آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » سورية وهويتها البصرية

سورية وهويتها البصرية

 

احمد رفعت يوسف

لن ادخل، في تفاصيل الصورة البصرية، لسورية الجديدة..
فمهما اتفقنا أو اختلفنا، فكل هذه الرموز، من تاريخ سورية العريق..
ولا يهمني أن يكون الرمز، صورة النسر السوري، أو الشاهين، فكلاهما من طيورنا الحرة.
وكلامي هذا، ليس إلا من باب الحرص على سورية المستقبل، ولأن تكون صورتها جميلة وبهية، كما نتمناها ونريدها جميعاً.
فصورة سورية الجديدة، ليست مجرد رموز – على أهميتها – وإنما تتكون من رؤيتنا لصورتها بكل تفاصيلها، وفي مقدمتها، النظرة إلى الإنسان السوري، والذي هو أهم وأعظم وأجل ثرواتنا، وأثبت التغريبة السورية، والتهجير واللجوء القسري للسوريين، بأنهم من أعظم شعوب العالم، حضارة، وعلماً، وفكراً، وثقافة، وقيماً نبيلة.
وهنا لا بد من التنبيه، إلى أن صورة أخرى موازية، تتشكل وتترسخ في الأذهان، في الداخل والخارج، أكثر قوة وتأثيراً، من الرموز والصور، التي نريد تصديرها لسورية المستقبل.
لن أرجع كثيراً إلى الوراء، وسأكتفي هنا بما شهدناه قبل أيام قليلة، من حفل إعلان الهوية البصرية لسورية الجديدة، وفيها الكثير من التفاصيل، والمعاني والدلالات..
** شابان يجمعان الغار، الذي نفخر به، كرمز من رموز سورية، لمجرد جمع ثمن الخبر، الذي أصبح عزيزاً، عند شرائح كبيرة من السوريين، ويقتلان بدم بارد.
** شابان يقطفان أوراق العنب – وما أدراك ما العنب، في وجدان السوريين عبر التاريخ – وحالهم كحال شهداء الغار، يريدان فقط جمع ثمن الخبز، فتم قتل أحدهما، والآخر بين الحياة والموت، والمحزن أكثر، أن الجريمة تمت، وأهل الضحايا، كانوا يحضّرون القهوة، لضيافة المجرمين.
** تفجير كنيسة الدويلعة، الارهابي الذي ادى لسقوط عشرات الشهداء والجرحى الأبرياء
** تمثال يتم تحطيمه، في حديقة سعد الله الجابري، وقبله أبو العلاء المعري، وتماثيل كثيرة تم تحطيمها.
وهنا سنسأل كل المعنيين، بتصدير صورة سورية الجديدة، من قيادات، وفنانين، ونخب اجتماعية، وثقافية، وفكرية، عن أي هوية بصرية ووطنية، تترسخ أكثر في وجدان السوريين في الداخل، وأي من الصورتين، تأخذ طريقها، لترسم معالم سورية الجديدة، في الخارج؟.
بالتأكيد، لا أعتقد أن هناك صعوبة في الجواب، بأن الصورة الموازية، هي الأكثر تأثيراً وترويجاً وترسيخاً.
هذا يؤكد، بأننا بحاجة، لأكثر من الصورة البصرية..
فكم هو جميل، أن نستطيع رسم صورة سورية، التي عرفت عبر التاريخ، بأنها أرض الديانات، والأنبياء، والرسل، والمدارس الفكرية والفلسفية، وهي التي علمت العالم، الكتابة، والموسيقا، والفنون، والزراعة، والألعاب الأولمبية، التي خرجت من ملعب عمريت، قبل اليونان بألف عام، ومنها أبولودور الدمشقي، أعظم مهندسي البناء عبر التاريخ، وبابيان الحمصي، أعظم حقوقيي العالم، والمحامية الأولى تيودورا المنبجية، وزنوبيا التدمرية، ومنها أيضاً المسيح السوري، وبطرس، وبولس، ومعاوية، الذي لم يجد متسعاً لدهائه، إلا من عرش دمشق.
لا أخفيكم، أنني كنت أتمنى، أن يكون الرمز لسورية الجديدة، هو طائر الفينيق، الذي يلخص قصة سورية عبر التاريخ، التي لم تستطع، أعتى قوى الأرض، أن تلغيها أو تمحو هويتها، وأنا على ثقة، بأنها لن تكون هذه المرة، خارج هذا المسار التاريخي، وستخرج من بين الرماد، والحطام والألم، وهي أكثر قوة، وشباباً، وتطوراً، وجمالاً، مما كانت.

 

 

(اخبار سوريا الوطن ٢-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لماذا ندرس التاريخ؟ من القرائن المادية إلى صراع الذاكرة

  د. سلمان ريا لم يعد سؤال “لماذا ندرس التاريخ؟” ترفاً فكرياً أو درساً مدرسياً مكروراً، بل أضحى سؤالاً فلسفياً وسياسياً من الطراز الأول. فالتاريخ ...