإجراءات المطلوبة للترخيص أو البدء بأي مشروع في سورية، ومن خلال الجرد تبين وجود كم هائل من الاشتراطات والإجراءات التي تتطلبها الجهات المعنية تعاني خللاً كبيرة، فكل جهة تضع هذه الاشتراطات حسب وجهة نظرها، وقد يكون بعضها مطلوباً بجهات أخرى وبعضها الآخر غير ضروري، لذا تم رصد وتبويب تلك الإجراءات حسب أنواع المعاملات واستهداف المعاملات الأكثر تكراراً، وهناك ورشة عمل تقام حالياً لإعادة هندسة الإجراءات المتعلقة بإطلاق أي مشروع مهما كان حجمه ونوعه.
وأكد الخليل ضرورة أن تقوم هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدورها المتمثل بالربط مع مزودي الخدمات لتبسيط إجراءات الحصول على التمويل وتأمين ضمانات لذلك، ودعم أسعار الفائدة لتلك المشروعات كونها أولى من غيرها، فمصارف التمويل الأصغر تلعب دوراً مهماً في التمويل لذلك، لكن تصل أسعار الفائدة فيها لـ28 بالمئة، وهذا ما يؤدي إلى وأد الكثير من الأفكار، معتبراً أن أي تسهيلات تعطى لتلك المشروعات تعود بالنفع الكبير على الاقتصاد السوري فالرعاية أولاً ولاحقاً الجباية.
المدينة التكنولوجية
وزير الاتصالات والتقانة في حكومة تسيير الأعمال إياد الخطيب، أكد في كلمة له أن العالم يعيش حالياً ثورة الاتصالات والإنترنت، ويوجد الكثير من الدول تعتبر صناعة المعلومات والتكنولوجيات مصدراً رئيسياً من الناتج الإجمالي فيها، إذ تشكل صناعة التكنولوجيات 48 بالمئة من ناتج الدخل القومي، وقد استفادت من عدة ميزات أهمها وجود شريحة كبيرة فيها من الشباب المثقف، وفي عام 2006 بدأت الدول العربية بالتنبؤ بأهمية هذه الصناعة، إذ تم إحداث المدينة التكنولوجية في دبي والسعودية، لافتاً إلى أن سورية ليست بعيدة عن ذلك، إذ يتم العمل حالياً على المدينة التكنولوجية الخاصة بوزارة الاتصالات في منطقة الديماس، وستكون مدة هذا المشروع ثلاث سنوات، وذلك لتجميع الصناعات البرمجية في سورية بمكان قريب من هيئة تقانة المعلومات، وستكون مجهزة بالبنية التحتية الكاملة لجميع المصدرين والمصنعين، معتبراً أن هذا المشروع سيوجد لسورية مكاناً في مجال صناعة البرمجيات.
وحول إستراتيجية التحول الرقمي، أشار الخطيب إلى أنه تم العمل عليها لتكون متوافقة مع الإستراتيجيات الموجودة في الدول العربية والأوروبية، وتم وضع خطة لعام 2030 وتم البدء بها منذ عام 2021، وبعض الوزارات كانت سباقة في ذلك كوزارتي النقل والداخلية، لافتاً إلى أن الموارد موجودة ومفتوحة إلا أن المشكلة تتمثل في قلة وجود الكوادر المختصة لتقود عملية التحول الرقمي في الوزارات، لذا تم الطلب من وزارة التعليم العالي لحظ حاجات الوزارات من خلال الشهادات والمعامل التطبيقية، وقامت وزارة الاتصالات ببناء مركز التميز السوري الهندي في هيئة تقانة المعلومات وتم تخريج نحو 700 طالب متدرب مع شهادات تمكنهم من العمل بأي دولة في العالم، ومع ذلك لايزال هناك ضعف بالكوادر، معيداً إياه إلى فارق الأجور بين الداخل والخارج وبين القطاعين العام والخاص.
وفيما يخص بمشكلة العاملين بشكل حر، أكد الخطيب أنه اجتمع في السابق مع عدة عاملين بهذا المجال لبحث الصعوبات، لكن ما حدث أنه لم يتم التطرق حينها إلى إحداث تنظيم أو نقابة لهم، بل كانت الطروحات تتمثل بالسماح لهم بتقاضي أجورهم بالقطع الأجنبي وهذا ما يتعارض مع سياسة الحكومة السورية بموضوع ضبط التعامل بغير الليرة السورية، إضافة إلى مطالب أخرى غير قابلة للتنفيذ، مشيراً إلى أنه سيتم عقد اجتماع آخر بين «الفريلانسرز» وهيئة تقانة المعلومات للوصول إلى آلية جديدة للعمل ولتنظيم عمل التطبيقات، معلناً أن شركة أردنية ستفتتح قريباً في سورية وستقوم بتشغيل نحو 15 ألف عاملاً بشكل حر ليس فقط في سورية، وإنما في دول الخليج وبعض الدول الأوروبية، لافتاً إلى أن الوزارة بدأت عام 2020 بتنظيم التطبيقات وتم الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.
تأسيس جمعية
من جهته، طالب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة تسيير الأعمال لؤي المنجد، قطاع رجال الأعمال بتوسيع جهودهم بالتنظيم لنقل معاناتهم إلى الجهات الحكومية بشكل أوضح، لافتاً إلى أنه تم خلال الشهر الماضي تأسيس جمعية لصناع المحتوى، وجمعية أخرى للـ«الفريلانسرز» لبحث مشكلات هذا القطاع، علماً أن الوزارة تتعاون مع أي جهة تطلب تراخيص للعمل داخل سورية من حيث منحها تراخيص لمدة ثلاثة أشهر، داعياً إلى إحداث جمعية أو مؤسسة فاعلة لتكون صوتاً حقيقياً لقطاع الأعمال الحرة.
وأكد المنجد أن الحكومة غير معنية بتأسيس صناديق استثمارية، فهذا الأمر منوط بالغرف وجهات الأعمال التي يجب أن تؤسس صناديق استثمارية تتناسب مع أنشطتها، فلا يمكن لجهة واحدة حل المشكلات في سورية.
ولفت إلى وجود عدد لا بأس به من المنظمات غير الحكومية مرخصة تحت عنوان ريادة الأعمال أهم أهدافها إقامة الأنشطة التي من شأنها التعريف بريادة الأعمال، وهذا الأمر مهم وخاصة أنه لا يوجد تفريق بين المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وريادة الأعمال.
منصة لتقديم الطلبات
مدير الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات منهل جنيدي، أكد أن نسبة كبيرة من مشاريع ريادة الأعمال مختصة بتكنولوجيا منظومات الاتصالات والتطبيقات، وتعتمد على تكنولوجيا المعلومات لتنفيذ منتجاتها وخدماتها، لافتاً إلى أن الهيئة بدأت بتنظيم هذا القطاع منذ نحو العام تقريباً وكان يتم منح الموافقات الفنية فقط في المرحلة الأولى، لافتاً إلى وجود 6000 ترخيص لتطبيقات في سورية، وبإمكان صاحب أي تطبيق إما مراجعة مراكز الشركة السورية للاتصالات، أو من خلال المؤسسة السورية للبريد، لذا لا توجد أي صعوبة بتقديم الأوراق المطلوبة، كما تم إعداد منصة لتقديم الطلبات في حال تعذر الوصول إلى أي مركز معتمد بشكل شخصي، علماً أن هذه المنصة لا تزال في مرحلة التجريب، وبإمكان المستخدم معرفة المرحلة التي وصلت إليها أوراقه.
رؤية واضحة
من جهتها، بيّنت مديرة هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ثريا إدلبي أن تمكين المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة يتطلب وجود رؤية وسياسة واضحة للفئات المستهدفة، ومعرفة المعايير التي يستند إليها الدعم المقدم، لافتة إلى أن مفهوم ريادة الأعمال يتناسب مع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر لأن رائد الأعمال هو شخص لديه فكرة قد تكون مبتكرة وتؤدي إلى إقامة مشروع، لذا فإن الهيئة قدمت السياسة العامة لتنمية تلك المشروعات إيماناً منها بأن رواد الأعمال حامل أساسي للتنمية في سورية، وهناك اهتمام كبير خلال المرحلة الحالية بإيجاد برامج داعمة لهذه البرامج الابتكارية
سيرياهوم نيوز١_الوطن