بقلم – معد عيسى:
بعد دراسة مستفيضة لوضع الآليات الحكومية المخصصة يبدو أن الحكومة أدركت أن هذه الآليات تحولت كثير منها إلى هياكل محطمة لا يليق شكلها بمؤسسات حكومية لها عراقتها، وإذا كان بالإمكان قراءة الفقر من المظهر الخارجي فإن مظهر السيارات الحكومية يشي بالعوز والبؤس مع مشاهد السيارات الحكومية المقطوعة على الطرقات العامة، قبل أن تحسم الحكومة أمرها في إعادة آلياتها المخصصة إلى خطط الصيانة المدفوعة يجب أن تُكمل خطوتها لأن المخصص بهذه السيارة أصبح أكثر بؤساً منها بعد أن أكلت كل دخله، وعلى ما تقدم فلا يُعقل اليوم أن تكون مخصصات السيارة الحكومية أقل من تعبئة السيارة لمرة واحدة تكفي لعشرة أيام وعلى المخصص بها أن يتكفل ببقية الشهر على نفقته الخاصة أو أن يجد مخرجاً للنفقات والصيانة معاً بطرق غير مشروعة نرى نتائجها اليوم في جهاتنا العامة .
تخفيض مخصصات الآليات الحكومية وعدم النظر ببدل تعويض الصيانة للمخصصين بها أضر بهيبة المؤسسات التي تتبع لها هذه الآليات ودفع الكثير من راكبيها للبحث عن بدائل في هذه المؤسسات فأصبح حال المؤسسات حال موظفيها وسياراتها ينخرها الفساد والخسائر المتراكمة.
إيقاف خطط الصيانة والتجديد في المؤسسات العامة أضر بها وستحتاج هذه المؤسسات إلى أضعاف ما تم توفيره لإعادة الصيانة بعد أن تشققت الجدران وتسربت المياه من الحمامات وتآكلت الأسقف وتكسر الأساس ولم يبق شيء جديد سوى كاميرات المراقبة التي تربط كل مفاصل المؤسسة بمكتب رئيس الهرم باعتبار أن أول اهتماماته معرفة ما يجري في المكاتب وليس ما تقدم مؤسسته وما يحيط بها من أخطار أمنية .
لا أحد يطالب بأكثر من الممكن لبقاء الأمور في أبسط حالاتها وفي أدنى مستوياتها وبشكل معقول ولن يؤثر ذلك على الميزانيات بل سيضاعفها ويحسن مستوى العمل، فكيف سيعمل موظف دون تدفئة ودون مواصلات بغياب البدائل أو استحالتها لارتفاع التكلفة، وكيف سيعمل الموظف بغياب أبسط متطلبات العمل؟
البلد صمد بمؤسساته العامة التي وفرت على الأقل الحد الأدنى من الاحتياجات ولن يعود إلى قوته ما لم تعد مؤسساته قوية متماسكة تعطي الشعور بالفخر والانتماء للعاملين بها.
التكلفة التي تتحملها الجهات العامة في هذا النطاق ستعود أداء وخدمات وناتجاً مضاعفاً للبلد ولكن يبدو أنه في زمن الجيل الخامس من الاتصالات ما زالت سياراتنا ورواتبنا محسوبة على الخمسة أيام الأولى من كل شهر .
(سيرياهوم نيوز-الثورة١٨-٤-٢٠٢١)