نبوءة فيها الكثير من القسوة، لكنها صريحة بلا مهادنة، قالها الموسيقي طاهر مامللي، في لقاء مطول، تناول أحوال الفنون العربية، والموسيقا بشكل خاص.
لنحسبها رياضياً، فمعظم أبناء الجيل اليوم، يميلون لأغاني الراب المعربة، وأغاني الكراجات والضجيج المناسبة لـ”الدي جيه”، وبعد عشر سنوات من اليوم، سيتصدر أولئك المشهد، بذائقة لا تمتلك فيها فيروز حصة كبيرة، كما كان الأمر عند الجيل السابق!. فمن سيستمع لفيروز فعلاً، بعد عشر سنوات؟.
حصة فيروز في الذائقة كانت تتراجع كل عشر سنوات، ولو أن هناك إحصائيات ومؤسسات قادرة على قياس الأهواء، لأمكنها توقع تلك النتيجة، التي تخفي خلفها الكثير من الأهوال والكوارث، وهي ليست متعلقة بفيروز تحديداً.
إذا كان حال فيروز كذلك بعد عشر سنوات، فما هو حال الأغنية السورية، غير الموجودة أصلاً على الخريطة؟ وبالأحرى لماذا تمكنا على صعيد الدراما من حجز مساحة ضخمة من الجغرافيا العربية، في حين خسرنا كل العقارات المتعلقة بالأغنية السورية، وصرنا نتراجع، حتى دخلت الأغنيات الهابطة إلى عقر بيوتنا؟.
القضية بالطبع، مرتبطة بالقوننة والأموال. ولو أننا نمتلك شركات إنتاج للأغنيات أسوة بالدراما، لانقلب الأمر جذرياً، لكن من سيستثمر في صفقات، غير محكومة ببنود، ونسبة الخسارة فيها مرتفعة؟.
حققت الأغنية السورية، بجهود فردية، على مواقع السوشيال ميديا، حضوراً كبيراً، بغض النظر عن سوياتها الفنية، من حيث الموسيقا والصوت والكلمات. فمنذ أيام، تمكن مطرب سوري شاب، من حصد أكثر من 20 مليوناً من المتابعين خلال ساعات من نشر أغنيته. فلماذا تمكن فرد من تحقيق إنجاز عجزت عنه المؤسسات؟.
الأغنية لا تعني الأغنية، بل هي رمز لما هو أخطر وأشد. إنها الذائقة التي يتم تشويهها كل يوم بشكل ممنهج من دون أن نشعر، ومن غير أن نتمكن من فعل شيء. فالأغنية السورية تواجه الانقراض، في منطقة غنّى فيها الإنسان القديم أغنياته الأولى، أثناء الحصاد والحراثة والإبحار. لماذا يبدو كل ذلك عاجزاً عن إنقاذ الأغنية السورية، واستعادة مجدها الآفل؟.
لماذا نجحنا في الدراما، وفشلنا في الأغنيات؟ سؤال صعب، لكن الإجابة سهلة. فلتفعلوا للأغنية ما فعلتموه للدراما، وستتكفل حناجر سورية، بإكمال الباقي!.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين