الدكتور خيام الزعبي
يقال إن لم تستح فافعل ما تشاء، وهكذا هو النظام الأمريكي، يتحدث عن محاربة الإرهاب فيما لا زالت أمريكا تحتل أجزاء من الأراضي السورية، وتتواجد عسكرياً في أجزاء من سورية، لحماية الجماعات الإرهابية، كما تحتفظ بأقوى العلاقات مع الكيان الصهيوني الإرهابي، في إطار ذلك تعتبر أمريكا هي الرئة التي تتنفس منها الجماعات المسلحة وتحصل على الدعم الذي هو عامل قوة كبيرة بالنسبة لهذا الجماعات الذي يمنحها الاستمرار في المنطقة.
تناسى الرئيس ترامب، التحديات التي تواجه بلاده أمريكا، وشرع في تزوير الحقائق وبث الأكاذيب والافتراءات، متجاوزاً كل “الخطوط الحمراء”، فلم يلتزم بتنفيذ تعهداته بالقضاء على التنظيمات الإرهابية، ويستمر بدعم تنظيم داعش وأدواته، في هذا الإطار رهنت أمريكا مجمل نشاطاتها الدبلوماسية والإستخباراتية والإعلامية والمالية على مدى سنوات الأزمة السورية بمشروع إسقاط الدولة السورية كبوابة دخول للهيمنة على المنطقة بأكملها.
لذلك لا يختلف إثنان على أن هناك مطامع أمريكية في سورية، والتي تعمل على تحقيقها بالإستعانة ببعض الدول والأنظمة الحليفة مثل إسرائيل ومعظم الدول العربية والتنظيمات المتطرفة، ربما أن هذه الحقيقة هي من البديهيات التي يبنى عليها أي تحليل لما يجري في سورية اليوم. فالأحداث التي تشهدها سورية لعبت الإدارة الأمريكية دوراً رئيسياً في صناعتها وتطويعها لصالحها ولصالح حلفائها، تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش .
لذلك أوجدت أمريكا حليفين “الكردي والتركي” في شرق وغرب الفرات، لخلق بيئة اللعب بالمتناقضات ولتحقيق مكاسب كبيرة من أجل إضعاف الدولة السورية والضغط عليها في أي محادثات مقبلة، وأن تكون هناك ورقة ضغط على روسيا، وعلى علاقة الحكومة السورية مع إيران والتحكم في الموارد النفطية هناك لتكون هي المسيطرة على كل هذه الموارد.
على خط مواز، إن عودة المقاومة الشعبية في الواقع الراهن هي عودة الروح للجسد السوري المدمى ، المقاومة الشعبية التي انطلقت من أهداف وطنية خالصة هي آخر الآمال وتطلعات السوريين نحو التحرر، ومن هنا المقاومة الشعبية تظهر من الحين للأخر وتستهدف القواعد الأمريكية في حقل العمر ومخيم الركبان شمال شرقي الحسكة، وغيرها من المناطق، ولهذا من المتوقع أن تقرر أمريكا يوماً ما الانسحاب من سورية، لا سيما وأن الرئيس الأمريكي أعلن أكثر من مرة أنه سوف ينسحب من سورية وأنه لم يحقق أي شيء.
في الإتجاه الآخر، يعرف ترامب أنه في ورطة كبيرة لا يستطيع أن يمنع الجيش السوري من تحرير المنطقة من عصابات الإرهاب وفي نفس الوقت يدرك عواقب فشله في سورية، ويعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على قواته المتواجدة فيها وفي المنطقة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة ، بالتالي سيبتلع ترامب مرغما ما تلقاه من هزائم حتى الآن، وسيتقبل بحدود الدور المقرر له بعد التطورات الميدانية في سورية، كما يعرف أن القادم أصعب بالنسبة له كونه يدرك أن التراجع في سورية يعنى الهزيمة الصعبة التي وصلت إليها مغامراته في سورية.
في هذا السياق نؤكد للرئيس ترامب وكل من إستخدم الوسائل الداعشية لتنفيذ الأعمال الإجرامية في سورية، أن حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر، وأن كيدهم سيرتد إلى نحورهم، وكما يبدو أن هؤلاء المراهنين لم يعرفوا طبيعة الشعب السوري وسايكولوجيته الاجتماعية، فالشعب السوري يرفض الإملاءات الخارجية عليه، ويرفضون الذل والمهانة والخنوع، وبالتالي إذا كانت واشنطن جادة في القضاء على الإرهاب، فلتتجه أولاً إلى المصدر المغذي للإرهاب في الفكر والمال والرجال وكل أنواع الدعم الأخرى، ومن هذا المنطلق فإن داعش وأخواتها صنيعة أمريكا، بل إن إيجادها يأتي بهدف تحقيق الأطماع الأمريكية في سورية.
وأخيراً أختم بالقول: إن هذا المشروع الدخيل على الأرض لم ولن يحقق مبتغاه، لأنه ببساطة يتصادم مع أولويات الحرية التي يعشقها السوريين ولأجلها ضحى الآباء والاجداد بالغالي والنفيس، ويواصل الأبناء اليوم يضحون لاستكمال التحرر وإسقاط المشروع التوسعي الأمريكي بطرق جديدة تجمعها حقيقة واحدة مفادها إن طال الزمان أو قصر فإن هذا المشروع محكوم عليه بالفشل والرحيل.
موقع أخبار سورية الوطن 2_راي اليوم