نيفين عيسى:
الأيدي التي تعطي بلا كلل أو ملل، اعتاد أصحابها أن يكونوا أنموذجاً للسوري الذي يُدرك جيداً معنى العطاء في مختلف مراحل العمر.
في محطة لغسيل السيارات تستوقف المرء رؤية العم أبوحسان، والذي تركت سنوات العمر السبعون أثرها على محياه الباسم طوال الوقت، وهو يُصرّ على العمل في المغسل من العاشرة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، يُشارك ابنه في هذه المهنة التي يرى أنها مصدر دخلٍ للأسرة ووسيلة تربطه بالحياة والمجتمع، يأخذ أبوحسان قسطاً من الراحة على كرسي قرب باب المغسل ويشير إلى أن رؤية المارّة في الشارع والبقاء على تواصل مع الآخرين يمنحه العزيمة والإحساس بأهمية وجوده.
غازي خضور متقاعد يعمل بائع يانصيب مقابل سوق الحريقة منذ خمسة عشر عاماً، عمره تسعة وستون عاماً، ولايعتمد على أحد في إعالته، بل يُنفق على أبنائه ومستمر طالما أن صحته بخير، يقول إن في الحركة بركة، فالمكوث بالبيت يجلب المرض.
خضور يجد أن عمله يسمح له برؤية أصدقائه ومعارفه، وعندما ينتهي من عمله اليومي يعود بدراجته إلى منزله في منطقة المعضمية.
أم وليد تحرص على التواجد أمام (بسطة لبيع الخضار) منذ ساعات النهار الأولى في منطقة نهر عيشة، ولا تحول سنوات عمرها التي تجاوزت الخامسة والستين دون مواظبتها على العمل خلال الصيف والشتاء، وتستعين بحفيدها في حساب مبالغ البيع، بيّنت أن الزبائن يأتون ليشتروا منها من عدة مناطق و يثقون بالتعامل معها لأن أسعارها معتدلة وتبيع الأنواع الجيّدة من الخضار.
عُمر القاضي عمره واحدٌ وثمانون عاماً، يعمل نجار بناء إضافة إلى عمله كدلّال للبيوت، ورغم أن مهنته تحتاج للسير بشكل يومي لمسافات طويلة أحيانا فهو يعمل للاستدلال على محاضر ما يكلفه الكثير من الوقت، ويؤكد أنه يعمل لينفق على أسرته المكونه من ثلاثة وعشرين شخصاً من أبناء وأحفاد.
هي إرادة الحياة والعزيمة التي تجعل العمل هدفاً وليس وسيلة فقط، حيث عُرف عن السوريين تمسكهم بالحياة التي تحفل بالعطاء وتمجّد اليد التي تغرس الأمل في نفوس الأجيال المتعاقبة
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة